حمّل تقرير صادر عن وزارة الصحة السودانية أمس الاثنين، مستشفى تخصصياً للعيون في أم درمان مسؤولية فقدان 34 سودانياً البصر بالكامل في يوم واحد، نتيجة التلوث البكتيري أثناء حقن المرضى بعقار “الأفستين”. وكشفت التحقيقات تلوث الحقنة التي سحب بها العقار ببكتريا تنتقل من إنسان إلى آخر.
وأجرى مستشفى مكة التخصصي للعيون، فرع أم درمان، في 19 فبراير/شباط الجاري عملية حقن 34 مريضاً بعقار “الأفستين” الخاص بعلاج شبكية العين، وأصيبوا جميعهم بجملة من المضاعفات والالتهابات انتهت بفقدانهم البصر، ما سبب هلعاً بين السودانيين.
وشكّلت وزارة الصحة في ولاية الخرطوم أربع لجان تحقيق للتقصي بشأن الحادثة، كما أغلقت مجمع العمليات في المستشفى.
وتلا وزير الصحة في ولاية الخرطوم، مأمون حميدة، أمام البرلمان أمس تقرير لجان التقصي التي بيّنت أن “التحقيقات أثبتت أن المرضى الذين لم يحقنوا بعقار الأفستين في ذلك اليوم وعددهم عشرة لم يصابوا بالعمى ولا الالتهابات الحادة التي صاحبت نظرائهم ممن حقنوا وعددهم 34 مريضا”.
وذكر أن التقرير حمّل المستشفى مسؤولية التقصير، بعد تبيُّن أن المرضى جميعهم أصيبوا بالتهاب بكتيري ناتج عن التلوث أثناء تحضير العقار، موضحاً أنه “من خلال التقصي اتضح أن عملية تحضير العقار وحقن نحو أربعين مريضاً بسحب العقار من فتيل واحد، جرت داخل غرفة التعقيم وليس في غرفة العمليات، وبغياب الأخصائي”. وأكد أن “فحص الإبرة (الحقنة) التي استخدمت في سحب العقار ثبُت تلوثها بالبكتريا“.
وأشار حميدة إلى مطالبات أوردها التقرير أهمها إلزام المستشفى بمتابعة المرضى المتضررين لحين تماثلهم للشفاء، فضلاً عن إعادة تهيئة غرف العمليات والفصل بين عملية وأخرى لتجنب انتقال البكتريا، وإعادة النظر في تحضير عقار الافستين لضمان عدم تلوثه، وإلزام المستشفى بتسجيل كافة الأدوية، لاسيما بعد التأكد أن العقار المستخدم لدى حقن المرضى لم يكن مسجلاً.
كما شدّد التقرير على ضرورة إحكام الرقابة على المستوى الاتحادي، وعلى مجلس الأدوية والسموم. وحاول الوزير حميدة التقليل من الحادثة، معتبراً أن حدوثها وارد من وقت إلى آخر نظراً لطريقة تحضير العقار المعقدة.
وأكد أن هذا الأمر لا يقتصر على السودان، ذاكراً أن المستشفى ذاتها سبق وسجلت نحو 12 حالة مماثلة. كما أجرت 34 ألف عملية حقن بعقار الافستين دون أية مضاعفات.
ولفت حميدة إلى أن التقرير ضبط عدة مخالفات للمستشفى بينها تزامن تجديد المستشفى تسجيل الطبيب الباكستاني الذي أجرى كل تلك العمليات مع إجراء التحقيق، فضلاً عن تعقيم غرفة العمليات قبيل وصول اللجنة. وأوضح “عند سؤالهم قالوا: إنهم درجوا على تعقيم الغرفة بعد كل عملية”.
وذكر أن المرضى المصابين أجريت لهم عملية قص السائل الزجاجي في العين لسحب الصديد، وأخذوا جرعات من مضادات البكتريا. وأكد أن بعضهم بدأ في التحسن تدريجياً. وتوقّع أن يتماثل 80 في المائة منهم للشفاء خلال فترة ستة أسابيع. وأضاف: “الأمل لا يزال معقوداً لأن بعضهم بدأ يتحسّن ولأن طريقة العلاج ممتازة”.
وشدّد على ضرورة مراجعة طريقة إجراء العمليات في المستشفى، التي تجري يومياً نحو 166عملية.