بعد كورونا وحرب أوكرانيا.. أزمة ثالثة تقضّ مضاجع العالم

 

بينما يكافح العالم لتجاوز تداعيات أزمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ضربته كارثة جديدة من شأنها شل اقتصادات دول عظمى وتعميق أزمة الغذاء وإمدادات الطاقة.

ففي ظل كارثة التغير المناخي التي أصابت أمريكا وأوروبا والصين، أصبح 71 نهراً مهدداً بالجفاف، مما ينذر بعواقب وخيمة محتملة على الصناعة والشحن والطاقة وإنتاج الغذاء والزراعة وسلاسل التوريد وتوليد الكهرباء.

ماذا يحدث؟

– نهر اليانغتسي بالصين انخفضت تدفقاته بشكل كبير لأول مرة منذ 157 عاماً، فضلاً عن تأثر 65 نهراً آخر بالجفاف في 34 مقاطعة صينية، مما يضرب الشحن النهري وبالتالي التجارة والاقتصاد.

– نهر الراين الذي يعبر 6 دول أوروبية، انخفض منسوبه بمقدار الثلث، وهو ما خفض النقل النهري بنسبة 30%.

– نهر لوار الأطول في فرنسا شهد انخفاضاً حاداً في منسوبه بعد أن جفت روافده، وهو ما أثر على الزراعة والسياحة وصيد الأسماك، وتأثرت 4 محطات للطاقة النووية تستخدم مياهه في تبريد مفاعلاتها، مما قلل إنتاج الكهرباء.

– نهر بو الذي يتدفق عبر شمال إيطاليا لمسافة تزيد على 650 كيلومتراً، يواجه انخفاضاً حاداً في منسوب مياهه لأول مرة منذ 70 عاماً، وهو ما يؤثر على ري المحاصيل ومياه الشرب.

– الدانوب، أطول ممر مائي في أوروبا الغربية، انخفضت مياهه لمستوى قياسي، وهو ما فاقم مشكلات عبور سفن الشحن.

– نهر كولورادو الأمريكي الذي يزود غرب الولايات المتحدة بالمياه ويتدفق إلى المكسيك، أصبح يعاني انخفاضاً حاداً في منسوب المياه.

تقول مجلة “أتالير” الإسبانية: إن جفاف الأنهار الرئيسة شكّل مشكلة لوجستية واقتصادية دولية، تضاف لقضايا ارتفاع التضخم وغلاء أسعار الغذاء في عدة بلدان، كما فاقم أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الأوكرانية.

وأشارت في تقرير، الأحد، إلى أن العالم يشهد أسوأ موجة جفاف منذ عقود، أحدثت دماراً في عدة أنهار إستراتيجية كما خلقت مشكلات كبيرة بتوريد بعض المنتجات والسلع.

أضرار كبيرة لأوروبا

أصبح التغير المناخي يهدد شرايين المياه في أوروبا بعد ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي، مما تسبب في تبخر مياه أنهار كبيرة وأنذر بخسائر 80 مليار دولار بحركة النقل النهري في القارة، التي تشهد أسوأ موجة جفاف منذ نحو 500 عام.

مركز الاتحاد الأوروبي للبحوث حذر مؤخراً من أن ارتفاع درجة الحرارة والجفاف ربما يؤديان إلى انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة ما بين 8 و9% عالمياً.

وتأثرت حركة النقل النهري وارتفعت أسعار الشحن بنحو 30%، حسب بيانات هيئة “يوروستات”.

وقال المرصد الأوروبي لمراقبة الجفاف: إن قرابة ثلثي القارة الأوروبية عرضة للجفاف، ونحو 54% من أراضيها تعرضت للجفاف بحلول يوليو الماضي.

خسائر أمريكية

وفي الولايات المتحدة، يجري نهر كولورادو غربي البلاد ويصب في المكسيك، حيث يعتمد على مياهه نحو 40 مليون شخص في المكسيك و7 ولايات أمريكية من بينها آريزونا وكاليفورنيا وكولورادو ونيفادا، للشرب والزراعة وتوليد الكهرباء.

ووفق تقارير أمريكية، تأثرت زارعة الخس في أريزونا، ومن المرجح أن تفقد الولاية ما يقارب 21% من المياه التي تحصل عليها من النهر نتيجة الجفاف وتغير المناخ.

الصين أكبر المتضررين

يثير الجفاف الذي ضرب 66 نهراً في 34 مقاطعة بمنطقة تشونغتشينغ جنوبي غرب الصين، مخاوف من قطع إمدادات السلع بين المقاطعات.

بيانات وزارة الطوارئ الصينية، خلال أغسطس الماضي، أظهرت أن ارتفاع درجات الحرارة، في يوليو الماضي، أدى إلى خسائر اقتصادية مباشرة بلغت قيمتها 400 مليون دولار.

قلة المياه في النهر قد تسبب أزمة جوع، وتؤثر على عمل محطات كهرومائية بما فيها “سد الممرات الثلاث”، أكبر محطة كهرباء بالعالم.

بحيرة بويانغ أحد أحواض الفيضان المهمة لنهر اليانغتسي، انخفض منسوبها إلى ربع حجمها، وفق وكالة “شينخوا” الصينية الحكومية.

وتقول الخبيرة في الشؤون البيئية وتغير المناخ سارة الصاوي: إن موجة الحر أثرت في مستوى الممرات المائية العالمية المهمة بشكل سلبي، مما ينسحب على الوضع الغذائي والاقتصادي بالغرب والصين.

وتضيف الخبيرة أن أوروبا كانت تنوي الاعتماد بشكل كبير على الأنهار كجزء من جهودها لمكافحة التغير المناخي، وتقليل انبعاثات الغازات بمقدار 25% بحلول عام 2030م، مشيرة إلى مفارقة كبيرة مع ما يحدث الآن من جفاف وارتفاع تاريخي بدرجات الحرارة.

وتابعت: العالم لم يستفق من التداعيات السلبية لفيروس كورونا حتى جاءت الحرب الأوكرانية التي شلت اقتصاده، وأعقبهما جفاف الأنهار وتأثر شحن إمدادات الوقود والفحم وقطع الغيار بوسط أوروبا ومختلف السلع والمواد الخام اللازمة للوجهات العالمية وتأثر إنتاج الكهرباء.

وأشارت الصاوي إلى أن تقرير للأمم المتحدة بعنوان “الجفاف في أرقام 2022″، أكد أن حالات الجفاف على مستوى العالم أصبحت أكثر تواتراً وطولاً، وأن ما بين عامي 1970 و2019م، شكلت مخاطر الطقس والمناخ والمياه 50% من كوارث العالم.

Exit mobile version