وزير الدفاع “الإسرائيلي” يعترف بتوتر شديد بين القاهرة و”تل أبيب”

 

بعد فترة ازدهار واتساع التطبيع السياسي والعسكري والاقتصادي بين “تل أبيب” والقاهرة، بدأت تظهر خلافات بين الطرفين بسبب انتقاد مصر لتجاهل “إسرائيل” تعهداتها للوسيط المصري عقب حرب غزة.

وبسبب قلق مصر من تأثير اندلاع حروب كبيرة في غزة ولبنان على دورها الإقليمي وصرف تركيزها عن الأوضاع الاقتصادية المنهارة واستفادتها من اتفاقات الغاز مع “إسرائيل” في تحسين الأوضاع الاقتصادية؟

وقالت صحيفة “هاآرتس” العبرية، في 19 أغسطس 2022: إن العلاقات بين “تل أبيب” والقاهرة تشهد حالة من التوتر الشديد، على خلفية الاعتداءات العسكرية الأخيرة لجيش الاحتلال “الإسرائيلي” في الضفة الغربية والعدوان على قطاع غزة، والمخاوف من تصعيد مع لبنان بسبب حقول الغاز.

وأكد المحلل العسكري عاموس هارئيل أنه بعيدًا عن أعين الإعلام، هناك توتر محتدم بين “إسرائيل” ومصر، والبلدان اللذان أصبح تنسيقهما الدبلوماسي والأمني ​​شديد الصرامة في العقد الماضي، ويتصادمان بعد نهاية القتال مع غزة.

وصف ما فعلته “إسرائيل” من تجاهل لما تعهدت به للوسيط المصري خلال وقف إطلاق النار الأخير في غزة بأنها داست على أصابع قدم مصر بتنصلها من شروط اتفاق وقف إطلاق النار واستمرار نشاطات الجيش “الإسرائيلي” في الضفة الغربية.

ونقل الكاتب عن مصادره العسكرية “الإسرائيلية” أنه غداة وقف إطلاق النار في غزة، جرى اتصال هاتفي بين رئيس الوزراء “الإسرائيلي” يائير لبيد، وعبدالفتاح السيسي، طلب فيه الأخير خفض مستوى ألسنة اللهب في الضفة الغربية، وكبح أنشطة الجيش “الإسرائيلي” خلال الفترة المقبلة، حتى لا ينفجر الصراع مع “حزب الله” في لبنان، ويتجدد مع قطاع غزة، بحسب ما أوردته الصحيفة.

اعتراف رسمي بالتوتر

وفي أول تصريح رسمي “إسرائيلي”، اعترف وزير الدفاع “الإسرائيلي” بيني غانتس، الإثنين 22 أغسطس 2022، بوجود أزمة في العلاقات مع مصر بعد التصعيد “الإسرائيلي” الأخير في قطاع غزة، فيما أشارت وسائل إعلام إلى أن الأزمة بدأت منذ شهرين بعد إسقاط طائرة مسيّرة مصرية.

حيث نقلت “الإذاعة الإسرائيلية” الرسمية عن غانتس قوله: إن مصلحة “إسرائيل” ومصر تتطلب تجاوز الأزمة الحالية بين الجانبين، دون أن يكشف عن أسباب الأزمة أو تفاصيلها.

وقال غانتس: إن مصر لاعب إقليمي مركزي وهي الصديقة الأهم لـ”إسرائيل”، وسنتمكن من جعل العلاقات مستقرة، فهذه مصلحة للدولتين، وأحياناً يحدث توتر، ولا ينبغي تحويل أي أزمة إلى أمر أساسي.

وقال: إنه توجد أيام متوترة نابعة من نهاية عملية “بزوغ الفجر”، أي العدوان على غزة قبل أسبوعين، وآمل أن تنتهي الأزمة في الأيام القريبة.

وكشفت “إذاعة جيش الاحتلال” أن الأزمة في العلاقات بين “تل أبيب” والقاهرة بدأت منذ أكثر من شهرين، بعد إعلان الجيش “الإسرائيلي” إسقاط طائرة مسيّرة مصرية؛ ما أثار غضب مصر، التي اعتبرت الإعلان محرجاً لها.

وقال مسؤولون “إسرائيليون”، وفقاً لـ”إذاعة جيش الاحتلال”: هناك بالفعل توتر كبير، وجرت محادثات بين كبار المسؤولين في محاولة لتصحيح الأمور، لكن الأزمة تفاقمت بعد الأحداث الأخيرة في غزة والضفة.

وأكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الأزمة الناشئة في العلاقات بين القاهرة و”تل أبيب” لن تمس بالتعاون الأمني والعسكري الوثيق بين الجانبين.

وزار رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونان بار مصر الأحد، في 21 أغسطس 2022، بهدف تهدئة أزمة سياسية بين “تل أبيب” والقاهرة، حسب إعلام عبري.

وذكرت قناة “كان” العبرية الرسمية أن رئيس “الشاباك” وصل إلى القاهرة، وعقد اجتماعات مع مسؤولين مصريين، وأوضحت أن الزيارة تهدف لتهدئة الأزمة بين “تل أبيب” والقاهرة وإعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح.

وسبق لوزير الدفاع بيني غانتس، أن قال في تصريحات تليفزيونية: إن بلاده لم تقدم أي تعهدات للإفراج عن الأسيرين الفلسطينيين خليل عواودة، وبسام السعدي، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة الجهاد الإسلامي بقطاع غزة الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية.

وقال غانتس: لم يتم تقديم أي وعد بالإفراج عن الإرهابيين، لكن سيكون هناك حوار، وأضاف: لدينا حوار مع مصر، قالوا: إنهم يريدون التحرك ومعرفة كيف يجري حل هذا الأمر.

وضع أصبع في عين السيسي!

وقد شرح الكاتب “الإسرائيلي” عاموس هارئيل، في “هاآرتس”، تفاصيل مزيد من التوتر قائلاً: إنه عقب مكالمة بين السيسي، وليبيد، بساعات تجاهل لابيد، السيسي ونفذ عملية عسكرية لاعتقال وقتل المقاوم الفلسطيني إبراهيم النابلسي في نابلس؛ ما فجَّر غضب المصريين، الذين اعتبروا ذلك “وضع أصبع في عين السيسي”، تكرر عدة مرات مثلما قتلوا القيادي بالجهاد خالد منصور أثناء مفاوضات وقف إطلاق النار.

وكان لاقتاً عقب نشر هذا التقرير في “هاآرتس”، إصدار جيش الاحتلال قراراً بتجميد الاعتقال الإداري للأسير عواودة، نظراً لأنه معرض “لخطر فوري على حياته”، جرّاء تردي حالته الصحيّة بشكل كبير، وعواد والأسير الثاني في حركة الجهاد الذي تعتقله “إسرائيل” هما أحد شروط الجهاد لوقف القتال وتعهدت مصر للحركة بإطلاق “إسرائيل” لهما ثم تملصت “إسرائيل”.

نقد للوسيط المصري

وقال دبلوماسي مصري سابق لـ”المجتمع”: إن أسباب حرص القاهرة على دورها كوسيط في غزة والضفة وغضبها من قادة “إسرائيل” يرجع لأن هذا الدور هو معيار تقييم أمريكا لها، وعودة إدارة بايدن للتعاطي مع السيسي بعد تجاهله.

وأوضح أنه بدون هذا الدور تخشي القاهرة حرمانها من مساعدات أمريكية وزيادة الضغوط عليها في ملف حقوق الإنسان، كما أن القاهرة تخشى أن يؤدي أي تصعيد في غزة أو لبنان للتأثير على خططها للاستفادة من تسييل الغاز “الإسرائيلي” في معاملها ونقله لأوروبا مقابل دولارات تحتاجها مصر بشدة لأزمتها الاقتصادية.

وعقب العدوان الصهيوني المفاجئ على غزة، في 5 أغسطس الجاري، امتلأ فضاء الإنترنت باللعنات على ما أسموه “الغدر الذي أتى من الوسيط المصري”.

ووصف نشطاء فلسطينيون ما جري من عدوان “إسرائيلي” على غزة بعد تدخل المخابرات المصرية بأنه تواطؤ أو رسالة استخفاف “إسرائيلية” بالوسيط المصري.

{tweet}url=1555599224099770370&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}

وقال أبو مجاهد، منسق الغرفة المشتركة: العدو غدر بالوساطة المصرية، فنحن من هنا نقول: لا وساطة بعد هذه اللحظة.

وقالت وسائط إعلامية فلسطينية: إن حركة الجهاد الإسلامي وبَّخت الوسيط المصري وأحرجته في اتصال لم يتجاوز دقيقة واحدة وأغلقت الاتصال، بعدما عاد ليتدخل عقب العدوان الصهيوني ليطالب بضبط النفس.

{tweet}url=1555567878274949121&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}

وكشف داود شهاب، المسؤول بالجهاد الإسلامي، أنه قبل ساعة من العملية الغادرة كان هناك اتصالات مع الجانب المصري الذي أبلغنا أنه سيعقد يوم الأحد 7 أغسطس، اجتماعات مع الاحتلال لـ “فكفكة” الأزمة، لكن جرى لاحقاً عدوان “إسرائيلي” على غزة.

وقال محمد الهندي رئيس الدائرة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي للتلفزيون العربي، 5 أغسطس 2022: “إسرائيل” خدعت الوسيط المصري الذي جمعنا به اتصال إيجابي قبل ساعة من العدوان.

{tweet}url=1555588724817362946&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}

وقال الصحفي والمحلل الفلسطيني مصطفي الصواف لـ”المجتمع”: إنه لم يعد هناك ثقة من الفصائل بالوسيط المصري بين المقاومة والاحتلال، وإن الوساطة المصرية أضحوكة لدى قادة الاحتلال يستغلونها لتحقيق أهدافهم.

ونشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية تقريرين يومي 17 و18 أغسطس، يحذر الأول صندوق النقد ودول الخليج والغرب من تمويل “بيت السيسي” الذي يوشك على الانهيار بسبب سياساته الاقتصادية الحمقاء ومشاريعه الهلامية غير المدروسة التي ابتلعت أموالا هائلة دون عائد.

ويشير التقرير الثاني إلى أن إدارة بايدن تسعى للإفراج عن أغلب الـ300 مليون دولار من المعونة الأمريكية المقدمة للقاهرة التي علقت بسبب سجلها السيئ لحقوق الإنسان بالرغم من معارضة الكونجرس، ومعركة بين الكونجرس والبيت الأبيض حول المساعدات العسكرية.

وينقل عن مشرعين وبعض مسؤولي إدارة بايدن تصورهم أن مصر لا تزال خليفاً مهماً في الشرق الأوسط بالنظر لدورها في غزة حتى في ضوء حكم السيسي الاستبدادي، بحسب المجلة الأمريكية.

Congress, Biden Duke It Out Over Egypt Aid

Robbie Gramer, Jack Detsch

The administration says it stands for human rights—but may be  readying to resist some cuts to Egypt’s $1.3 billi …

Exit mobile version