الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد.. قصة نضال توجت بالشهادة

 

بعد معاناة طويلة مع المرض والسجان، توجت حياة الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد، اليوم الثلاثاء، بالشهادة نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد “القتل الطبي” التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى.

الأسير الشهيد ناصر أبو حميد أمضى حياته مناضلاً ومعتقلاً ومطارداً من أجل قضية فلسطين، وواجه ظروفاً صحية صعبة جراء الإصابات التي تعرض لها، وخلال العام الماضي، تفاقم وضعه بشكل ملحوظ تحديداً في أغسطس، وتبين أنه مصاب بورم في الرئة.

وأكدت عائلة الأسير الشهيد، ناصر أبو حميد، أنها ستظل في حالة حداد مستمرة، ولن تقبل العزاء، إلى أن يتحرر جسد ابنها، ومعه سائر جثامين الشهداء المحتجزة في مقابر الأرقام، وداخل ثلاجات الاحتلال “الإسرائيلي”.

وأضافت العائلة، في بيان اليوم الثلاثاء: “ترجل ناصر روحًا، ولم يترجل جسدًا، بحيث لن يتسنى لنا إكرامه بالدفن، بحسب قانون الاحتلال البغيض”.

ووجهت رسالة للاحتلال بالقول: إن “لدينا قوانيننا، فنحن القابضون على الجمر، المحتسبون أمرنا لله عز وجل”.

وأشارت إلى أنها “تزف نبأ استشهاد ابنها الغالي القائد الكبير أسد فلسطين، الذي صعدت روحه لباريها فجر هذا اليوم، وبهذا تكون روحه حرة طليقة، ويبقى جسده أسيراً لدى الاحتلال”.

وعاهدت العائلة الشعب الفلسطيني على الصبر، قائلة: “نحن نستمد قوتنا وعزيمتنا من تضحيات شهدائنا الأبرار”.

رسالة مؤثرة

وفي آخر رسائله قبل دخوله في غيبوبة، قال: “أنا بودع شعباً بطلاً عظيماً حتى ألتحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم”.

وأضاف: “أنا مؤمن بقضاء الله وقدره، ومؤمن بالطريق الذي اخترته، وأن عزاءه الأكبر وهو يتابع الوقفات الجماهيرية من أبناء شعبه المقاوم ضد الاحتلال الظالم”.

وبعث في رسالته أيضاً: “أنا ذاهب إلى نهاية الطريق، ولكن مُطمئن وواثق بأنني أولاً فلسطيني وأنا أفتخر، تاركًا خلفي شعباً عظيماً لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى، وأنحني إجلالاً وإكبارًا لكل أبناء شعبنا الفلسطينيّ الصابر، وتعجز الكلمات عن كم هذا المشهد فيه مواساة وأنا “مش زعلان” من نهاية الطريق لأنه في نهاية الطريق أنا بودع شعباً بطلاً عظيماً، حتى ألتحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم”.

إضراب عام

ونعت أوساط رسمية وحزبية وشعبية فلسطينية الأسير ناصر أبو حميد، وطالبت السلطة الفلسطينية “تل أبيب: بتسليم جثمانه، بينما أعلنت حركة “فتح” والقوى الوطنية والإسلامية الإضراب الشامل “حداداً على روح الشهيد”.

وذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية أن الأسرى في سجون الاحتلال كافة أعلنوا الحداد العام ثلاثة أيام، وإرجاع وجبات الطعام.

وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال دفعت بالمزيد من وحدات القمع المدججة بالسلاح يرافقها قوات من الجيش والشرطة إلى العديد من السجون تحسباً لانفجار حقيقي رداً على استشهاد الأسير أبو حميد.

من جانبه، أكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم أن استشهاد الأسير القائد ناصر أبو حميد جريمة كبيرة يرتكبها الاحتلال بحق الأسرى والشعب الفلسطيني.

وشدد قاسم، في بيان صحفي، على أن سياسة الإهمال الطبي، تكشف مدى إرهاب ونازية مصلحة السجون الصهيونية بحق الأسرى.

وبين أن هذه الجريمة يجب أن تواجه بتصعيد حقيقي للنضال الوطني لوقف سياسة الإهمال الطبي الإجرامية.

وأوضح أن الشهيد أبو حميد قاتل حتى الرمق الأخير، ومثّل الشعب الفلسطيني بالتضحية الكبيرة والإصرار على التمسك بكل تفاصيل الوطن.

وأشار قاسم إلى أن حركة “حماس” تضع قضية الأسرى على رأس سلم أولوياتها، وتؤكد أن حل قضيتهم بكسر القيد عنهم وليس فقط بتحسين أوضاعهم المعيشية داخل السجون.

وتابع بأن “حماس” ومعها شعبنا الفلسطيني تخوض صراعاً مستمراً لعقد صفقة جديدة للأسرى، وهو ما تم التعبير عنه في مهرجان الانطلاقة الأخير في خطاب قائد الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار.

وقالت لجنة الحريات للشهداء والجرحى والأسرى في الداخل: إن جـريمة الإهمال الطبّي والتنكيل بالأسرى والأسيرات من أبناء شعبنا الفلسطيني سياسة تنتهجها سلطة السجون “الإسرائيلية” بهدف زيادة معاناة الأسـرى المحرومين من أبسط حقوقهم الطبية والإنسانية لمجرد كونهم فلسطينيين.

كما نعاه رواد موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، مستذكرين مسيرته النضالية في وجه السجان.

وقال الكاتب ياسر الزعاترة: كان القتلة يعلمون أن المرض العضال لم يترك له الكثير من الوقت؛ لكنهم أبوا أن يسمحوا له بقضاء آخر أيامه بين أهله، مضيفاً: تلك خاتمة أفضل يا حبيب فلسطين.

وغردت الكاتبة لمى خاطر: يترجل اليوم ناصر أبو حميد، بعد أن عاش حياته مقداماً أبيّاً في الميدان، وحرّاً معطاءً داخل السجون يمضي من ضيق الزنزانة إلى رحابة الآخرة، ومن التعب إلى الراحة الكبرى.

وكتب الإعلامي إسلام بدر عبر حسابه في “تويتر”: أن تكون سليل عائلة وطنية عظيمة ثم مقاوما ومطارداً ثم أسيراً ثم صامداً في قلاع الأسر رغم المرض وتترجل في نهاية المطاف شهيداً هذه سردية فلسطينية خالصة تتمثل في الشهيد البطل.

نبذة عن الشهيد ناصر أبو حميد

فدائي فلسطيني من قرية السوافير المهجرة عام 1948، قرب مدينة أسدود شمال قطاع غزة.

ولد في الخامس من أكتوبر عام 1972 في مخيم الأمعري في رام الله، واعتقل أول مرة قبل انتفاضة عام 1987 وأمضى 4 شهور في المعتقل.

وأُعيد اعتقاله مجدداً وحكم عليه الاحتلال بالسجن عامين ونصف العام، وعام 1990، اعتقل للمرة الثالثة وحكم عليه الاحتلال بالسجن المؤبد، أمضى من حكمه 4 سنوات ليفرج عنه مع الأسرى الذين أفرج عنهم في إطار المفاوضات، وأُعيد اعتقاله عام 1996 وأمضى 3 سنوات.

وتعرض خلال مطاردته لأكثر من مرة للاغتيال من قبل الاحتلال، واعتقل في 22 أبريل 2002 بعد مطاردته في مخيم قلنديا شمال القدس برفقة شقيقه نصر، وحكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات و50 عاماً.

وفي يوليو الماضي، تبين إصابة أبو حميد بمرض سرطان الرئة بعد إجراء فحوصات له، حيث أجري له عمليه جراحية لاحقاً لاستئصال المرض، وأقدمت مصلحة السجون على إعادته للسجن قبل تماثله للشفاء.

ويطلق على أبو حميد بـ”الأسد المقنع”، بسب نشاطه في ملاحقة العملاء، والعمليات التي خاضها ضد الاحتلال ومستوطنيه.

Exit mobile version