آفاق مستقبلية للصحوة الإسلامية ([1])


دعت جمعية الإصلاح الاجتماعي عالمين جليلين بمناسبة مرور 25 سنة على تأسيس الجمعية للحديث في الآفاق المستقبلية للصحوة الإسلامية، منهما فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي، عميد كلية الشريعة في جامعة قطر.

ففي مساء يوم الإثنين 25 ربيع الثاني، حاضر د. القرضاوي أمام حشد غفير حول موضوع الندوة، ومما جاء في حديثه أنه لا بد أن ننظر إلى المستقبل ونتحدث عن المستقبل من خلال الواقع والحال حسب السنن التي وضعها الله سبحانه وتعالى.

وقال القرضاوي: لقد عاش المسلمون حياة الاضطراب والاغتراب، وفي وقت من الأوقات كان المسلمون غرباء، ونادى من نادى بالأخذ بالحضارة الغربية، واستطاع صوت العلمانية أن يرتفع، ولكن الله يبعث الروح في الدعاة الصادقين الذين يهزون الأمة، وبعض الناس يتوهم أن الصحوة جاءت من فراغ، وهذا يتنافى مع سنن الله في خلقه، وأضاف أن الصحوة لم تولد من فراغ، فقد كانت نتيجة كفاح طويل.

وهذه الصحوة أمر غير طبيعي، والله لا يدع هذه الأمة تنام، ولكن يبعث الله من يجدد لها دينها.

وأضاف د. القرضاوي: لا يمكن أن تجتمع هذه الأمة على ضلالة، والإسلام من طبيعته أن يحرك خصوصاً في أوقات الشدائد وتظهر هذه القوة عند المحن، وتظهر القوة الذاتية للإسلام، وفي أوقات كثيرة من تاريخنا، مثال حروب الردة وارتداد العرب ومن اتبع الكذابين، وحين مجيء التتار الذين أسقطوا الخلافة العباسية وأسالوا الدماء أنهاراً، وظهر من قال: إن التتار قوة لا تُقهر، ولكن القوة الكامنة في الإسلام استطاعت أن تغير بعد سنتين من سقوط بغداد حيث قامت معركة “عين جالوت”، وشاء الله أن ينتصر قطز على هؤلاء الذين دوخوا العباد، وكان النصر للمسلمين، وانتصر الإسلام على التتار انتصاراً عسكرياً ومعنوياً عندما دخل التتار في دين الإسلام، وانتصر الإسلام على الصليبين بعد 100 سنة، وهيأ الله عماد الدين زنكي، وصلاح الدين الأيوبي اللذين حررا بلاد المسلمين.

وقال د. القرضاوي: إن الصحوة الإسلامية حقيقة واقعة، ومما يؤسف له أن بعض الناس يكابر ويقول: أين هذه الصحوة؟ وينسى ما قامت به هذه الصحوة من إنقاذ الألوف والملايين من الجاهلية إلى الإسلام. وأضاف أن الصحوة هي التي صنعت المساجد في فلسطين والجهاد في أفغانستان، والصحوة وراء البنوك الإسلامية، وفي وقت قال الناس: لا تحلموا بإقامة بنوك إسلامية، قامت البنوك الإسلامية في كل مكان، الصحوة قامت وهي حقيقة واقعة، ومن واجبنا أن نحافظ عليها، وأن نسدد خطها، وأن نذكر نعمة الله علينا، والصحوة تواجه تحديات خارجية وداخلية.

وأشار د. القرضاوي إلى أن اليهودية العالمية والصليبية أعداء الإسلام يتربصون بنا ويرصدون الصحوة بأجهزتهم، وأوضح أنهم عقدوا أكثر من 100 ندوة عن الصحوة الإسلامية يريدون أن يعرفوا كل شيء عنها، وكل شيء عندهم يدرس.

ونوه د. القرضاوي بأننا بحاجة إلى فقه في معرفة أسرار الشرع والكون، وفقه آيات الله في خلقه، وبعض الناس يستعجلون الثمار قبل نضوجها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* العدد (895)، 4 جمادى الأولى 1409هـ/ 13 ديسمبر 1988م، ص20–21.

Exit mobile version