«شيخ الأسرى» يعانق الحرية بعد 17 عاماً في سجون الاحتلال

 

عانق أكبر أسير فلسطيني، اليوم الإثنين، الحرية بعد إن أتم مدة حكمه البالغة 17 سنة في سجون الاحتلال.

فؤاد الشوبكي (83 عاماً)، مناضل فلسطيني حفر اسمه في سجل الخالدين الذين قاوموا المحتل منذ نعومة أظفاره، وخاض الكثير من المعارك التي كانت آخرها في سجون الاحتلال بعد اعتقاله عام 2002.

وقالت رانية الشوبكي، كريمة المعتقل، لـ«المجتمع»: عشنا سنوات صعبة من دون الأب، بالأخص أن والدتي توفيت وهو في السجن، فالأمر زاد صعوبة علينا، وتحملنا المسؤولة.

وتابعت: خلال اعتقاله رُزق أبناؤه بأولاد لهم؛ فأصبح لا يعرف أحفاده إلا من خلال الصورة.

وأوضحت أن والدها يعاني من مشكلات صحية مزمنة، مشيرة إلى أنه تعرض لخطأ طبي في السجن حينما اشتبه الأطباء بأن لديه سرطاناً في الكلى؛ فتم استئصالها ليتبين بعد ذلك أنه لا يعاني من سرطان الكلى، إنما تكسيات عليها؛ لذلك تم استئصال جزء من بطنه.

أيقونة وطنية

ووصف عبدالله قنديل، مدير جمعية «واعد» للأسرى والمحررين، الأسير الشوبكي بأنه أيقونة وطنية، ورمز وطني من رموز الحركة الأسيرة.

وقال قنديل لـ«المجتمع»: استطاع الشوبكي خلال أعوامه الطويلة في الأسر أن يشكل محطة وحدوية لكافة الأسرى على اختلاف انتماءاتهم.

وأضاف: كما استطاع الشوبكي التغلب على الأمراض المزمنة التي تكالبت عليه، بالإضافة لكونه أكبر الأسرى سناً حيث يطلق عليه رفاقه الأسرى «شيخ الأسرى».

وولد الشوبكي في 12 مارس 1940، وانضم إلى صفوف حركة «فتح» في سن مبكرة، وأنهى دراسته الثانوية في مدارس حي التفاح بغزة.

جاور الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في حياته العملية والمهنية، وحصل على درجة البكالوريوس في المحاسبة من جامعة القاهرة.

تنقل الشوبكي بين الأردن ولبنان وسورية وتونس برفقة الرئيس الراحل عرفات، حيث كان الشوبكي بمثابة الذراع الفولاذية والعين الساهرة له، وكان حسه الأمني وقلبه النابض بإحساس القائد، وسنده الذي يرتكز ويرتكن عليه في كل شاردة وواردة.

عاد الشوبكي إلى قطاع غزة ضمن قوات السلطة الفلسطينية عام 1995 بموجب «اتفاق أوسلو»، وكان أحد أعضاء السلطة الذين عادوا إلى القطاع.

وشغل الشوبكي عدة مواقع، من بينها: رئيس الاتحاد الفلسطيني للفروسية، ورئيسًا لبلدية الزهراء، ورئيسًا فخريًا لناديي الزيتون الرياضي والتفاح الرياضي، وهو أب لستة أولاد، فيما توفيت زوجته عام 2011.

عُيّن الشوبكي، في 12 أكتوبر 1997، رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة الاقتصادية الاستهلاكية العامة في السلطة، ثم استلم منصب المسؤول المالي السابق في جهاز الأمن العام الفلسطيني، والمستشار المالي للرئيس الراحل ياسر عرفات.

في 3 يناير 2002، نفذ جيش الاحتلال عملية عسكرية بهدف السيطرة على سفينة «Karine A» في البحر الأحمر، القادمة من إيران إلى قطاع غزة عبر البحر الأحمر، التي تحمل على متنها بضائع عسكرية.

واتهمت دولة الاحتلال الشوبكي، مدير المالية العسكرية في السلطة الوطنية الفلسطينية، الذي كان متواجداً في إيران بذلك الوقت، أنه المسؤول عن تمويل وتهريب سفينة الأسلحة.

وفي مارس 2002، فرضت قوات الاحتلال حصارها على مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة البيرة، وطالبت بتسليم الشوبكي والفلسطينيين الذين قتلوا وزير السياحة الصهيوني رحبعام زئيفي.

وبعد عدة أشهر، تم الاتفاق في مايو 2002 على إيداع الشوبكي ومن معه من قتلة زئيفي، وأحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية، وآخرين بسجن أريحا المركزي، وكانوا تحت حراسة أمنية بريطانية أمريكية فلسطينية مشتركة.

وفي سجن أريحا، بدأ فصل جديد من فصول معاناة الشوبكي، ففي 14 مارس 2006، نفذ جيش الاحتلال عملية عسكرية في مدينة أريحا، حاصر خلالها السجن المركزي، واختطف الشوبكي، وسعدات ورفاقهما.

وحكمت محكمة الاحتلال على الشوبكي بالسجن المؤبد 25 عامًا بطلب من المدعي العام الصهيوني، في حين قررت المحكمة العسكرية اعتقاله مدة 20 عاماً، تم تخفيفها في عام 2015 إلى 17 عاماً بدلاً من 20.

ورفضت دولة الاحتلال إطلاق سراح الشوبكي ضمن صفقة «وفاء الأحرار 1» حينما وضعت المقاومة الفلسطينية اسمه على رأس قائمة المطلوب الإفراج عنهم، لكن دولة الاحتلال رفضت وتمنعت من إخراجه، عازياً ذلك إلى دور والده في الدفاع عن القضية الفلسطينية وتأثيره الشديد على من حوله.

Exit mobile version