كنت مستغرقا في النوم وكان رأسي مستندا على نافذة طائرة بوينغ 747 بعد رحلة يوم كامل بالحافلة من القدس إلى مطار بن غوريون في تل أبيب لإمتطاء الطائرة. كنت عائدا بعد قضاء أسبوع لتعلم الثقافة الإسرائيلية والقيام ببعض الأعمال المجتمعية. وعندما هبطت الطائرة، كان كل ما أفكر فيه هو العودة إلى المنزل ثم الإتجاه مباشرة إلى سريري. لذلك هرعت إلى نقطة الجمارك للإسراع في الإجراءات.
أتذكر كيف شعرت بالإرتياح للعودة إلى مكان مألوف، لكن تغير ذلك بسرعة بتغير ملامح وجه ضابط الجمارك بشكل مفاجئ عندما سلمته جواز سفري. ليطلب مني بعد ذلك، الوقوف جانبا ليطرح عليا بعض الأسئلة.
لم يكن لدي أي فكرة عما يجري، لكن إتباع رجل آخر في إتجاه قاعة البضائع. وقبل أن أدخل الغرفة، طلب مني ترك حقيبتي خارجا. جلست على كرسي طبقاته بالية مراقبا وضع جواز سفري في مغلف كبير، ليوضع بعد ذلك في أسفل كومة من مغلفات مماثلة.
شعرت في لحظة ما، أني تجردت من هويتي كأميركي.
جلس قبالتي ثلاثة ضباط من وحدة الجمارك وحماية الحدود (CBP). نظرت إلى الساعة على الحائط وأنا قلق بعض الشيء عندما تذكرت ان والدي كان ينتظرني. فقد قال لي انه سيصل مبكرا بنصف ساعة لإصطحابي من مطار جون كنيدي.
وبعد مرور ساعة، طلب مني أحد ضباط الجمارك وحماية الحدود الحضور إلى المكتب والإجابة على بعض الأسئلة: ما اسمك؟ من أي بلد أنت؟ هل أنت سعودي؟ (ولدت في الولايات المتحدة ولكن والديا مواطنان مصريان لهم جنسية أمريكية) منذ متى وأنت في أمريكا؟
أجبت على أسئلة الضابط وعرضت حتى بطاقتي هوية إضافيتين كنت أحملها، لكنه رفض. والغريب في الأمر أنه لم يتم إعلامي ولو مرة واحدة منذ بداية هذه العملية أنه لدي الحق كمواطن أمريكي في أن يحظر محامي خلال الإستجواب. وبعد دقائق قليلة، طلبت التحدث إلى والدي، لأني منعت من استخدام هاتفي المحمول.
كنت أرتجف وبدأت أعد الفوانيس والكراسي وأي شيء في الغرفة لإلهاء نفسي. ولكن للأسف، كانت محاولة قصيرة إذ تم جلب اثنين من الأفارقة إلى الغرفة من قبل عدد من الضباط. وعلى مدى ساعة، كانوا يصرخون ويسألونهم حول الوثائق المزورة التي في حوزتهم. قال أحد الضابط، أنه حسب الوثائق المزورة، هم تجار متوجهون إلى معرض نيويورك الدولي للسيارات، ولكن اشتبه في محاولتهم الدخول للولايات المتحدة بصورة غير شرعية. تصاعدت الأمور عندما رفض الرجلين تغيير إفادتهما، ليتم نقلهما بعد ذلك إلى غرفة التحقيق وهما مكبلي الأيدي.
في تلك اللحظة، أدركت أني محتجز في غرفة أين يتم التحقيق مع الأفراد الذين يشتبه في دخول الولايات المتحدة بصورة غير شرعية.
عندها سألت نفسي مرارا.. ما الذي أتى بي إلى هنا؟ أنا مواطن أمريكي.
أنا في وطني … لماذا رفضوا دخولي؟
بعد ما يزيد عن ثلاث ساعات، سمح لي أخيرا بالمغادرة. كنت شارد الذهن حين كنت متجها لإسترجاع جواز سفري لأني لم أستوعب أي شيء مما حصل، و كنت منهكا نفسيا وجسديا. وعند إستفسار ضابط الجمارك وحماية الحدود عن سبب وضعي في هذا الموقف قال لي: “بصراحة … إنه اسمك”.
في الواقع كان يحصل لي أمر مشابه في كل مرة عدت فيها إلى الولايات المتحدة بعد سفر إلى الخارج، وكنت أتعرض إلى معاملة مماثلة في كل مرة ، بالرغم من أني خضعت لبحث مفصل.
لمدة ثلاث ساعات، تم التشكيك في هويتي كأميركي بسبب إسمي.
تحدث دونالد ترامب مرشح الرئاسة الأمريكية في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الوطني الجمهوري في كليفلاند الليلة الماضية، على الحدود والإرهاب وحاجة أمريكا إلى الأمن. كما تحدث على تأييد المجلس الوطني لحرس الحدود له قائلا: “تشرفت بتأييد رجال الحدود الأميركية، وسوف نعمل معا من أجل حماية سلامة نظامنا المشروع ، المشروع ، المشروع للهجرة “.
أجد أنه من المفارقات أن يكرر عبارة ” مشروع ” عند وصف رجال الجمارك. ولا أعتقد أنه يمكن وصف إحتجاز مواطن أمريكي بسبب اسمه، بالعمل المشروع. ولا أعتقد أيضا أن إجبار مواطن أمريكي على التحدث باللغة الإنجليزية مع والده الذي يتحدث اللغة العربية في المقام الأول، هو تصرف مشروع.
ماذا تعني عبارة “مشروع”؟ في أمريكا التي يراها دونالد ترامب.
يبدو في الواقع أن هذا المصطلح يعني التعدي على حقوق أي شخص منتم إلى أقلية ما.
دونالد، لا تخبرنا بأنك ستقوم بإصلاحات في إدارة أمن النقل في المطارات، لأنك لا تدرك ماذا تحس به الأقليات عند السفر. لا أريد أن أتخيل وجوه الرجال والنساء والشباب الخائفين حين يتم إصطحابهم إلى غرفة أين يجبرون على التعاون عند احتجازهم بطريقة غير قانونية. وإذا كنت تريد حقا أن تجعل أميركا بلدا عظيما مرة أخرى، توقف عن التباهي بالقيم الغريبة على أمريكية، وحاول فهم تاريخ ورسالة الناس التي تأيدك.
الدعوة إلى أمريكا أكثر أمنا، لا تعني السماح بالتمييز ضد المواطنين على أساس الصور النمطية المتخلفة. أنا مسلم أمريكي وأريد فقط أن أكون قادرا على السفر دون أن أشعر وكأنني لست أمريكيا بما يكفي لأعتبر أمريكا بلدي.
المصدر:
http://www.huffingtonpost.com/entry/dear-donald-trump-im-a-muslim-american-and-im-terrified_us_578473b0e4b04041a9858d69?section=