عام دراسي يتواصل.. وتحديات بلون مختلف

نطمع كآباء أن نكون متقدمين ولو بخطوة واحدة أمام الأبناء في موضوع التعلم

علاقة أبنائنا بـ«الميديا» (الشبكة العنكبوتية، وشبكات التواصل الاجتماعي) علاقة أصبحت شبه يومية، ومع بداية العام الدراسي الجديد تزيد تحديات الآباء والأمهات تجاه هذه العلاقة، فقد أصبح من شبه المستحيل قطع مثل هذه العلاقات ما بين عالم الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والأبناء، بل أصبحت الدراسة تتطلب في الكثير من الأحيان الدخول لهذا العالم، فالرسائل المدرسية والواجبات اليومية والمشاريع الدراسية أصبحت تعتمد بشكل أساسي على التواصل مع شبكة الإنترنت، إلى جانب أن العلاقات الاجتماعية والصداقات ما بين القرناء أصبحت تعتمد بشكل يومي على شبكات التواصل الاجتماعي.

ومن هنا أخذ مفهوم التربية شكلاً أوسع، وأصبحت تحديات الوالدين أكبر، وبالرغم من أن التحدي كبير فالحل بعد الاستعانة بالله يكمن في كلمتين «القدوة»، و«الوازع الديني»، وفي ظل تلك الكلمتين، سنبني إستراتجيات توجيه الأبناء للتعامل مع الأجهزة الذكية والشبكة العنكبوتية، مع ملاحظة أن لكل فئة عمرية طريقة معينة للتعامل، وعلى أولياء الأمور أن يتخيروا ما يناسب أبناءهم وتوجهاتهم عند تطبيق هذه الإستراتجيات.

إستراتجيات توجيه الأبناء

1- إنْ كان عمر لا يرانا.. فرَبُّ عمر يرانا:

كانت وما زالت القصة الوسيلة الفعالة في التربية، وخاصة للأبناء الصغار وحتى الكبار، إذا ما صيغت بالشكل المناسب، فزرع الوازع الديني في النفوس، وزرع مراقبة الله عز وجل في ضمائر الأبناء، يحتاج منا الكثير من العناية؛ لأنه الأساس في المراقبة الذاتية للإنسان، فنحن – كبشر وكوالدين – مهما فعلنا لنراقب الأبناء فلن نستطيع، بل سنظهر في شكل الشخص المتجسس والمشكوك في أمره؛ مما قد ينزع الثقة ما بين الوالدين والأبناء، والموروث القصصي لدينا يحتوي على الكثير من القصص التي تتخذ مراقبة الله محوراً أساسياً لها، ومع الأطفال الأكبر سناً ممكن أن نبدأ معهم التعريف بأسماء الله الحسنى والتي منها الرقيب، كما أن كلمة «إن الله يرانا» لها مفعول السحر في الكثير من المواقف. 

إن استشعارنا نحن كوالدين بمراقبة الله لنا وتطبيقها بشكل عملي أمام الصغار سيُنشئ فيهم هذا الوازع، وسيطبقونه بشكل طبيعي في حياتهم الخاصة والعامة، ولنكن على علم أن أبناءنا لديهم من المقدرة والذكاء ما يمكنهم من إدراك ما نقوم به، وما نتعامل مع الآخرين على أساسه، حتى وإن حاولنا أن نخفيه بشكل أو بآخر، وأن لديهم هم أيضاً طرقهم لوضعنا تحت المجهر، واكتشاف أخطائنا، فليس هناك داعٍ للتظاهر والتمثيل، فعند الصغار الأمور واضحة، وإن لم يصرحوا بذلك، فالحذر من استغفالهم والتصغير من شأنهم، فنحن نرسم الخطوط الرئيسة في حياة إنسان نطمع أن يضيف الكثير في الحياة المستقبلية. 

2- سباق التسلح:

نطمع كآباء أن نكون متقدمين ولو بخطوة واحدة أمام الأبناء في موضوع التعلم، مع إن سباق التسلح بالعلم في موضوع الأجهزة الذكية والشبكة العنكبوتية بالنسبة لنا كآباء موضوع شائك وصعب نسبياً، فلقد سبَقَنا فيه الأبناءُ بمراحل، ولكن هذا لا يمنع من المحاولة، فإذا أردنا أن نراقب ونوجِّه ونقوِّم لابد من المعرفة الحقة بالموضوع الذي نريد أن نبتَّ فيه، فلا مانع من أن نتعلم، وتكون لنا حسابات شخصية في «الفيسبوك»، و«الإنستجرام»، و«السناب شات»، ولا يوجد ما يمنع أن نسأل الصغار، ونتعلم منهم ونصادق أصدقاءهم، فكما كنا نحرص دائماً على أن نتعرف على أصدقاء الأبناء في الحياة العادية، ونتعرف على عائلاتهم، لابد أن نتعرف على أصدقاء الصغار على الشبكة العنكبوتية؛ لنشارك الصغار الألعاب على «الآي باد»، وتكون لنا السلطة التامة في تنزيل البرامج المختلفة عن طريق بطاقاتنا الخاصة البنكية، لنتعلم أيضاً كيف يمكن أن نساعدهم علمياً في دراستهم وأبحاثهم عن طريق الإنترنت، فهذا من شأنه أن يقوي الترابط الأسري، كما أنه فرصة لإيجاد رابطة خاصة مع الأبناء. 

دعهم يشعرون ببعض التفوق عليك حينما يشرحون لك بعض البرامج، اسأل وناقش ودعهم هم من يقيِّمون البرامج المختلفة والمواقع الكثيرة، امنحهم الفرصة ليضعوا يدهم على مواطن الصواب والخطأ، ويقيِّموا استفادتهم من استخدامهم لتلك التقنيات الحديثة. 

3- طاولة المناقشات:

عندما تكون قنوات الحوار مفتوحة مع الأبناء يسهل التوجيه والتفاهم، وعندما يكون التفاهم موجوداً ستكون أنت – عزيزي ولي الأمر – أول من يلجأ إليه الصغار لبثِّ ما يقلقهم، أو عندما يحتاجون إجابات لأسئلة تشغلهم، ومن هنا يبدأ توجيهك لهم بألا يقدموا أي معلومات تخصهم لأي شخص على الشبكة العنكبوتية، أو يقوموا بإرسال صورهم الخاصة لأي شخص، وجِّههم ألا يقوموا بالإجابة عن أي اختبارات شخصية تقدَّم إليهم مع وعود بالفوز، وضع أوقاتاً معينة لاستخدام الهواتف الذكية والحاسب الشخصي، يجب على الأبناء أن يدركوا حقيقة مهمة؛ وهي أن أي شخص موجود في مواقع التواصل الاجتماعي هو شخص غريب مهما اعتدنا قراءة صفحته أو تتبعنا أخباره، فسيبقى شخصاً غريباً، ويجب التعامل معه ضمن هذه الحقيقة كما نتعامل مع الأشخاص الغرباء عنا في واقع الحياة. 

عزيزي ولي الأمر، قد تبدو لك المهمة صعبة، ولكن بالحب تسهل المهمات، وبحبنا لهؤلاء الصغار ودعواتنا لهم بالصلاح والهداية تكون الحياة أكثر متعة وإن كبر التحدي. 

{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ “15”} (الأحقاف).

Exit mobile version