رأى خبراء ومحللون سياسيون وأمنيون أن اتباع المقاومة الفلسطينية لتكتيك الأسلوب الفردي في تنفيذ العمليات الفدائية، شل قدرة الأجهزة الأمنية “الإسرائيلية”، على التنبؤ بالعمليات وإحباطها، وحرمها من الوصول حتى إلى طرف خيط يمكنها من تتبع خلايا المقاومة.
واعتبر أستاذ الدراسات الإقليمية والإستراتيجية إبراهيم حبيب أن ما حصل خلال سلسلة العمليات الفدائية التي وقعت مؤخرا في “بئر السبع” و”الخضيرة” و”تل أبيب” بالداخل المحتل، “يكشف حالة الضعف الإستراتيجي في العمق الجغرافي للاحتلال الذي يكاد يكون معدوما، مما يؤكد الإخفاق الأمني الواضع في كبح جماح هذه العمليات“.
وبيّن حبيب لـ “قدس برس” أن “سبب عجز الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على مواجهة هذه العمليات أو اكتشافها قبل تنفيذها، كونها في جلها عمليات فردية غير منظمة، بالإضافة إلى أن التداخل الواضح بين السكان العرب أصحاب الأرض والمستوطنين المحتلين في أراضينا المحتلة عام 48 جعل من الصعب على أي دولة أو قوة في العالم منع هذه العمليات“.
ولفت إلى “فشل الفلسطينيين في إشعال المقاومة في الضفة والقدس والداخل عبر النظرية النمطية (المنتظمة) والتي تتمثل بتنظيم العمل المقاوم من خلال تسلسل هرمي.. لذلك لجئوا إلى تفعيل المقاومة من خلال تطبيق النظرية اللانمطية (الفوضوية) وهو أمر احتاج نفَساً طويلاً وجهداً مُضاعفاً لإنجاحه، وقد نجحت في ذلك” وفق ما يرى.
الذئاب المنفردة
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي والمختص في الشأن “الإسرائيلي” فايز أبو شمالة، إن “إطالة أمد الاحتلال أخرج أجيالا فلسطينية جديدة تمتلك الجرأة والإرادة لمواجهته“.
وأضاف أبو شمالة لـ “قدس برس”: “ما دمنا نتحدث عن بطولات فردية ومن خلفها تنظيمات تمدها بالسلاح وتؤمن لها الوصول إلى موقع المواجهة هذا ما يعتبره الإسرائيليون (الذئاب المنفردة) كما يصفونه، ومن هنا تأتي المفاجأة من أين سينبت لكم هذا الشوك في الطريق“.
وأضاف: “المفاجأة التي مثلها هؤلاء الشباب هي التي كانت نقطة الضعف التي أوجعت العدو الإسرائيلي، بالتالي عندما زج بكل قواته وبآلاف جنوده وكأن مدينة تل أبيب يعاد احتلالها بالجيش الإسرائيلي من جديد، تؤكد أن العدو الإسرائيلي يتخبط في قراراته“.
وتابع: “العدو تعود على أن يمارس حروبه ضد الدول العربية من خلال المعلومات الاستخباراتية التي لديه، ولكن يبدو أن لا معلومات للاحتلال عن هؤلاء الشباب الذين تعبأت صدورهم وطنية وراحوا يقاتلون داخل المدن الإسرائيلية”، على حد تعبيره.
واعتبر أبو شمالة أن نقل المعركة من داخل غزة والضفة والقدس إلى داخل الكيان “الإسرائيلي” مثل نقطة مفاجأة أخرى للكيان الذي تعود أن ينقل المعركة إلى أرض العدو، وتعود أن يحسم المعركة بشكل سريع وفق الإستراتيجية “الإسرائيلية”.
عجز “إسرائيلي “
وفي السياق ذاته، قال الخبير الأمني إسلام شهوان: “من الواضح أن من نفذ هذه العمليات مدربون تدريبا أمنيا وعسكريا جيدا مما دفع بهم إلى قراءة البعد الاجتماعي والنفسي للمجتمع الصهيوني؛ حيث وجدنا أريحية في التعامل مع السلاح والتخفي والتنقل“.
وأضاف لـ “قدس برس”: “المؤسسة الأمنية الإسرائيلية كانت تتغنى بأنها قامت بكشف عمليات ووأدها قبل حدوثها، إلا أنه مع العمليات الفردية، التي تميزت بالعمل والتكتيك الشخصي، أصبح الوضع معقدا لدى أجهزة الأمنية الإسرائيلية وتقف عاجزة، لأن منفذ العملية بعد استشهاد تنتهي وتنقطع كل الخيوط التي تؤدي إلى هذه المجموعة، ومن خطط لها، ومن أرسل هذا الشهيد“.
وشدد على أن هذا التكتيك الجديد يدلل على أن المقاومة الفلسطينية لديها قراءة جيدة أمنية وسياسية دقيقة لما يحدث، خاصة أن المحيط والإقليم مضطرب مع تداعي دولة الاحتلال لعقد قمة النقب مؤخرا.
وقال: “المقاومة الفلسطينية تدرس كل حالة وكل عملية وتأثيراتها حتى تفاجئ الشعب الفلسطيني بمهارات عالية.. الآن تفاجئ الجميع في التكتيك والتنفيذ فيما يتعلق بالعمليات الفردية في الضفة والداخل المحتل“.
وشدد شهوان على ضرورة عدم قيام المقاومة بالإعلان أو تبني أي من تلك العمليات، حتى تزداد حالة الإرباك ويتخبط الاحتلال في توجيه الاتهام لأي من فصائل المقاومة.