ملامح اتفاق فلسطيني (عباس) صهيوني جديد.. يعطي الأمن للاحتلال ويُسقط حقوق الفلسطينيين!

ينبغي ألا نفاجأ إذا سمعنا في الأشهر القليلة القادمة، عن تحديد موعد للإعلان عن اتفاق فلسطيني صهيوني جديد، ينهي المفاوضات التي انطلقت منذ شهر يونيو 2012م، والتي عُقدت منها إلى أواسط شهر يناير 2013م ست عشرة جلسة تفاوضية في القدس الشرقية.

 

الحديث عن التوصل إلى اتفاق فلسطيني صهيوني جديد لم يعد سراً، فقد رشحت تفاصيل كثيرة عنه، وسربت معلومات مهمة، كما أن الأجواء السياسية الإقليمية والدولية تسمح بذلك، يقابله صمت رسمي فلسطيني من الطرف المفاوض.

هناك عدة عوامل تدفع إلى الاعتقاد بأن اتفاقاً فلسطينياً صهيونياً سيبصر النور قريباً، أهمها:

1- تصميم الإدارة الأمريكية بشخص الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» على إنجاز اتفاق فلسطيني صهيوني، ينطلق من رؤيته لحل هذا الملف الصعب، وقد أفصح عن ذلك عدة مرات، منها كلمته في مدينة القدس المحتلة في شهر مارس الماضي.

2- رغبة الإدارة الأمريكية في تهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط، والتوجه لمعالجة قضايا اقتصادية وعالمية مهمة.

3- نجاح الإدارة الأمريكية في إيجاد حل لملف السلاح الكيماوي السوري، وللمف النووي الإيراني، ووجود مؤشرات قوية على علاقة ذلك بتسوية شاملة لملفات المنطقة المرتبطة أساساً ببعضها، وعلاقة ذلك بالتوافق على مواقع النفوذ وإدارة الصراع، وحفظ مصالح أطراف على حساب أطراف أخرى.

4- قيام وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» في الأشهر القليلة الماضية بتسع زيارات للمنطقة، ما يؤكد إيلاء ملف المفاوضات أهمية كبيرة.

5- تعيين الإدارة الأمريكية الجنرال «جون ألان» يساعده 160 خبيراً أمريكياً، حيث قام خلال الأشهر الماضية بدراسة الأوضاع الأمنية الفلسطينية الصهيونية والاحتياجات، وحدد نقاط المخاوف المتبادلة، ووضع خرائط للانتشار الصهيوني الآمن الذي يسمح بحفظ مصالح  الكيان وتبديد مخاوفهم، وأعطى الفلسطينيين مناطق بديلة.

6- التوقيع على اتفاق فلسطيني صهيوني أردني قبل أسبوعين حول ربط البحرين الأحمر والميت، وهو مقدمة لاتفاق أوسع.

ماذافيالاتفاق؟

مطلب المفاوض الفلسطيني من المفاوضات – كما هو معلن – انسحاب الكيان إلى حدود عام 1967م، وإعلان دولة فلسطينية في القدس الشرقية، غير أن هذا المطلب مستحيل التنفيذ، بسبب الكتل الاستيطانية الضخمة والمصالح الأمنية الصهيونية والجدار العازل، ومجموعة من الوقائع الميدانية التي تعوق ذلك.

وكلما رفع «عباس» مطالبه تلك، كان «نتنياهو» يطالب بالاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني، وذلك بهدف إحباط مطلب الدولة الفلسطينية والضغط على «عباس» وإعاقة المفاوضات.

لكن الجهد الأمريكي المتواصل أوجد سيناريو للاتفاق أصبح شبه جاهز، وهذا السيناريو لم يأخذ بمطالب الفلسطينيين الأساسية حول إعلان الدولة وكامل القدس الشرقية، واتصال الأراضي الفلسطينية ببعضها وحق العودة، كما أنه لم يأخذ كامل المطالب الصهيونية، لكنه تمسك بمبدأ الأمن للكيان، وعمل على أن يكون جوهر الاتفاق هو حفظ المصالح الأمنية للاحتلال وليس إعطاء الفلسطينيين حقوقهم.

أهم ملامح الرؤية الأمريكية للاتفاق: الإبقاء على الجيش الصهيوني في منطقة الأغوار التي تفصل الضفة الغربية عن الأردن، السيطرة الكاملة على الحدود هي للصهاينة، الكيان الفلسطيني سيكون منزوع السلاح، السيطرة الصهيونية كاملة على الأجواء والمياه والمعابر، بقاء المستوطنات، إقامة قواعد إنذار في المناطق الحيوية.

وحتى ندخل في قلب التفاهم أكثر، ننقل عن وثيقة نشرها «معهد القدس للشؤون العامة والدولة»، تقول الآتي:

يبدو أن رئيس الوزراء الصهيوني منح خطة «كيري» موافقته الأولية؛ الأمر الذي عزز الانطباع بقرب ولادة خطة أمريكية – دولية لإحداث تغيير جوهري في مسار القضية الفلسطينية.

ويبدو أن العاصمة الأردنية عمان بصدد تطورات اللحظات الأخيرة، حيث تحادث العاهل الأردني الملك «عبدالله الثاني» مع الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» مؤخراً وأبلغه بالتفاصيل.

ويفترض في البيان أن يعلن الطرفان التوصل إلى تفاهمات حول القضايا الجوهرية، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر «جنيف 2» الذي سيتوج بمقايضة ملفي النووي الإيراني والشـأن السوري، والاتفاق الفلسطيني الصهيوني، ملمحاً إلى ضرورة أن يحمل معه من «عباس» و«نتنياهو» عند عودته «كلمة نعـــم» القاطعة بشأن القرارات المبدئية الصعبة والدراماتيكية حول خطة السلام الأمريكية.

وتتضمن الخطة المذكورة بقاء السيطرة الصهيونية على المواقع العسكرية الحالية في غور الأردن لعشر سنوات قابلة للتجديد، بدلاً من العشرين سنة التي أعلن عنها سابقاً.

وإقامة محطات للإنذار المبكر على قمة جبل العاصور في الضفة الغربية وهو ثاني أعلى قمة بعد جبل الشيخ، واحتفاظ الكيان بحق الرفض والمساءلة بشأن أي دخول أو عبور من خلال المعابر مع الأردن (وفق ما كانت قد تضمنته وثيقة «عباس بيلين» الشهيرة)، إضافة إلى تسيير دوريات مشتركة على طول نهر الأردن.

كما يتضمن الشق السياسي من الاتفاق نصاً التفافياً يعطي الكيان الصهيوني الحق في التسمية التي يريدها هو لـ«دولته» أسوة بغيره من من كافة الدول، الأمر الذي يحمل اعترافاً ضمنياً بيهودية دولة الاحتلال، واعتبار البلدة القديمة من مدينة القدس بحدودها المنصوص عليها في اتفاق «عباس بيلين» دولية، وامتداد مناطق السلطة الفلسطينية إلى مناطق  (B) و(C)، مع تبادل للأراضي المتفق عليها على جانبي الجدار العازل الذي يشكل الحدود الدائمة ما بين الدولتين.

كما يتضمن الاتفاق تجميد المشاريع الاستيطانية المتعلقة بعدد من البؤر المقررة من قبل الحكومة الصهيونية، ولا ينطبق هذا الإجراء على المشاريع القائمة في التجمعات الاستيطانية الكبرى الواقعة في محيط مدينة القدس وغور الأردن بما فيها مستوطنات معاليه أدوميم، وزفعات جئيف، وهارحوما، وجيلو، ونيفي يعقوف، ورامات شلومو، ورامات ألون، وكريات أربع، وكذلك المستوطنات ذات الكثافة السكانية.

وفيما يتعلق بموضوع اللاجئين، يتضمن الاتفاق أن يتم السماح لبعض العائلات الفلسطينية بجمع الشمل في الضفّة ورفح وغزّة، ويمنح اللاجئون حق التعويض أو الهجرة، بحيث تفتح الدول العربية خاصة الخليجية ذات التواجد الفلسطيني فيها أبوابها لتسهيل ذلك وإعادة تأهيلهم أو تجنيسهم مع مناشدة عدد من دول الخليج كالسعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر تمويل صندوق «حق العودة المتعلق بذلك».

منيعرقلالاتفاق؟!

تظهر المعطيات السياسية أن الاتفاق يسير نحو الإعلان عنه والتوقيع عليه، سواء على قاعدة «اتفاق نهائي» أو «اتفاق إطار» جديد بما يشبه «أوسلو 2» لمدة ثلاثين أو أربعين عاماً قادمة.

هذا الاتفاق لا يحظى مطلقاً بتأييد فلسطيني، فالقوى والشخصيات الفلسطينية بدأت تعلن رفضها له منذ الآن، ورفعت «حماس» صوتها ضده، غير أن «محمود عباس» ليس له القدرة على الرفض خاصة بعدما جمّد «جون كيري» إطلاق الدفعة الثالثة من الإفراج عن الأسرى، وأعلن الأوروبيون وقف دفع الرواتب لخمسين ألفاً من الموظفين التابعين لسلطة «عباس» في غزة ولا يعملون بإمرة حكومة «هنية».

إذاً، نحن سنكون أمام مواجهة سياسية شعبية فلسطينية فلسطينية، وفلسطينية صهيونية قادمة تذكرنا بأجواء 1987 و2000م، حين وجد الفلسطينيون أن كل حقوقهم وثوابتهم وتضحياتهم جرى التفريط بها.>

 

ينبغي أن نذكر أن الجلسات التفاوضية بين الفلسطينيين والصهاينة استؤنفت بضغط أمريكي، حيث تنازل رئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس» عن كل الشروط التي وضعها وعاد للمفاوضات بقرار ذاتي منه، إذ رفضت «منظمة التحرير الفلسطينية» والفصائل الأخرى العودة للمفاوضات، واجتمع وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» بـ«عباس» عدة مرات من أجل إقناعه أو الضغط عليه للعودة للمفاوضات، وكذلك فعل مع الجانب الصهيوني.. وكان «نتنياهو» غير متحمس أيضاً؛ لذلك عمل «كيري» على إيجاد أجواء إيجابية تسمح بالعودة للمفاوضات، مثل الإفراج عن دفعتين من الأسرى الفلسطينيين.

Exit mobile version