مفاوضات لإلغاء التأشيرة.. كيف يؤثر على علاقة روسيا والخليج؟

تشهد العلاقات الخليجية الروسية تطورات ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، حيث جرى تبادل الزيارات الرفيعة وعقد العديد من الاجتماعات المشتركة بين الجانبين، وتم الاتفاق فيها على استمرار التعاون والتنسيق في مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وعقدت دول مجلس التعاون الخليجي، خلال العقد الماضي، 5 اجتماعات وزارية مشتركة للحوار الاستراتيجي مع روسيا، كان أولها في نوفمبر 2011، بمدينة أبوظبي، وفيه جرى توقيع مذكرة تفاهم لتنظيم آليات الحوار الاستراتيجي بينهما.

إلغاء التأشيرات

وفي تأكيد على رغبتها في تعزيز علاقاتها مع الخليج أعلنت روسيا عن خططها للعمل على نظام جديد يسمح بإلغاء تأشيرات الدخول مع معظم دول مجلس التعاون.

ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، في 16 ديسمبر الحالي، قوله إن بلاده تعمل على إنشاء نظام يسمح بالدخول من دون تأشيرة مع معظم دول الخليج، ومن ضمن ذلك السعودية والبحرين.

وأشاد المسؤول الروسي بما وصلت إليه العلاقات بين موسكو ودول الخليج، وقال: إن “علاقاتنا تتطور بشكل جيد للغاية، ووفود رجال الأعمال تتبادل الزيارات، وأعتقد أنه يمكننا العمل معاً”.

يأتي هذا فيما أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مؤخراً، أن العلاقات بين المملكة وروسيا تتطور، وأنه يجب البناء على هذا بالحوار، وهو ما ساعد المملكة على التوسط في صفقات إطلاق سراح بعض الأسرى.

تسهيلات سابقة

وأعلنت موسكو، خلال الأعوام الأخيرة، حزمة من التسهيلات لدخول بعض مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، في مؤشر على تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية.

ودخلت اتفاقية الإلغاء المتبادل لمتطلبات التأشيرات، بين روسيا والإمارات، حيز التنفيذ في 17 فبراير 2019، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية الروسية آنذاك.

وجاء في بيان الوزارة: “يحق لمواطني روسيا والإمارات الذين يمتلكون جوازات سفر صالحة، والذين ليس لديهم نية للعمل أو الدراسة أو الإقامة في أقاليم إحدى الدولتين الإعفاء من نظام التأشيرة، ويكون لهم الحق في الدخول أو الإقامة أو العبور عبر أراضي الدولة الأخرى دون تأشيرة لمدة تصل إلى 90 يوماً، و180 يوماً خلال كامل الفترة”.

وفي فبراير 2020، أعلنت سفارة قطر لدى موسكو أن روسيا ترحب بالمواطنين القطريين بدون فيزا، ويأتي ذلك في إطار الجهود المشتركة لتقوية علاقات الصداقة بين البلدين.

وذكر بيان السفارة وقتها أن القرار سيعمل على تذليل جميع العقبات أمام إقامة تواصل سلس بين مواطني البلدين، حيث قامت حكومتا البلدين الصديقين في 27 ديسمبر 2019، بتوقيع اتفاقية “الإعفاء المتبادل لمواطني البلدين من متطلبات تأشيرات الدخول”.

وأوضحت سفارة قطر أنه اعتباراً 23 من فبراير 2020، سيكون بمقدور كل مواطن من مواطني الدولتين، أن يزور الدولة الأخرى؛ دون الحاجة للحصول على تأشيرة دخول، وأن يقيم فيها مدة لا تزيد على 90 يوماً، شريطة ألا يكون الهدف من الزيارة العمل، أو الدراسة، أو الإقامة الدائمة، إذ إن لكل حالة من هذه الحالات شروطها الخاصة بها.

وعلى صعيد متصل، أعلنت روسيا، في 19 أكتوبر 2021، فتح أبوابها لمواطني السعودية والبحرين والكويت وعُمان والسماح لهم بالدخول إلى الأراضي الروسية ضمن قائمة ضمّت 52 دولة في العالم، بمنحهم التأشيرة الإلكترونية التي تستغرق دقائق قليلة، بعدما صادق رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين على القائمة.

جولات خليجية

وتسعى روسيا لرفع مستوى علاقاتها مع دول الخليج وتوسيع آفاقها، حيث أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جولة خليجية في مارس الماضي، شملت السعودية والإمارات وقطر.

والتقى لافروف خلال جولته قادة وزعماء الدول الخليجية الثلاثة، في وقت تشهد فيه العلاقات الخليجية الأمريكية حالة من الضبابية على خلفية تباين الآراء في العديد من قضايا المنطقة.

وأشارت تقارير إلى أن الملف الاقتصادي جاء على رأس أجندة لافروف خلال جولته، حيث تسعى موسكو لتعميق التعاون التجاري والاقتصادي مع الخليج، مع حرصها على سرعة تطبيق الاتفاقات المبرمة خلال الفترة الماضية والتي لم تدخل حيز التنفيذ.

وبعد شهرين من جولته السابقة، أجرى لافروف جولة خليجية أخرى مطلع يونيو الماضي، بدأها من السعودية للمشاركة في الجولة الخامسة من الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون الست، كما شملت جولته زيارة الكويت وعُمان.

واكتسبت الجولة الخامسة من الحوار الاستراتيجي أهمية خاصة؛ حيث تزامنت مع تصاعد التوترات الدولية على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، كما أنها استبقت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية.

تطوير العلاقات

بدوره يرى الكاتب والصحفي بدر العتيبي أنه في حال أقر نظام دخول مواطني دول الخليج إلى روسيا دون تأشيرة، فسيكون لهذه الخطوة دور كبير في تعزيز وتطوير العلاقات بين الجانبين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

ويبين أن ‏هناك مناقشات منفردة في هذا الجانب أجرتها روسيا مع بعض دول الخليج، حيث طلبت من البحرين، في وقت سابق، تفعيل نظام السفر دون تأشيرة لمواطني كلا البلدين وفق مشروع الاتفاق الحكومي الدولي، والذي كان قيد الدراسة من قبل وزارة الخارجية الروسية منذ يناير 2020.

ويتابع العتيبي: “كما يتم التفاوض على إنشاء نظام من دون تأشيرة مع معظم دول الخليج، لكن إقرار النظام يتوقف على مدى دعم كل دول المجلس له؛ فمتى ما تحقق ذلك سيقر النظام” بحسب الخليج أون لاين.

ويؤكد أن دول الخليج تعمل على تنويع تحالفاتها، و”هناك مؤشرات على تطوّر العلاقات الخليجية الروسية”، مستشهداً بتطور حجم التجارة بين روسيا والخليج من نحو 3 مليارات دولار في 2016، إلى أكثر من 5 مليارات دولار في 2021.

ويشير العتيبي إلى أن الرياض وموسكو تقودان تحالف “أوبك بلس”؛ لتحقيق استقرار في أسعار النفط، لافتاً إلى أن “تعزيز العلاقات مع روسيا مطلوب، وفي النهاية فالقرار الخليجي ينطلق من المصلحة العليا لدوله ولمواطنيه”.

Exit mobile version