ملتقى علمي بغزة: الإمام القرضاوي رائد الوسطية

 

أكد علماء فلسطين أن الإمام يوسف القرضاوي، رحمه الله تعالى، هو رائد الوسطية والاعتدال في هذا العصر مهما حاول خصومه وشانئوه أن ينالوا منه، وأن يلصقوا فيه ما ليس فيه من تهم الإرهاب والتطرف والغلو.

وقال العلماء خلال ملتقى علمي نظمته الدائرة العلمية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، أمس الثلاثاء، في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة بعنوان “الإمام القرضاوي.. مجدد ومجتهد”: إن من معالم وسطية منهج الإمام في التشريع الدعوة لتفعيل الاجتهاد الجماعي في القضايا الكبرى خصوصًا أو ما يعرف بقضايا الأمة والمجتمعات إحاطةً لهذا النوع من الاجتهاد بأقصى ضمانات عدم الإفراط أو التفريط والغلو.

إبراهيم: القرضاوي عدّ الوسطية من أبرز خصائص الإسلام وعبَّر عنها بـ”التوازن”

الوسطية التطبيقية

من جهته، ذكر عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية بغزة د. تيسير إبراهيم، أن الممارسة العملية للعلامة القرضاوي في الفتوى والمواقف والرؤى وغير ذلك مما يعبر عن التطبيق العلمي للمنهج الوسطي.

وبين إبراهيم أن هذا يظهر بشكل جلي في فتواه ومنهجه في التعامل مع النوازل، وملاحظة الواقع في الفتوى، واعتبار التيسير معيارًا في الإفتاء وغير ذلك من مظاهر الوسطية التطبيقية.

وأشار إلى أن الشيخ تبنى منهج الوسط دائمًا، فمن خصائصه الذي سار عليها هو التزام روح التوسط دائمًا، والاعتدال بين التفريط والإفراط، وبين الذين يريدون أن يتحللوا من عرى الأحكام الثابتة بدعوى مسايرة التطور من المتعبدين بكل جديد، وبين الذين يريدون أن يظل كل ما كان على ما كان من الفتاوى والأقاويل والاعتبارات؛ تقديسًا منهم لكل قديم.

ولفت إلى أن ذلك كان واضحاً في كتبه مثل “الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف”، و”الفتوى بين الانضباط والتسيب”، و”كلمات في الوسطية ومعالمها”، و”ظاهرة الغلو في التكفير”، و”الخصائص العامة للإسلام”، و”فقه اللهو والترويح”، و”السياسة الشرعية”.

خصائص الإسلام

ونوه إبراهيم إلى أن د. القرضاوي قد عدّ الوسطية من أبرز خصائص الإسلام، وعبَّر عنها أيضًا بـ”التوازن”، واعتبر أن تميز الإسلام بهذه الخاصية؛ لأنها من عند الله تعالى، وأن الإنسان عاجز عن إنشاء نظام متوازن.

مستشهداً بقول الإمام القرضاوي بذلك: التوازن أكبر من أن يقدر عليه الإنسان، بعقله المحدود، وعلمه القاصر، فضلًا عن تأثير ميوله، ونزعاته الشخصية، والأسرية والحزبية، والإقليمية والعنصرية وغلبتها عليه من حيث يشعر أو لا يشعر؛ ولهذا لا يخلو منهج أو نظام يصنعه بشر فرد أو جماعة من الإفراط أو التفريط، كما يدل على ذلك استقراء الواقع وقراءة التاريخ.

وأضاف عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية بغزة: لقد عمل العلاَّمة رحمه الله على إبراز مظاهر هذه الوسطية حتى لا يبقى الكلام نظريًا فقال: وإذا كان للوسطية كل هذه المزايا؛ فلا عجب أن تتجلى واضحة في كل جوانب الإسلام، نظرية وعملية، تربوية وتشريعية.

ولفت إبراهيم إلى أنه عد مظاهرها في كل أبواب الدين بدءاً من الاعتقادات مرورًا بالعبادات والشعائر وختامًا في الأخلاق والسلوك.

الأغا: جهود القرضاوي نتج عنها تنشئة أجيال واعية ومثقفة ومتفهمة لعدالة قضيتها

الإفتاء المعاصر

وأوضح أن من معالم منهج الإمام في الإفتاء المعاصر ضرورة الالتزام بالوسطية وعدم الخروج عنها والالتزام بمقاصد التشريع وعدم الجمود على النص والبحث عن مراميه وغاياته المنشودة، حتى إنه سمى كتابه في الفتوى “الفتوى بين الانضباط والتسيب”، فهو منهج وسط يبتعد عن طرفي الإفراط والتفريط.

وفاء وتقدير

بدوره، قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية د. عبدالهادي الأغا: إن تنظيم الملتقى العلمي يأتي وفاءً وتقديرًا لجهود الإمام يوسف القرضاوي الكبيرة والعظيمة في خدمة دينه ووطنه.

مبيناً أن هذه الجهود قد نتج عنها تنشئة أجيال واعية ومثقفة ومتفهمة لعدالة قضيتها.

وفي 26 سبتمبر الماضي، توفي الإمام يوسف القرضاوي، الرئيس المؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن 96 عاماً، وهو أبرز علماء الشريعة في العصر الحاضر، وأحد أعلام الإسلام البارزين في العلم والفكر والدعوة في العالم الإسلامي.

Exit mobile version