تابعت باحترام أمنية بعض البنات بالصداقة مع الشباب، وتألمت لمعاناة وأوجاع وخسائر فتيات أقمن هذه الصداقات، وفي الأسطر التالية نهدي البنات خلاصة التجارب الواقعية.
أفكار وتبريرات
قد تفكر البنت أن سعيها لصداقة شاب سيحل مشكلاتها ويمنحها الخبرة بالحياة، ومهم ألا تعطل تنمية مهارتها بالتدرب على حل مشكلاتها وحدها ويمكنها حلها – بلا خسائر- بالاستعانة بالأهل؛ أب، عم أو خال.
بلا تعمد، تبرر البنت علاقتها بالشاب بأنها صداقة وهي تعاني الفراغ العاطفي وتحاول ملئه وتؤذي نفسها، وقد تلجأ للصداقة مع الشباب على الإنترنت؛ كما أخبرتني بعضهن للاعتقاد بأنها بلا ضرر؛ فتستخدم اسمًا مستعارًا وتتناسى أنها بمرور الوقت ستطمئن للشاب وستخبره بتفاصيل حياتها، كما حدث ويحدث مع بنات؛ ومنهن من تعرضن للتحرش الإلكتروني وأخريات تم ابتزازهن وتهديدهن بإفشاء أسرارهن، وما كان أغنى البنت عن ذلك لو ادخرت مشاعرها لمن يستحقها ويجيد احترامها ويتقدم لخطبتها وشغلت أوقات فراغها بما يسعدها ويفيدها دينياً ودنيوياً.
ولمن تتوهم أن الشاب سيكون مسؤولًا عنها، أعزي نفسك فلست بحاجة لحماية وبإمكانك اللجوء لأسرتك، ولا تقولي: أفتقد الحنان والاهتمام من أسرتي، وامنحيهم حبك واهتمامك وسيردون بالأجمل ولو بعد حين.
وليس مبرراً مصادقة الشباب هرباً من غيرة أو حسد البنات فتستطيعين منع ذلك؛ بمجاملة صديقتك وعدم إخبارها بما تثقين أنه سيثير غيرتها وأن تحسني اختيار صديقاتك.
صدمة وتورط
- فتاة توطدت علاقتها بشاب بالعمل يكبرها؛ أشرف على تدريبها، كانت تصفه بالصديق الأقرب من أي صديقة، والأخ الذي لم تلده أمها؛ نبهها زملاء أنه متزوج، وسألتها زميلات: هل ستتزوجان؟ ولم تهتم واستمرت تدافع عن علاقتها به حتى علمت بها زوجته وأهانتها بمكان عملها وتركها بعد 7 سنوات، وعرفت بأن زميلين في العمل كانا يفكران أنها تصلح زوجة لكنهما تراجعا بعدما رأيا علاقتها برجل متزوج.
- فتاة تعرضت لصدمة شديدة من شاب؛ كانا صديقين منذ المرحلة الجامعية حتى تجاوزا الثلاثين، حيث كان يعاملها باحترام لسنوات وكان متعدد العلاقات العاطفية ويحكي لها عنها وفوجئت به يطالبها بتقديم تنازلات أخلاقية، وعندما رفضت وأخبرته بأنه يعرف أنها ليست كالفتيات اللاتي يعرفهن، استنكر بشدة وقال: إنها تدعي ذلك وإلا لما تحدثت معه بالهاتف دون علم أهلها وقام بابتزازها.
- دفعت بنت ثمنًا غاليًا بسبب وهْم الصداقة مع قريب أكبر سناً ومتزوج ويعمل مدرسًا جامعيًا؛ فلم تتوقع منه السوء، فتورطت ووثقت به وأخبرته بأدق تفاصيل حياتها واعتمدت عليه نفسيًا وانتظرت الكلام معه وأجاد احتواءها وتفانى بنصحها ليسيطر عليها وجعلها كالمدمن الذي يتحمل أي شيء للحصول على إدمانه وأساء استغلالها.
مهم لكل بنت
- نوصي بألا تشكو البنت لأي رجل حتى لو كان يكبرها بالسن أو متزوجاً فسيطمع بها؛ والصداقة بين الجنسين كذبة كبيرة ولو كان الطرفان متزوجين؛ ولست متزمتة، فأنا أبعد ما أكون عن التزمت، لكنها الخبرة بالحياة، وأؤكد لكل بنت أن الرجل عندما يحترمك لن يقبل لك بأمور يرفضها لأخته، وإذا قبلها لا تكلميه أبداً، فلست أقل من أخته أو زوجته.
- لا تقولي: أعامله ببراءة وكأنه أخي؛ فهو ليس أخاك، وحسّني علاقتك بشقيقك وبوالدك وتقبلي أي نقد منهما برضا تام لأنهما يحبانك ويريدانك أفضل فتاة ولا يجاملانك كالغريب الذي يرضيك ليتحكم بك عاطفياً وربما جسدياً، ولو بعد حين.
- عندما تحسين أنك لا تستطيعين الابتعاد عن أي شاب تراجعي فوراً؛ فسيصله إحساسك، ولو كان سيئاً سيؤذيك، ولو كان غير سيئ ستحبينه وتتعذبين وحدك وسيبدو للجميع اهتمامك به ولن يفهم أحد أنك تعتبرينه صديقًا فقط وتتعاملين معه ببراءة؛ فلن يوجد رجل يقبل صداقة زوجته برجل غيره.
- الصداقة مع الشباب خسارة للبنات وحدها؛ فتفقد البنت سمعتها ويبدو عليها الانشغال العاطفي فلا يتقدم أحد لخطبتها وتفقد الثقة بنفسها وتفكر لماذا لا يحبني؟ ما الخطأ الذي بي؟ وتكون كمن يختار مكاناً خالياً من السكان ويفتح به محلًا ثم لا يأتيه أحد، فيقول: أنا فاشل!
والحقيقة أنه اختار المكان الخطأ، وقد يفقد ماله، والمال يمكن تعويضه، ولا تعويض لمن تفقد عمرها وسمعتها في حب من طرف واحد وإن تخفى وراء الصداقة أملاً أن يعتاد وجودها بحياته فيتزوجها، كما أخبرتني فتاة بكت طويلاً عندما فوجئت بصديقها المقرب الذي انتظرت أعوامًا أن يقدر تضحياتها من أجله وتفضيله على نفسها وإذا به يخبرها بأنه أخيراً وجد فتاة أحلامه وسيسارع بخطبتها، وكان يتحدث عن فتاة أخرى.
- رأسمال الفتاة عمرها وسمعتها، فلا تتبسطي مع أي شاب وكأنه صديقتك، فهو رجل ولا بد من وجود حدود، ولا تخبريه بنقاط ضعفك فسيستغلها لو كان سيئاً، أو سيراك ساذجة ولا تتحدثي عن أمورك الخاصة أبداً.
مخاطر وشبهات
نذكر البنات بالحذر عند التعامل مع الزملاء أو الأقارب، فكثير من المشكلات والأزمات بدأت بسبب الثقة الزائدة والتفكير بأن الشاب محترم جدًا؛ فتتكلم معه البنت بتلقائية وبلا تحفظ، وتسأله عن أموره الشخصية، وتتقبل نفس الأسئلة منه، وقد تبدي مجاملات بأناقته أو لطف حديثه وما شابه، وتتقبلها منه وتفتح الأبواب للمزيد من التبسط وتشجعه على التمادي، ولا بد من الضوابط وعدم المزاح وعدم إطالة الحديث بالأمور العادية، ولتتذكر كل بنت أن جميع الشباب يحترمون البنت التي تتحفظ معهم، فالتحفظ حق للبنت وطوق نجاة لها يحميها من وضع نفسها بالشبهات ويمنع العابثين من الإساءة إليها، والعكس صحيح.
وقد يلجأ شاب لخداع فتاة باسم الصداقة ليتمكن من استغلالها، ولا تصادقي أحد أقاربك، ولا تقولي: سيخاف عليَّ؛ لأنك لم تحمي نفسك، فأي علاقة مع شاب -بلا زواج- ستحفها المخاطر، ومنها التعلق وانتظاره والاهتمام العاطفي به.
لا تفعلين أي شيء بالخفاء؛ فتفقدي تقديرك واعتزازك بنفسك وتخسرين دينياً ودنيوياً؛ الأولى معروفة، ففي الآية الكريمة يقول الله تعالى: (وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) (النساء: 25)، وبالثانية ستتعرضين لأوجاع ومتاعب وربما -لا قدر الله بالطبع- فضائح.
لا تقارني بين ما تسمينه بالصديق وبالأهل أو الخطيب وربما الزوج؛ فالأول يقدم نصائح ليستمتع بصحبتك مجاناً، والآخرون يهتمون بك ويحبونك ويقدرونك ويحترمونك ويضحون لأجلك عند اللزوم، والأول سيفر عند أول أزمة تحدث بسببه كما يحدث دائماً ويتركك بالعاصفة وحدك.
تذكري أن المشترك مع البنات أكثر؛ كالاهتمامات والأحلام، ووسعي علاقاتك بصديقاتك وتجاهلي ما يضايقك منهن ولا تخبري صديقتك المقربة بكل ما تريدينه؛ وقسّمي ما تقولينه على صديقاتك لتوسعي حياتك وتحمي نفسك من الاعتماد النفسي على أي إنسان.
ولا تقبلي أن يكون لخطيبك أو لزوجك صديقة، وهذا وحده يؤكد أن الصداقة بين الجنسين خداع للنفس.
وأخيراً؛ الصداقة ليست علاقة عابرة أو سطحية، بل قوامها الاستمرارية وتبادل الود والمشاركة بتفاصيل الحياة وبها قدر من الاطمئنان النفسي والارتياح العاطفي، فكيف تحدث بين الجنسين ويتم السيطرة على المشاعر؟ لذا ادخري نفسك ومشاعرك لتكوني الصديقة المقربة لزوجك فقط؛ لأنه وحده من يستحقها، وسيرد عليك بالأفضل، ولا تفعلي ما تندمين عليه أو يخجلك ويغضبك تذكره فأنت غالية جداً.. حفظك ربي وأسعدك.