مواطن غزاوي وافق على هدم منزله لإنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء

 أشرف القيسي يجلس على أنقاض منزله

رغم قسوة الحرب ونيران الحصار التي تلتف على أجساد أهالي قطاع غزة إلا أن روح التكافل والتعاون تنمي فيهم الإيثار وتقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن وإكراماً لروح الشهداء.. وهذا الذي جعل المواطن أشرف محمد القيسي”42سنة” من مدينة رفح جنوب قطاع غزة أن يقدم كل ما يملك فداء لفلسطين ولأجل أرواح الشهداء الطاهرة بدون أدنى تردد.

الأخلاق النبيلة

ورغم أن أشرف من عائلة مستورة الحال ويعيل ثمانية أفراد من عائلته بعمله المتواضع بائع متجول للحلوى إلا أن شهامته وأخلاقه النبيلة أوسع بكثير من ضيق الحال فقد قدم بيته الذي كان يستره مع عائلته وبات بدون بيت يحتويه مع حرارة الصيف أو حتى برودة الشتاء القادمة.

وتعود حكاية أشرف إلى أيام الحرب القاسية التي شنتها طائرات الاحتلال “الإسرائيلي” على قطاع غزة في أيامها القليلة المنصرمة حيث كان في زيارة لأهله للاطمئنان عليهم لكن سرعان ما دق هاتفه النقال؛ ليخبره بأنه تم قصف منطقة سكناه وأن هناك العديد من الشهداء.

الأمر الذي أرعب قلبه وأسرع من خطوات قدميه في حالة من الذهول والخوف الذي يزيد من دقات قلبه خوفاً على زوجته وأطفاله.

البحث عن عائلته

وما إن وصل إلى المكان حتى وجد معالم المنطقة اختلفت حيث تم قصف البيوت على ساكنيها بدون أدنى إنذار فأخذ يبحث عن عائلته إلا أنه لم يجد أي فرد منها وسرعان ما انطلق بخطوات لا يعلم ثقلها إلا الله -تعالى- إلى المستشفى وهو يبحث عن زوجته وأطفاله بين المصابين والجرحى، وبعد عناء من البحث وجدهم بين الجرحى.

ورغم صعوبة الظرف إلا أنه عاد إلى منطقة سكناه حيث تم تدمير البيوت المجاورة لبيته على رؤوس أصحابها بدون سابق إنذار وكان يسمع صوت امرأة من تحت الركام تطلب المساعدة الأمر الذي جعل طواقم الدفاع المدني تعمل بكل الوسائل لإنقاذ من كان لازال حياً أو انتشال جثامين الشهداء.

فداء للوطن

ونظراً لأن طبيعة المنازل في تلك المنطقة متجاورة الأمر الذي جعل طاقم الدفاع المدني عاجز عن الاستمرار بالتواصل من خلال الآليات فكان الأمر يتطلب أن يتم هدم منزل المواطن أشرف.

وبمجرد أن تم إخباره بالحاجة الماسة لهدم منزله من أجل مرور طواقم الدفاع المدني فلم يتردد ولو للحظة واحدة فأخبرهم بأن يهدموا البيت من أجل إنقاذ الجرحى وانتشال جثامين الشهداء.

فهو رغم ضيق حاله وعدم قدرته حتى على استئجار بيت إلا أنه لم يتردد في هدم البيت وهو يردد “البيت فداء الوطن والشهداء.. البيت عبارة عن حجارة فالمهم انقاذ الجرحى”.

وبالفعل تم هدم بيت المواطن أشرف بكل ما يحمله من ذكريات من أجل أن تستطيع طواقم الدفاع المدني الوصول إلى البيوت المقصوفة على رؤوس ساكنيه.

وبعد ساعات من العمل المتواصل تحت جنح الظلام تم انتشال جثامين العديد من الشهداء التي كانت شاهدة على بشاعة المحتل وظلمه في قتل الأطفال والنساء والرجال وقصف البيوت على رؤوس أهلها دون سابق إنذار.

ولازالت في غزة الحكايات كثيرة فلازالت رائحة دماء الشهداء الطاهرة تفوح من شوارعها، ولازال أنين الجرحى والمصابين شاهد على ظلم الاحتلال.

Exit mobile version