“نيوزويك” الأمريكية: “صاروخ بولندا”.. جرس إنذار لدعاة الحرب المفتوحة

 

في الأسبوع الماضي، بدا أن سيناريو حرب بين الولايات المتحدة وروسيا، ليس من نسج الخيال. فعندما أبلغ “مسؤول استخباراتي بارز” وكالة “أسوشيدبرس” بأن صاروخين روسيين سقطا في بولندا وقتلا شخصين، قُرع جرس الإنذار حول العالم.

ويقول جوناثان توبين في “نيوزويك” الأمريكية، إن ميل مؤسسة الاستخبارات الأمريكية إلى زعم أنها ضربة صاروخية روسية، أثار احتمال لجوء بولندا إلى تفعيل المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو.

الولايات المتحدة والاتحاد الروسي

ولا شك في أن استفزازاً مماثلاً، كان سيلزم الولايات المتحدة وبقية أعضاء الحلف  بالدفاع عن بولندا، ما يعني حرباً بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، ولا شك أن نزاعاً بين قوتين نوويتين، سيعني حرفياً، بداية حرب عالمية ثالثة.

ولكن لحسن الحظ، فإن هذا السيناريو لم يحصل. والفضل في ذلك إلى الإنترنت، وصور الحطام في منطقة برزفودوف البولندية التي سرعان ما انتشرت، ما أوضح أنه كان على المسؤول الأمريكي إغلاق فمه حتى تظهر التفاصيل. وتبين لاحقاً أن الصاروخ أوكراني وليس روسياً.

{tweet}url=1595043605936324610&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}

جدار برلين

ويضيف الكاتب أن تأكيد سقوط الضحيتين بصاروخ دفاعي أوكراني سقط على بولندا، جعل الجميع يتنفسون الصعداء. ومع ذلك، فإن البيت الأبيض، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، رددا صدى ما قاله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي قال إنه حتى لو أن بلاده كانت وراء الصاروخ، فإن المسؤولية تقع على روسيا لأنها بدأت الحرب.

ومع ذلك، لاتزال الحرب مستمرة منذ تسعة أشهر، والمساعدة الغربية الهائلة والأداء المفاجئ  للقوات المسلحة الأوكرانية، أفشلا انتقام بوتين. وبالقدر ذاته من الأهمية، ساهم عجز القوات الروسية، في تفوق قوات كييف عليها.

وتحدث كثيرون من مؤيدي أوكرانيا عن روسيا، وكأن جدار برلين لا يزال قائماً وأن قوات حلف وارسو التقليدية، لا تزال متأهبة في ألمانيا الشرقية، وعلى استعداد لغزو أوروبا الغربية بمجرد تلقي الأوامر من الكرملين.

لكن مشاهدة الجيش الروسي يتراجع من المقاطعات الأوكرانية، يجعل القول إن ثمة تهديداً بغزو دولة تنتمي إلى الناتو، أمراً مضحكاً.

ورغم ذلك، لا تزال روسيا تملك أنواعاً مختلفة من الأسلحة النووية، ما يعني أن على واشنطن أن تواصل التعامل مع احتمال نشوب نزاع مباشر بين الناتو وروسيا، بالقدر ذاته من الحذر الذي كانت تتسم به مع الاتحاد السوفييتي.

نظام أوكراني فاسد

وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة إرسال مساعدات ضخمة، مع محاسبة ضئيلة، لنظام أوكراني فاسد.

وسبق لإدارة بايدن أن أوعزت إلى الكونغرس بإنفاق 54 مليار دولار على أوكرانيا. وفي ذات يوم سقوط الصاروخ في بولندا، أعلنت أنها تريد 37 مليار دولار أخرى مساعدة طارئة  لمواصلة القتال.

لفت الكاتب إلى أن الجهد المبذول في هذه الحرب يقترب من ضعفي ما كانت تنفقه الولايات المتحدة على حربها في أفغانستان في سنواتها الأخيرة، وهو ثمن وصفه بايدن نفسه بغير مقبول، عندما أمر بالإنسحاب الكارثي من هناك.

اعتقدت واشنطن أن منع إعلان طالبان النصر، ومعاودة انتهاكات حقوق الإنسان، واحتمال استضافتها تنظيمات إرهابية أخرى، لا يستحق أموال دافعي الضرائب الأمريكيين.

لكن لا يبدو أن ثمة ثمناً باهظاً يفوق العودة بالوضع في أوكرانيا إلى ما كان عليه قبل فبراير (شباط) 2022.

وفي غياب احنمال نهاية للحرب في المدى المنظور، فإن المأساة التي حدثت في بولندا، يمكن أن لا تكون الأخيرة، مع فرصة جر الناتو إلى القتال. لكن بايدن لا يزال يشجع تصميم زيلينسكي على مواصلة القتال، وتوقع أن الشعب الأمريكي سيعتبر أن من الأفضل مواصلة دفع الأموال.

سياسة أكثر حذراً

إن المطلوب سياسة أمريكية أكثر حذراً مع أوكرانيا، وتسعى إلى تفادي فرص النزاع مع دولة نووية لا تشكل تهديداً تقليدياً لأوروبا، وتأخذ في الإعتبار أن إنهاء الحرب أولوية عندها، خاصة مع الكارثة الإنسانية التي تلوح في الأشهر المقبلة.

على الغالبية الجمهورية في مجلس النواب التي ستمسك بمالية الأمة، أن تصر على إعادة النظر في التأييد الأعمى لحرب قد تترتب عليها نتائج غير محسوبة. وعلى العقلاء الديموقراطيين الوقوف إلى جانبهم.

Exit mobile version