قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين.. ما خطورته؟ وكيف يمكن مواجهته؟

 

يواصل الاحتلال خطواته التصعيدية بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونه، حيث أقرت ما تسمى اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الحكومة الصهيونية مشروع قانون تنفيذ عقوبة الإعدام بحق الأسرى منفذي العمليات الذي أصر على تقديمه ما يسمى بوزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير.

وينص مشروع القانون على أن يأمر وزير جيش الاحتلال قائد القوات في المنطقة بمنح صلاحية هيئة المحكمة العسكرية في المنطقة الحكم بالإعدام دون اشتراط إجماع الهيئة، بل تكتفي بالأغلبية العادية، وأن ليس لأي محكمة تخفيف عقوبة من صدر عليه حكم إعدام نهائي من المحكمة العسكرية في المنطقة، وأن القانون يسري فقط على الفلسطينيين دون سواهم، وفق «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» (وفا).

وعقوبة الإعدام قائمة في القانون العسكري الصهيوني، ويتطلب تنفيذها إجماع هيئة القضاة في المحاكم العسكرية، بينما يطالب بن غفير بتعديل القانون، بحيث يسمح بإعدام فلسطينيين بأغلبية عادية.

وفي عام 2015، طرح مشروع القانون على طاولة «الكنيست»، لكنه لم يلق تأييداً كافياً لإقراره.

وفي أكتوبر 2017، أُعيد طرح المشروع مرة أخرى من قبل حزب «إسرائيل بيتنا» الذي أطلق عليه «قانون العقوبات، تعديل الحكم بالإعدام للمدانين بقتل إسرائيليين»، وتم وضعه في مسار سريع للتصويت عليه من قبل اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريع في الكنيست.

وفي أواخر عام 2018، دفع رئيس وزراء الاحتلال في حينه بنيامين نتنياهو بمشروع القانون المذكور للتصويت عليه في الكنيست، لكنه لم يقر في حينه.

وفي ديسمبر 2022، أعلن حزب «قوة يهودية» الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، عن اتفاق مع حزب الليكود المكلف رئيسه نتنياهو بتشكيل الحكومة الجديدة والذي ينص على سن تشريع يسمه بفرض عقوبة الإعدام بحق منفذي عمليات المقاومة الفلسطينيين.

قانون فاشي

ويحذر الفلسطينيون من القانون الصهيوني الذي يجيز إعدام الأسرى الفلسطينيين، وقال رئيس حكومة السلطة الفلسطينية محمد أشتية: إن هذا الإجراء لم يدهشنا لأن الحكومة «الإسرائيلية» الحالية وغيرها تمارس إعداماً ميدانياً لأولادنا وشبابنا، وإلا كيف يفسر العالم ارتقاء أكثر من 60 شهيداً (فلسطينياً) في أقل من شهرين؟

وأضاف أشتية أن هذا القانون فاشي إجرامي ولن يثنينا عن مواصلة المطالبة بحقنا وحريتنا وكرامتنا بالعيش في دولة مستقلة ذات سيادة، متواصلة الأطراف قابلة للحياة وعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين.

من جهتها، حذرت حركة «حماس»، في بيان، من خطورة هذا القانون العنصري، مؤكدة أنه لن يرهب أسرانا ولن يفت في عضدهم.

ودعت الحركة المؤسسات الحقوقية والدولية إلى إدانة هذا القانون وغيره من القوانين «الإسرائيلية» المطبقة بشكل قسري وتعسفي على شعبنا، والمخالِفة لأبسط معايير وقوانين حقوق الإنسان.

من جانبه، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس: إنّ مصادقة اللجنة الوزارية التشريعية لحكومة الاحتلال على مشروع قانون يقضي بإعدام الأسرى الذين ينفذون عمليات مقاومة ضد الاحتلال، يُمثل ذروة التطرف والفاشية.

وأضاف فارس، في بيان صحفي: عمليًا الاحتلال يعمل اليوم على تحويل كل ما ينفذه على أرض الواقع، إلى قوانين عنصرية، تُشرّع، وتُكرس الجريمة بشكل أكثر منهجية، والذي يأتي في سياق تحولات عميقة لم نشهدها سابقًا، في ظل حكومة هي الأكثر تطرفًا على الإطلاق.

وأضاف فارس: لم يتوقف الاحتلال يومًا عن ممارسة هذه الجريمة، حيث عكست الإعدامات الميدانية التي تضاعفت منذ مطلع العام الماضي، وبشكل منظم، مستوى الإعدامات التي شاهدناها في سنوات الانتفاضة الأولى والثانية.

وتابع: سيواصل الفلسطينيون نضالهم، رغم ماكينة الإجرام التي يواجهونها، ولعل الواقع هو من يجيب عن ذلك، فعلى مدار عقود، شرّع الاحتلال العشرات من القوانين العنصرية، وأصدر المئات من الأوامر العسكرية، التي لم تثن الفلسطيني عن مواصلة نضاله ضد الاحتلال.

ودعا رئيس نادي الأسير إلى إعادة تقييم الأداء الفلسطيني أمام هذا المستوى من التصعيد والإجرام «الإسرائيلي»، في ظل غياب خطة وطنية وسياسية فلسطينية واضحة لمواجهته.

وقال فارس: إنّ أخطار مشاريع هذه القوانين، لا تمسّ الفلسطينيّ وحسب، بل كل البشرية، داعياً العالم إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لردع سلطات الاحتلال.

تصفية الأسرى

وقالت وزارة الأسرى والمحررين: إن موافقة اللجنة الوزارية لتشريع القوانين لدى الاحتلال على طرح قانون إعدام الأسرى للمناقشة والتصويت تأكيدًا على أن الحرب ضد الأسرى تُدار من أعلى المستويات لدى الاحتلال، ضمن مخطط مسبق ومدروس لتصفية الأسرى وقتلهم بكل الطرق والوسائل الممكنة.

وأوضحت الوزارة، في تصريح، أن هذه الخطوة تأتي في ظل حرب مستعرة ضد الأسرى داخل السجون.

ولفتت إلى أنها امتداد لسلسلة طويلة من التشريعات والقوانين التي تعبر عن عنجهية الاحتلال في التعامل مع الأسرى، وضربه بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الدولية.

وأشارت وزارة الأسرى على أن لجوء الاحتلال لهذه القوانين والتشريعات يؤكد فشله الذريع على مدار عقود في مواجهة الأسرى داخل السجون.

كيف يمكن مواجهة القانون؟

من جهتها، أكدت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة أن التشريع الاحتلالي الجديد يضع الكل الفلسطيني أمام مسؤوليته الأخلاقية والوطنية ليحرر أسراه بكافة الأدوات والوسائل المتاحة.

وشددت الحركة مضيها في خطواتها النضالية لمواجهة عقوبات بن غفير، التي تستهدف حقوق الأسرى الرئيسية من ماء وخبز بـ«العصيان العام» في كافة السجون، وصولًا إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، في الأول من شهر رمضان القادم.

ودعت الفلسطينيين لإسناد الأسرى بكل المستطاع حتى يتم تحقيق مطالب الأسرى بالحرية والكرامة، ودعت لأن يكون يوم الجمعة يوم «غضب وإسناد» للأسرى في كل ساحات الوطن ونقاط التماس.

وإزاء هذا التطور الخطير قدم الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو زهري، في مقال له على موقع «فلسطين أونلاين»، خطوات عملية لمواجهة هذا القانون الصهيوني.

أولًا: تدشين حملة إعلامية تشارك فيها جهات إعلامية فلسطينية وعربية وإسلامية لفضح هذه الخطوة الصهيونية وكشف مخاطرها وتداعياتها وتحشيد الرأي العام الفلسطيني والإقليمي والدولي ضدها.

ثانيًا: القيام بحراك سياسي واسع النطاق يتضمن إجراء اتصالات وإرسال برقيات وتنفيذ عدد من الزيارات تستهدف (رؤساء دول، ووزراء، وبرلمانات، وأحزاب سياسية)، وغيرها من الهيئات، على أن يكون ذلك على مستوى إقليمي ودولي، لوضع هذه الجهات في صورة ما يجري وإطلاعهم على المخاطر من وراء قرار الاحتلال، ودعوتهم لمساندة الأسرى في هذه المعركة الفاصلة.

ثالثًا: إطلاق حملة حقوقية تحت وسم «قانون الموت» أو «قانون الانتقام» أو «قانون المجرم»، أو ما شابه من الأسماء على أن ينضم لها عشرات المنظمات الحقوقية في فلسطين والوطن العربي والعالم الإسلامي وبعض الدول الغربية للتعريف بالقانون وتوضيح خطورته على حياة الأسرى بصورة خاصة وعلى قضيتهم بصورة عامة، على أن يُرفع عدد من المذكرات القانونية لكل الجهات القضائية الدولية للمطالبة بحماية الأسرى ووقف العدوان عليهم ومنع تمرير القانون.

رابعًا: على المستوى الشعبي يمكن عد أي إقرار للقانون «إعلانًا للحرب» على شعبنا، والرد على هذه الخطوة بإشعال انتفاضة عارمة في كل الأراضي الفلسطينية لتدفيع العدو ثمن عدوانه، ورفع كلفة هذا القرار عليه، وإجباره على التراجع تحت ضغط وغضب الجماهير الفلسطينية.

خامسًا: التحرك العسكري، وهذا مرهون بتقدير المقاومة وظروفها، التي تقرأ العدو جيدًا وتدرك مدى خطورة اعتماد قانون إعدام الأسرى، ويمكنها من التحرك لكسر معادلة العدو وإجباره على وقف عدوانه بحق الأسرى وقد تكون مبادرتها لتنفيذ عملية خطف جديدة، إحدى أبرز وأخطر الخطوات التي يمكن أن تدفع العدو لإعادة حساباته والتراجع خطوة للوراء.

ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال نحو 4780، من بينهم 160 طفلاً، و29 أسيرة، و914 معتقلاً إدارياً، وفق مؤسسات حقوقية.

Exit mobile version