مصانع الخياطة بغزة تحاول النهوض مجدداً بعد سنوات من الركود

 

بعد سنوات من الركود والإغلاق بفعل الحصار “الإسرائيلي” والعدوان الذي دمر مئات المصانع، عادت مصانع الخياطة في قطاع غزة للانتعاش قليلًا ومحاولة النهوض، بعد قرار وزارة الاقتصاد بفرض رسوم إضافية على المستورد ودعم المنتج المحلي.

وتفرض “إسرائيل” إجراءات على المعابر من حيث تشديد القيود على المواد الخام اللازمة للصناعة، والإغلاق المستمر للمعابر ما تسبب بتقويض الصناعة، وتقنين حجم الصادرات من غزة إلى الخارج، في حرب واضحة على الصناعات الوطنية.

وأعلنت وزارة الاقتصاد الوطني، في يوليو الماضي، عن تعديل رسوم استيراد أصناف السلع الواردة إلى قطاع غزة عبر المعابر التجارية.

مدير عام السياسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد الوطني أسامة نوفل، يشير إلى أن مصانع الملابس استوعبت أكثر من 400 عامل جديد بعد قرار وزارة الاقتصاد فرض قيود على السلع المستوردة.

ويضيف نوفل أنه كان يوجد 900 مصنع ملابس في غزة قبل سنوات الحصار، لتتقلص تدريجياً إلى 200 مصنع اليوم بسبب الحصار.

ويتحدث عن زيادة إدخال مدخلات الإنتاج إلى القطاع كالقماش والخيوط، ما يعكس أن هذا القطاع ينمو حتى وإن كان بسيطاً، وتوظيف آلاف العمال الجدد وتحسين تداول المنتج المحلي.

وجرى إعفاء أصحاب المصانع بنسبة 50% على جميع مدخلات الإنتاج، و50% أخرى إذا أحضر الأوراق الثبوتية الأخرى من وزارة المالية، بمعنى إعفاء بنسبة 100% على جميع مدخلات الإنتاج، الأمر الذي يسهم بتخفيض التكلفة الخاصة بالصناعة، وفق نوفل.

ويلفت لحصول أصحاب المصانع على خصم بنسبة 50% من تكلفة الكهرباء للمصانع العاملة في المنطقة الصناعية التي تحصل على كهرباء دائمة.

ويوضح ضيفنا أن المصانع في قطاع غزة تصدّر للضفة الغربية والداخل المحتل، بالتالي لها دور كبير في الاقتصاد الوطني الفلسطيني وتشغيل آلاف العمال، إضافة لمصانع أخرى للاستهلاك المحلي.

تشغيل الآلاف

من جانبه، يقول رئيس نقابة العاملين في النسيج والملابس والجلود والخياطة في قطاع غزة محمد حمدان: إن قرار تعديل رسوم استيراد الملابس سيساهم بعودة 20 ألف عامل إلى مصانعهم تدريجيًا.

ويشير حمدان، في حديثه، إلى أن قطاع الخياطة كان يعاني من قلة الملتحقين والمتدربين والعمال بسبب عدم قدرة مصانع الخياطة المحلية من العمل في ظل الحصار، والاعتماد على الملابس المستوردة بدلاً من المنتجة محلياً.

ويوضح أن نشاط مصانع الخياطة في القطاع لا يتجاوز 20% من قدرتها الإنتاجية الفعلية، لافتًا إلى أن عدد العاملين في القطاع تقلص بفعل الحصار إلى 6 آلاف عامل من أصل 35 ألفاً متعطلين منذ فرض الحصار.

وتختص مصانع الخياطة العاملة في غزة بإنتاج البناطيل بمختلف أنواعها خاصة الجينز، وقمصان، وفساتين، والعباءات والجلباب وغيرها، وفق قوله.

ويلفت ضيفنا إلى أن معظم الجلابيب الشرعية تصنع محليًا، وما بين 50-60% من ملابس الجينز، ونحو 70% من العباءات، وما بين 90-100% من الزي المدرسي يصنع في غزة.

ويعتقد حمدان أن القرار الجديد سيساهم في توسيع صناعة الملابس المنتجة محليًا، خاصة ما يتعلق بملابس الأطفال والمواليد ويساهم في إنعاش سوق الخياطة.

وشكّل استيراد كميات كبيرة من الملابس الجاهزة نوعاً من المضاربة بين التجار، وبعضهم باع القطعة بأقل من سعرها للبحث عن سيولة، لجانب استيراد منتجات رخيصة من الصين، مما أثر على مصانع الخياطة المحلية، وفق حمدان.

ويُكمل: المصانع المحلية تستطيع تغطية احتياج السوق بأكثر من 60%، ولديها كفاءة وقدرة عالية على ذلك، وكانت تسوّق في أوروبا وكندا وأمريكا تحت مسميات شركات “إسرائيلية” وهو في الأصل صناعة فلسطينية بامتياز، أثناء تعاقدها مع مصانع غزة.

خطوة إيجابية ولكن..

من جانبه، يرى المختص الاقتصادي أحمد أبو قمر أن القرار سيسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص للعامل الفلسطيني للعمل على مدار الأسبوع وليس 4 أيام فقط.

ويردف أبو قمر، في حديثه، أن قرار دعم المنتج المحلي سيساهم في تصحيح الخلل في عجز الميزان التجاري (الفرق بين الصادرات والواردات)، التي تنتج من البضائع المستوردة.

وينصح بزيادة عدد الصادرات، الأمر الذي سيسهم بزيادة العملة الصعبة وتحسين الواقع الاقتصادي الفلسطيني.

ويطالب بأن يكون إعفاء ضريبي كامل على المواد الخام، من خلال الامتيازات الضريبية، وتسهيل عملية النقل والمواصلات عبر معبر كرم أبو سالم، ومحاولة توصيل الكهرباء الدائمة لجميع المصانع في قطاع غزة.

وحتى الآن، تبعًا لأبو قمر، لم يلاحظ تحسن على أجور العمال في مصانع الخياطة، مؤكدًا ضرورة وجود تشديد من قبل وزارتي الاقتصاد والعمل لإجبار أصحاب المصانع لتحسين أجور العمال.

من جانبه، يقول صاحب مصنع الأستاذ للملابس الجاهزة، أبو السعيد الأستاذ: إن قرار وزارة الاقتصاد لم يساهم كثيراً في تحسن عمل مصانع الخياطة في قطاع غزة، مطالباً بدعم التجارة الجزئية بين فلسطين وتركيا لانخفاض تكاليفها.

ويلفت أبو السعيد إلى أن أصحاب المصانع في قطاع غزة متضررون من الاستيراد عبر الصين بشكل كبير، بسبب التكاليف العالية.

ويشير إلى أن زيادة الطلب في الفترة الأخيرة على العمال المهرة ساهم برفع الأجور، كما طالب بإعفاء ضريبي كامل على المواد الخام للقدرة على المنافسة في وجه المنتج الصيني.

بدوره، يقول صاحب مصنع جبر للملابس إسماعيل جبر: إن القرار لم تظهر آثاره الإيجابية بعد بشكل كامل، خاصة أن السوق لا يزال مكدسًا بالبضائع المستوردة سابقاً.

ويدعو جبر وزارة الاقتصاد لمحاولة توفير الآلات الخاصة بالعمل، وتدريب الأيدي العاملة لتوفير كادر جديد، لمواكبة التطور في الآلات، مضيفًا: الجانب “الإسرائيلي” كان يأخذ ملابس من مصانع قطاع غزة، ويصدرها لأمريكا، بحسب وكالة “سند”.

Exit mobile version