53 عاماً على إحراق “الأقصى” على يد الصهاينة.. وما زالت الجريمة مستمرة

 

في ظل عمليات تهويد واعتداءات مكثفة على المسجد الأقصى المبارك، يستذكر الفلسطينيون، في 21 أغسطس من كل عام، ذكرى جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة عام 1969، على يد الإرهابي الصهيوني اليهودي المتطرف الأسترالي دنيس مايكل روهان، وقد أتت النيران على أجزاء كبيرة من المسجد، ودمرت الكثير من الكنوز الدينية والتاريخية والحضارية، ولكن الحريق ومن يقف خلفه لم يدمر حب الأقصى والدفاع عنه من قلوب المرابطين والأمة، الذين يواصلون الدفاع عنه لإسقاط كل مخططات الاحتلال التهويدية الهادفة لتدمير “الأقصى”.

في هذا التقرير، تسلط “المجتمع” الضوء على تلك الجريمة مع مرور 53 عاماً على ارتكابها، ودفاع الشعب الفلسطيني المستميت عن أقصاهم. 

مفتي القدس: الأقصى في قلوبنا وسندافع عنه بأرواحنا والكويت وقفت لجانب القدس وأهلها في أوقاتها العصيبة

تفاصيل الجريمة التاريخية

المتطرف الصهيوني دنيس مايكل روهان تسلل إلى المسجد الأقصى وبتنسيق كامل مع قوات الاحتلال الصهيوني، وأشعل بحقده النيران في الجناح الشرقي للمسجد المبارك، وقد التهمت النيران واجهات المسجد وسقفه وسجاده وزخارفه الحضارية، وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، كما أتت النيران على مسجد عمر الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، وتدمير محراب زكريا المجاور لمسجد عمر، بالإضافة لثلاثة أروقة من أصل سبعة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق، كما احترقت أعمدة مع القوس الحجري الكبير تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية وغيرها، وتلك المحتويات تمثل قيمة دينية وتاريخية عظيمة أراد الصهاينة طمسها من خلال هذا الحريق الإجرامي.

وكالعادة، ومع كل جريمة، ادعى الاحتلال الصهيوني أن روهان مختل عقلياً، ورحَّلته إلى أستراليا بعد أن قامت بقطع الماء عن المصلى القبلي ومحيطه، ومنع فرق الإطفاء والإسعاف من الوصول إليه وحاصرت محيط “الأقصى” بمئات الجنود، وذلك لضمان انتشار واسع للحريق لتدمير كل مكونات المسجد، بينما هب الفلسطينيون والمرابطون من كل القرى والأحياء القريبة إلى إخماد النيران بملابسهم والتراب والمياه الموجودة في آبار الأقصى، ورغم إخماد الحريق حينها، فإنه ما زال مشتعلاً في “الأقصى” ولكن بأشكال مختلفة بهدف الاستيلاء عليه، وإقامة ما يسمى الهيكل المزعوم.

جريمة مستمرة

من جانبه، قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ د. محمد حسين لـ”المجتمع”: إن ذكرى إحراق الأقصى أليمة، وقد أدت لإلحاق الضرر الكبير بمحتوياته أبرزها منبر صلاح الدين الأيوبي الذي حرر “الأقصى” من الصليبيين وجلبه معه من مدينة حلب، وهي أول مرة في التاريخ الذي يحرق فيها “الأقصى”، وإن دل ذلك إنما يدلل على العداوة التي يضمرها الصهاينة للمقدسات الإسلامية، ونوايا الاحتلال لطمس كل معلم ديني وحضاري في القدس الذي يثبت الهوية الوطنية الفلسطينية والإسلامية للقدس وفلسطين.

وأضاف: هذا الحريق عدوان سافر على المقدسات، ورغم كل ذلك تحدى الفلسطينيون الاحتلال وأعادوا ترميم ما ألحقه الحريق بـ”الأقصى” الذي هو جزء من عقيدة الأمة بشكل قاطع، الاحتلال لا يريد القدس بهذه المعالم وبهذه الهوية الدينية والتاريخية، هو يريد التخلص من هذا الرمز التاريخي الذي يمنح القدس العمق الديني للأمة الإسلامية باعتباره القبلة الأولى ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

أبو حلبية: أطلقنا سلسلة فعاليات لتذكير العالم بجريمة إحراق الأقصى 

الدفاع عن “الأقصى” واجب ديني

وأكد مفتي القدس أن الشعب الفلسطيني سيواصل الحفاظ على “الأقصى” عامراً بالمسلمين والمرابطين، ويولونه بالرعاية ويفدونه بأرواحهم، وشد الرحال لباحاته هو واجب ديني للدفاع عنه من عبث المستوطنين حتى لا تتكرر تلك الجريمة النكراء.

وأشار الشيخ حسين إلى أن الجرائم لم تنته عند إحراق “الأقصى” عام 1969، بل استمر الحريق بشكل أو بآخر، منها الاقتحامات للاحتلال وعصابات المستوطنين التي حدثت عام 1982، التي ارتقى فيها شهداء في سبيل الدفاع عن “الأقصى”، وكذلك اقتحامه عام 1990، وارتكاب مجزرة من قبل الصهاينة بحق المرابطين فيه على إثر اقتحام ما يسمى “منظمات الهيكل”، حيث استشهد حينها 20 فلسطينياً من المرابطين وهم يدافعون عن “الأقصى”، وكذلك زادت حالياً وتيرة اقتحامات المستوطنين؛ حيث تم مؤخراً اقتحام أكثر من 2000 مستوطن بشكل يومي لباحاته، مؤكداً أن كل ذلك لن يغير من حقيقة إسلامية “الأقصى” وستبقى القلوب والأعين حارسة له، داعياً الأمة جمعاء لحمايته والدفاع عنه في كل المحافل الدولية باعتباره أمانة يجب المحافظة عليها، ونسأل الله أن يكون قد اقترب موعد تحرير القدس و”الأقصى”.

ووجه مفتي القدس شكره للكويت؛ أميراً وحكومة وشعباً، على دورها الداعم والمستمر في خدمة “الأقصى” والدفاع عنه في كل المحافل الدولية، والوقوف لجانب القدس وأهلها في هذه اللحظات العصيبة في ظل تصاعد عدوان الاحتلال وعصابات المستوطنين.

“الأقصى” في خطر

بدوره، قال رئيس مؤسسة القدس الدولية أحمد أبو حلبية: إن القدس تمر بمراحل خطيرة، تتطلب حمايتها، خاصة “الأقصى” المستهدف من عمليات التهويد، مؤكداً أن الإعلان عن سلسلة من الفعاليات الجماهيرية في ذكرى الجريمة رسالة للصهاينة أن جماهير الشعب الفلسطيني ستبقى مرابطة في “الأقصى”، وسيواصلون الدفاع عنه حتى النصر أو الشهادة، داعياً الأمة العربية والإسلامية للاهتمام بـ”الأقصى”، وتعزيز الدعم له في ظل ما تتعرض له القدس من عمليات تهويد ومحاولات النيل من المسجد المبارك.

Exit mobile version