الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال.. معاناة بطعم المرارة

إياد القرا (*)

احتلت قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال «الإسرائيلي» الأولوية الأولى ضمن القضايا الوطنية الفلسطينية، منطلقين من أن رأس الحربة في مقاومة الاحتلال هم المقاومون، ولاحقاً أسرى في سجون الاحتلال، يتم اعتقالهم لعشرات السنوات، يصل بعضهم إلى 40 عامًا في سجون الاحتلال، كما الحال مع الأسيرين كريم وماهر يونس اللذين خرجا قبل شهرين من سجون الاحتلال، ونائل البرغوثي الذي دخل عامه الـ43 في الأسر، قضى بينها 3 سنوات بعد إتمام صفقة الأسرى عام 2011، وأعيد اعتقاله عام 2014، لاستكمال حكم المؤبد.

تحوز قضية الأسرى على أعلى مستوى من الاهتمام الفلسطيني لاعتبارات مهمة ترتبط بعددهم الكبير نسبيًا، حيث يصل عددهم حالياً إلى 4900 أسير، بينهم 31 أسيرة، و160 طفلًا في سجون الاحتلال، ويبلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاق أوسلو  23 أسيراً، بينهم 554 أسيراً يقضون أحكاماً بالمؤبد، وبينهم أكثر من 700 أسير يعانون من أمراض بدرجات مختلفة، بينهم مرضى السرطان، وقد استشهد 3 أسرى خلال العام الماضي، وأحدهم خلال العام الحالي.

لا تتوقف معاناة الأسير على ما يتعرض له من عزل وحرمان من مقومات الحياة الأساسية، والمعاملة اللاإنسانية والمهينة من قبل إدارة السجون، بل صعَّدت حكومة الاحتلال الجديدة المتطرفة من إجراءاتها، ومحاولة منعهم من الحصول على الطعام والاستحمام، وصولاً لدراسة قانون إعدام الأسرى ممن ينفذون عمليات ضد المستوطنين، وتقدم بها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، لكن سرعان ما تراجع عن ذلك أمام إصرار الأسرى على مقاومة إجراءات الاحتلال، والتصدي لها، عبر الإعلام عن إضراب وعصيان شامل ضد إدارة السجون، التي خضعت سريعًا مع بداية شهر رمضان لمطالب الأسرى وأوقفت كل الإجراءات.

تُولي الفصائل الفلسطينية اهتماماً خاصاً لقضية الأسرى، انطلاقًا من مبدأ أنهم مقاتلو حرية، ورفاقهم في النضال، وجزء من قيادة الفصائل هم قادة الأسرى في السجون، إلى جانب تشكيل قيادات خاصة لهم في السجون، ويتمثلون في المكاتب السياسية للفصائل، وحاولت باستمرار تنفيذ عمليات خطف للجنود، في سبيل مبادلتهم بالأسرى في سجون الاحتلال، وقد نجحت حركة «حماس» عام 2011 بإخراج 1028 أسيراً وأسيرة، مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط الذي اختطف في عملية لها شرق مدينة رفح وخانيونس عام 2006، وكررت تجربة الأسر عام 2014، باختطاف 3 مستوطنين في مدينة الخليل، ولم تنجح العملية باكتشاف الخاطفين، مما حدا بهم لقتل المستوطنين الثلاثة، وفي العام ذاته نجحت «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، من خطف 4 جنود «إسرائيليين»، خلال الحرب على غزة، بينهم جنديان على حدود غزة خلال الاشتباكات العسكرية، في حين تم اختطاف الآخرين بعد دخولهما لغزة، ولم يكشف طريقة دخولهما واختطافهما.

عملية تبادل الأسرى تمثل أملاً رئيساً للإفراج عنهم، خاصة ممن حكم الاحتلال عليهم بعشرات المؤبدات، وكذلك ممن يقضون ما يزيد على 30 عاماً في السجن، وفشل كل الجهود الأخرى، في الإفراج عنهم، وجرت محاولة ضخمة لفرار 6 من قادة الأسرى عام 2021، عبر حفر نفق من سجن جلبوع، لكن لم تمض أيام حتى أعيد اعتقالهم، وهذا يرجع لصعوبة تحركهم في الضفة الغربية، نتيجة سيطرة الاحتلال على أجزاء واسعة من الضفة، ويتم اعتقال العشرات كل ليلة، وتصاعدت تلك الاعتقالات خلال العام الأخير، في تطور الحالة الثورية خلال العام الأخير.

يفرض الاحتلال إجراءات مشددة على الأسرى، في سبيل فرض شروطها على حركة «حماس» لمبادلتهم بالجنود المأسورين عند حركة «حماس» في غزة، وتمنع عائلات الأسرى من زيارة أبنائهم في السجون، إلا بشروط محددة وخاصة، وبعضهم يتم منعهم من 9 سنوات، مما يؤثر على الحالة النفسية للأسرى، ويمارس ضغوطاً عليهم؛ لردع المقاومين عن القيام بعمليات ضد الاحتلال، وكذلك ردعهم عن ممارسة أي عمل مقاوم، أثناء تواجدهم في السجون، والمس برمزية الأسرى لدى الشعب الفلسطيني، مما حدا بهم لتنفيذ إضراب عن الطعام، لمواجهة سياسة الحكم الإداري ضدهم، إضافة لمنع تسليم جثامين الشهداء منهم الذين يرتقون خلال اعتقالهم، للمساومة عليهم في أي عملية تبادل للأسرى.

_____________________________________

(*) كاتب ومحلل سياسي فلسطيني.

Exit mobile version