مسلمـو آراكـــان أقوى تحدٍّ في وجـــه الحقوقيين

قبل صدور ميثاق الأمم المتحدة لم يكن هناك اهتمام دولي بارز بقضية حقوق الإنسان، حيث ربما لم يكن يشعر العالم بأهمية مثل هذه القضايا،ففي عهد عصبة الأمم لم تحظَ قضية حقوق الإنسان بالاهتمام المأمول سوى اتفاقيات دولية في إطار منظمة العمل الدولية، والاتفاقيات الدولية التي تحظر الرق، وغيرها من الاتفاقيات التي نظمت قوانين وأعراف الحرب «لاهاي – جنيف»، وكان ذلك نابعاً من تأثير الحرب العالية الأولى. 

إلا أن ما حدث خلال الحرب العالمية الثانية، وما شاهدته البشرية من ويلات الحرب التي خلفت وراءها ملايين الضحايا؛ ظهرت الحاجة قوية لصياغة حقوق الإنسان على أساس قانوني، ورفع مكانتها القانونية في العلاقات الدولية، وفي أول يناير 1942م وقع ممثلو 26 دولة إعلان الأمم المتحدة الذي جاء فيه: «الدفاع عن الحياة والحرية والاستقلال والحرية الدينية وضمان حقوق الإنسان والعدالة البشرية في بلادهم وسائر البلاد».

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

وكانت الانطلاقة الحقيقية في 26 يونيو 1945م في سان فرانسيسكو، حيث تم الإعلان عن «وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، والتي كانت ثمرة الجهود الدولية المبذولة، وقد جاء في ديباجة وثيقة الإعلان التأكيد على مسؤولية أعضاء المنظمة الدولية على «إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف»، كما أكد ميثاق الأمم المتحدة إيمان شعوب الأمم المتحدة «بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية»، وعلى بيان «الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي»، وذلك بغرض الدفع «بالرقي الاجتماعي قدماً»، ورفع «مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح»، ولتحقيق هذه الغايات عزموا على «أن نأخذ على أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار». 

وفي هذه الأيام يحتفل العالم بذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، في ظل محن وبقع داكنة في ثوب النظام العالمي بمؤسساته ودوله؛ وذلك لما نشهده من انتهاكات صارخة لأبسط حقوق البشر والتي تعارفوا عليها تقليدياً قبل أن يوثّقوها ويوقعوا عليها. 

ولعل أبرز تلك المشاهد المؤلمة التي تجعل مواثيق حقوق الإنسان ومؤسساته في تحدٍّ كبير لمدى المصداقية في الطرح والقدرة على تحقيق هذه المبادئ التي تقشعر لها مشاعر البشر. 

آراكان المظلومة

وها نحن نحتفل بذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان؛ حيث يوجد في بورما أكثر من نصف مليون لاجئ ومهجر فروا بأرواحهم خوفاً من القتل، وها نحن في بورما وتحديداً في منطقة آراكان نجد أبشع أنواع الانتهاكات لمبادئ حقوق الإنسان، بل عدم احترام من قبل السلطة الحاكمة هناك لما يصدر عن المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان من قرارات.

ففي الوقت الذي تدعو فيه الأمم المتحدة السلطات الحاكمة في ميانمار لمنح حق الجنسية لأبناء أقلية الروهينجيا المضطهدين – على حد وصف المنظمة الأممية – فإن رد فعل حكومة ميانمار كان رفض فكرة منح الجنسية لأقلية الروهينجيا على أراضيها، وقال المتحدث باسم الرئاسة «يي هوت»، على صفحته على «فيسبوك» التي يستخدمها للردود الرسمية: «لا يمكننا منح المواطنة للذين لا يتوافق وضعهم مع القانون أياً كانت الضغوط.. هذا يعود إلى سيادتنا»!

هنا لابد أن نقف لنقول: إن معايير حقوق الإنسان لن تكون ذات قيمة إلا عندما تصبح واقعاً يعاش ويطبق دون تفرقة لأصل أو لون أو دين أو عرق أو جنس؛ عندها ستكون الساحة مهيأة للتعايش الحقيقي والانتقال من مرحلة الصراع إلى الوفاق. 

 

Exit mobile version