رداً على أكاذيب وافتراءات «السياسة» و«آراب تايمز»[1]


نشرت صحيفة «السياسة» في عدديها الصادرين يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين (20 و21 ذو القعدة، 1416هـ/ 8 و9 أبريل 1996م) افتراءات وأكاذيب، منها ما يمسني شخصياً، ومنها ما يمس عموم المسلمين ودينهم، ويطال كل مسلم غيور في هذه البلاد.

أما ما يمسني شخصياً من الافتراءات الحاقدة والأكاذيب المضللة، فأنا هنا لا أريد أن أثير أي أمور تتعلق بشخصي، فهذه لها طريقها القانوني، ويكفيني شرفاً أن أهل الكويت الفضلاء الذين هم أهلي يعرفونني على حقيقتي ويعرفون المبطلين على حقيقتهم، وإني أترفع هنا عن النزول لتلك المستويات الهابطة في الرد على هذه الافتراءات، اقتداء بترفع الإمام الشافعي، رضي الله عنه، حينما قال للسفهاء الذين يتطاولون على الناس:

إذا فاه السفيه بسبّ عرضي  كرهتُ بأن أكون له مجيبا  
يزيد سفاهة وأزيد حلماً  كعود زاده الإحراقُ طيبا  

أما ما يتعلق بما أشيع عن هجوم مجموعة من الشباب على صحيفة «آراب تايمز» بسبب إقدام القائمين عليها بنشر كاريكاتير فيه تطاول واستهزاء وسخرية بالذات الإلهية، فقد سبق أن أدليت بهذا التصريح يوم السبت قبل الماضي، وهو اليوم الذي وقع فيه الحادث، حيث قلت فيه:

«إننا نرى أن ما نشرته صحيفة «آراب تايمز» شيء خطير، فالاعتداء على عقيدتنا ونشر رسم كاريكاتيري فيه استهزاء بالذات الإلهية جريمة يجب أن يقدم بسببها صاحب الصحيفة ورئيس التحرير إلى المحاكمة لينال أشد أنواع العقوبات الشرعية والقانونية ما دامت إدانته ثابتة؛ لأن ما وقع فيه أمر يمس المسلمين جميعاً ولا يجب السكوت عنه.

لكننا حين نؤكد ما سبق، فإننا لا نقر مبدأ القصاص الفردي خارج الإطار الشرعي والقانوني، وفي الوقت نفسه نعتبر «آراب تايمز» هي المتسببة في إثارة مشاعر المسلمين فيما نُشر».

وأريد أن أزيد الأمور إيضاحاً هنا فأقول: لو أن ما نشرته صحيفة «آراب تايمز» من مساس بالذات الإلهية، واستهزاء برب العالمين حدث على سبيل المثال في ماليزيا، حيث ثار الشعب هناك لمجرد عرض فيلم يستهزئ بالعرب على اعتبار أن هذا مساس بالذين نقلوا الإسلام إلى أهل ماليزيا، وبالتالي فلو حدث مثل هذا هناك لثار الناس ثورة عارمة، ولاتخذوا في حق الصحيفة والناشر ما يستحقانه، ولو حدث هذا في باكستان لثار الشعب بأكمله، ولتم إغلاق تلك الصحيفة ومحاكمة القائمين عليها، ولو حدث في إيران ما كان رد الفعل هناك أقل من ذلك، ولو أن مثل هذا المساس بالذات الإلهية حدث في المملكة العربية السعودية الشقيقة لتعرض صاحب صحيفة «آراب تايمز» الذي هو في نفس الوقت صاحب صحيفة «السياسة» لأشد أنواع العقوبات الشرعية، ولقوطعت الصحيفة، وأغلقت، وتلقى صاحبها ما يستحق من عقاب شرعي.

وإننا إذ نشكر مجلس الوزراء الكويتي، ووزير الداخلية، ووزير الإعلام بصفة خاصة على استنكارهم لهذا الموضوع الذي يعتبر إجراماً واضحاً واستهزاء برب العزة والجلالة فاطر السماوات والأرض، وقرارهم بإحالة صحيفة «آراب تايمز» وصاحبها للقضاء، فإننا ما زلنا نترقب حكم القضاء العادل بإيقاع أشد العقوبات على هؤلاء الذين يستهزئون برب العالمين، ثم يبررون فعلتهم الشنيعة بأنها تدخل تحت بند حرية التعبير وحرية الرأي، ويستغلون إقدام بعض الشباب على توجيه النصح لهم وتطوّر المناقشة بينهم وبين هؤلاء الشباب إلى مشادة حدث بعدها عراك، فذهبوا يصورونه على أنه هجوم مسلح، وأنهم أبطال، حتى يصنعوا فرقعة يدارون بها على الجريمة الأصلية.

ونحن هنا إذ نعود فنؤكد عدم إقرارنا بأسلوب القصاص الفردي، وأن ذلك يجب أن يكون ضمن القنوات الشرعية، فإني أشير أيضاً إلى تصريح وزير الداخلية الشيخ علي الصباح، يوم الثلاثاء الماضي، الذي قال فيه: «إنه لا توجد أي شبهة سياسية فيما حدث، وإن ما حدث لم يكن سوى عمل فجائي غير منظم، وإن التحقيقات ما زالت جارية مع المتهمين»، وبذلك يتضح أن ما نشرته «السياسة» و«آراب تايمز» حول وجود تنظيم مسلح في الكويت، وأن هؤلاء الشباب جزء منه، لم يكن سوى أكاذيب وافتراء، وإثارة للقلاقل والفتن في هذا المجتمع الذي منَّ الله عليه بنعمة الأمن والاستقرار.

إننا نطالب المسؤولين في الدولة بأن يحيلوا صاحب «آراب تايمز» إلى المحاكمة وإلى القضاء قبل أن يحيلوا هؤلاء الشباب المتهمين بالهجوم على الجريدة، لأنه هو المتسبب في الفتنة، وفي المشكلة من أساسها، بما نشر من افتراء على الله فأثار به مشاعر عموم المسلمين.

وصدق الله العظيم حيث قال: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ. كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) “المجادلة:20-21″، (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) “المائدة: 33”.


[1] العدد (1196)، عام 1996، ص14.

Exit mobile version