الغنوشي: رئاسة “النهضة” أو أي رئاسة أخرى هي أمر هين أمام مصلحة تونس

 

أعرب رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي عن استعداده للتخلي عن رئاسة الحركة في حال تقدم أي طرف بتسوية للمشكل التونسي، مشدداً على أن الديمقراطية يصنعها التونسيون وليس الأمريكيون ولا الفرنسيون ولا الإنجليز.

واعتبر الغنوشي، في مقابلة مع وكالة “الأناضول”، أن أغلبية الشعب التونسي في حالة مقاومة لمسار رئيس البلاد قيس سعيد، وغير مطروح التأقلم مع الواقع الجديد.

وأضاف أن الثورة المباركة ثورة 17 ديسمبر (2010) – 14 يناير 2011 لم تأت بها أمريكا ولا فرنسا، بل فوجئتا بها، ودستور 2014 أتى به الشعب التونسي ويجب ألا نشوّه ثورتنا.

انتهاك السيادة الوطنية

واعتبر الغنوشي أن الشعب انتخب قيس 73% عام 2019، ونزل به إلى 23% في الاستفتاء (الرقم الرسمي 30.5%)، مما يدل على أن سعيداً فقد شعبيته التي صعد بها.

وأردف: العالم كان توّج الثورة التونسية والانتقال الديمقراطي التونسي بجائزة “نوبل” وجائزة “السلام” لغاندي وجوائز أخرى كثيرة تسلمها رؤساء تونس، وإذا به يُفاجأ بانقلاب، العالم كما مدح تونس في ذلك الوقت الآن ينتقدها.

واعتبر الغنوشي أن السيادة الوطنية تُنتهك في مجالات أخرى، عندما تشترط مؤسسات دولية على تونس شروطاً معينة كأن تغلق المؤسسات العمومية وتمنع التوظيف وتمنع زيادة الأجور ونخضع لذلك، ولا أحد يقول: هذا تدخل دولي، في إشارة إلى مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي وما يشترطه من إجراءات مقابل مساعدات مالية.

وأضاف: أما عندما ينتقدنا أحد لأننا زوّرنا الانتخابات ولأننا صادرنا الحريات واعتدينا عل حقوق الإنسان نقول: دعونا نبطش بشعبنا كما نريد، واصمتوا ولا أحد يتدخل.

الديمقراطية مصلحة غربية

ووفق الغنوشي، فإن المؤسسات الغربية ليست مؤسسات خيرية ومؤسسات مثالية وأخلاقية والمواقف هي مصلحية، هم يدافعون عن مصالحهم.

وأوضح أن مصلحتهم (الدول الغربية) هي في انتشار الديمقراطية في هذه المنطقة، وهذا جيد بالنسبة لنا أن تلتقي بعض مصالح شعوبنا في نقطة معينة معهم، يجب ألا نقول: إن الديمقراطية سيئة؛ لأن أمريكا تدعم الديمقراطية، لكن نقول: الدكتاتورية سيئة سواء دعمتها أمريكا أم لا.

وتابع: أمريكا دعمت دكتاتوريات كثيرة في العالم وانقلابات، ولكن عندما تقف إلى جانب الديمقراطية نقول: هذا موقف صح، وإذا وقفت مع الدكتاتورية كما فعلت مع بن علي نقول: ذاك خطأ.

الدستور والانتخابات

وبخصوص ماذا ستفعله “النهضة” بعد إقرار الدستور وتوجه سعيد إلى إقرار نظام سياسي جديد وإجراء انتخابات برلمانية، قال الغنوشي: إن ما حصل من استفتاء لم يغير موقفنا بل أكده، نحن كنا رافضين لهذا الاستفتاء.

وتابع: هي الثورة المضادة التي تآمرت على الثورة، وعلى مدار 10 سنوات من الثورة اعتبرتها سنوات سوداء وخراب لتبرر الانقلاب.

وأردف: قلنا من البداية: سنقاوم، وكنا منذ سنة وحدنا في ساحة المقاومة، والآن أغلبية الشعب التونسي في حالة مقاومة للانقلاب وما ينجر عنه.

وبالنسبة لاتهام سعيد لمعارضيه بالخيانة والعمالة، قال الغنوشي: عندما كنا في الساحة نناضل ضد (الرئيس الأسبق الحبيب) بورقيبة (1956-1987)، وضد بن علي، لم يكن هؤلاء الذين يصفوننا بالخيانة موجودين.

وبشأن الدستور الجديد، قال الغنوشي: إنه أمر واقع نعم، هذا الدستور وهذا الاستفتاء أدوات لفرض أمر واقع لشرعنة الانقلاب، لكنه يبقى انقلاباً، ومن واجبنا وواجب الشعب أن يقاوم الانقلاب.

رئاسة الحركة

وحول الانتقادات التي توجه إليه لاستمراره في رئاسة حركته واشتراط بعض القوى انسحابه للعمل المشترك، أجاب الغنوشي بأن الأحزاب كيانات لها ماكينتها ومؤسساتها هي التي تحدد سياساتها وقياداتها.

وأضاف: لا نتدخل في حزب آخر في أن يُبقي هذه القيادة أو تلك، والحركة (النهضة) هي الحزب الوحيد في البلاد الذي أنجز حتى الآن 10 مؤتمرات (عامة) في تاريخه، بينما هناك أحزاب تكونت بل حكمت دون أن تعقد مؤتمراً واحداً.

وتابع: رئاسة الحركة ورئاسة المجلس أو أي رئاسة أخرى هي أمر هين وقليل أمام مصلحة تونس، ولذلك لو تقدم لنا أي طرف بتسوية للمشكل التونسي تتطلب هذه التضحية منا فهذا أمر يسير، ولكن أن نبادر نحن بالتنازل عن موقعنا فلمصلحة من؟ ولرغبة من؟

وختم بأن الانقلابات والاستبداد لا تأتي بخير، ومن يظن أن الخير والتنمية والتقدم سيأتي عن طريق الاستبداد فهو واهم، ولذلك الشعب التونسي مُصرّ على العودة للحرية والديمقراطية ليس العودة بالضرورة إلى 24 يوليو 2021، وإنما الذهاب إلى الديمقراطية هو اتجاه العالم.

Exit mobile version