منذ بداية شهر يوليو الماضي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يروّج أنه سيستقيل من موقعه قبل نهاية العام.
فقد قال عباس أمام وفد من أحزاب يسارية صهيونية: إنه سيستقيل، كما نقلت مواقع مقرّبة منه هذا الخبر، ثم قالت أوساط مصرية: إن عباس أبلغ عبدالفتاح السيسي أثناء لقائه به في احتفالات قناة السويس أنه سيغادر منصبه نهائياً.
انتُخب عباس لرئاسة السلطة الفلسطينية بداية عام 2005م بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات في 11/ 11/ 2004م في باريس، وانتهت ولايته دستورياً في عام 2009م، لكن عباس استمر في منصبه بحكم الأمر الواقع، وهو يرفض التخلي عن موقعه لأن بديله هو رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني د. عزيز دويك، كما أن المجلس التشريعي معطّل، وينادي عباس بإجراء انتخابات، غير أن هذه الدعوة لا تلقى تأييد القوى الفلسطينية، التي تطالب بمصالحة سياسية شاملة وتهيئة الأجواء لانتخابات رئاسية وتشريعية وبلدية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني خارج فلسطين إذا أمكن.
لماذا الاستقالة؟!
منذ انتهاء ولايته عام 2009م، ومحمود عباس يؤكد أنه سيستقيل، لكنه لم يقدّم استقالته، ولو لمرة واحدة، لا بل إن الوقائع عكس ذلك، إذ كلما قال عباس: إنه سيستقيل أحكم قبضته على السلطة، وطرد خصومه، وهو في الآونة الأخيرة تخلّص من محمد دحلان، وياسر عبد ربه، وسلام فياض، وقام بتوبيخ عزام الأحمد حين قال: إنه سيترشح لموقع الرئاسة.
هناك عدة أسباب تمنع عباس من الاستقالة، أهمها:
1- إن قرار استقالة عباس هو قرار دولي إقليمي، يجب أن يحظى بموافقة واشنطن والقاهرة وتل أبيب وعمَّان على الأقل.
2- إن عباس غير جاد في موضوع الاستقالة، فهو يستخدمها من أجل تثبيت مواقعه.
3- إن عباس يستفيد مالياً من موقعه من خلال قيام أبنائه باستغلال علاقاته في مشاريع اقتصادية داخل فلسطين وخارجها.
4- إن عباس يلوّح بالاستقالة قبل المؤتمر السابع لحركة “فتح” الذي تقرّر عقده في شهر نوفمبر القادم؛ ما يعني أن عباس يحشد قواه من أجل تركيب قيادة فتحاوية جديدة بزعامته، وهو استخدم نفس الأسلوب في المؤتمر الأخير الذي عُقد عام 2009م.
هذا لا يعني أن عباس سيبقى في السلطة إلى الأبد، فهو باقٍ في موقعه حتى يتم إيجاد سيناريو لإخراجه بشكل هادئ في ظروف هادئة، ضمن توافق إقليمي دولي، بما يؤدي إلى تنفيذ الأهداف أو الأدوار المطلوبة منه، أهمها التنسيق الأمني مع الاحتلال، وضرب المقاومة.