كيف أصبحنا مع زلزال فالق الأناضول؟!

ساعات عصيبة عِشناها بخوف وترقب وتضرع وألم وأمل، صباح الإثنين 6 فبراير 2023م، التي بدأت في تمام الساعة الرابعة والثلث صباحاً بتوقيت مدينة إسطنبول التركية، حيث اهتزت الأرض وتصدعت، وهزت معها النفوس، وصدَعت القلوب، وأنهت حياة المئات، ونقلت الآلاف إلى المستشفيات التركية والسورية، وشردت الملايين من بيوتهم إلى الشوارع والساحات العامة والأراضي الزراعية الموحلة، ليفترشوا الأرض الغارقة بمياه الأمطار والثلوج؛ ترتجف أجسادهم من شدة البرد وحدة الصقيع، وهم غارقون في دمائهم ودموعهم.

زلزال الفالق الأناضولي وتداعياته

زلزال مدوٍّ ضرب مدن جنوب تركيا، وعدداً من المدن السورية، ووصلت تأثيراته إلى العراق ولبنان والأردن واليونان وقبرص، وبقوة بلغت 7.9 درجات على مقياس ريختر، وهي عتبة الخطورة القصوى، وبعمق بلغ نحو 7 كم، حسب منظمة «آفاد» التركية، والأرصاد الألمانية لإدارة الكوارث.

ضرب الزلزال أراضي واسعة في المناطق التي ذكرناها، وراح ضحيته حتى لحظة كتابة هذه السطور نحو 1014 قتيلاً و7000 مصاب في تركيا، وانهيار أكثر من 2850 مبنى سكنياً وتجارياً، وفي الجوار من الحدود التركية مأساة إنسانية مرعبة في سورية، حيث تهدم أكثر من 275 مبنى سكنياً بالكامل، و370 مبنى بشكل جزئي، وقُتل نحو 400 قتيل، وإصابة 1000 جريح في المناطق السورية المحررة (مدن وبلدات إدلب وعفرين وجنديرس سرمدا والدانا وعزمارين وحارم والبسينا والباب وسلقين ومخيمات أطمه)، وحوالي 430 قتيلاً و1285 جريحاً في مدن وبلدات تابعة لسيطرة النظام السوري (حلب وحماة واللاذقية وطرطوس..).

وأعلنت الحكومة السورية المؤقتة وهيئة الدفاع المدني في المناطق السورية المحررة (شمال غرب سورية)، بأن هذه المناطق منكوبة، وخارجة عن السيطرة، ووجهتا نداءات استغاثة لحكومات العالم، وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية، للمبادرة العاجلة بالدعم والإغاثة، وتقديم المعدات الطبية والغذائية، والتدفئة والمعدات اللوجستية، وإقامة مراكز إيواء مؤقتة بعد خروج نحو مليون إنسان من بيوتهم التي لم تعد صالحة للسكن وتشردهم بالطرقات والمزارع وبيوت الآخرين.

صدع شرق الأناضول

صدع أو فالق شرق الأناضول، هو منطقة الحدود التكتونية من نوع الصدع التحويلي بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية المتحركة، وهي بؤرة نشاط زلزالي مستمر تاريخياً، إذ حدثت في نطاقه مجموعة زلازل مدمرة، وكان أشهرها زلزال محافظة أرزنجان في شمال شرق الأناضول في ديسمبر 1939م، الذي راح ضحيته 30 ألف شخص، وبلغت قوته حينذاك 7.8 درجات على ريختر، وزلزال أضنة جيحان عام 1998م، وزلزال تركيا الأكثر إيلاماً في مدينة أزميت في 17 أغسطس 1999م، الذي راح ضحيته 17 ألف إنسان، ونصف مليون باتوا دون مأوى، ومن الزلازل المشهورة في نطاق هذا الصدع زلزال بينغول عام 2003م، وزلزال إلازيغ عام 2010م، وزلزال إلازيغ الثاني في يناير 2020م، الذي بلغت قوته 6.7 درجات، وراح ضحيته 22 شخصاً، ومئات الجرحى، وعشرات البيوت المهدمة.

وكان البيان الصحفي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مركز «آفاد» في أنقرة شارحاً وموضحاً لحجم الكارثة الإنسانية، بقول: زلزال مرعش اليوم هو أكبر كارثة تعيشها تركيا منذ زلزال عام 1939م بقوته التدميرية ونطاقه الواسع، وأكد أن 45 دولة بالإضافة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وحلف «الناتو»، قدموا عروض المساعدة العاجلة، وبعضها وصل للمناطق المتضررة.

إنه يوم حزين ترفع فيه الأيدي إلى الله تعالى بطلب الرحمة والرضا والستر والحفظ، وتعلو الأصوات تنادي لإعانة المنكوبين بعد هذه الكارثة الإنسانية في تركيا وسورية، وخصوصاً بالمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري التي يقطنها نحو 4 ملايين سوري، فالشعب السوري في هذه المناطق لا بواكي له، وهو مع المتضررين من أبناء الشعب التركي يعتصران الألم على فراق الأحبة، وخراب الديار، ويرجوان بأمل ورجاء حفظ ما بقي بعد تهجير وابتلاء ونكبة وفراق، والله المستعان.

Exit mobile version