مقتل الظواهري.. لماذا الآن؟ وهل هي محاولة لرفع شعبية بايدن المنهارة؟

 

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أول أغسطس الجاري، أن الولايات المتحدة قتلت زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري في غارة بطائرة مسيرة في العاصمة الأفغانية كابل، وسط تشكيك من جانب الحكومة الأفغانية.

كان لافتاً، وفق روايات مسؤولين أمنيين أمريكيين لوكالة “رويترز”، أن الولايات المتحدة كانت تعلم مكان الظواهري الذي كان يقيم في مكان قريب من مقر السفارات والقصر الرئاسي الأفغاني، وتأكيدهم أنه لسنوات عديدة كانت الحكومة الأمريكية على علم بمكان وشبكة تدعم الظواهري.

فلماذا اختارت أمريكا قتله الآن؟ هل لأن شعبية بايدن انهارت بصورة كبيرة فأراد القيام بعمل يُحسب لإدارته خصوصاً أن كل رئيس أمريكي كان يسعى للقيام بقتل مسؤول كبير في “القاعدة” أو تنظيم “الدولة” كي يرفع شعبيته وفعلها بوش، وأوباما، وترمب، من قبل.

فقد تراجعت شعبية بايدن لأدنى مستوياتها عند الشعب الأمريكي وداخل الحزب الديمقراطي، التي بدأت بانسحابه من أفغانستان، وفشله في إدارة الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الطاقة، وحاول بقتل الظواهري كسب ثقة الناس وإعادة إحياء شعبيته.

ولماذا تتضارب الروايات حول مصداقية عملية اغتيال الظواهري؟ وهل سترد “القاعدة” أو “طالبان” على هذا القصف الأمريكي لأراضيها؟

شعبية بايدن تراجعت لأدنى مستوياتها عند الشعب الأمريكي وداخل الحزب الديمقراطي

ولم تؤكد “القاعدة” رواية الاغتيال الأمريكية وتفاصيلها، حيث لم تصدر إلا من طرف واحد وهو الأمريكي، ولأسباب قد تكون دعائية لرفع شعبية بايدن، كما يرى مراقبون.

لذلك تشير تقارير أجنبية وعربية إلى أن الأمر أثار العديد من الشكوك مثل روايات أُخرى لم يتم التأكّد من صحتها، مثل رواية اغتيال بن لادن ودفنه في البحر، ونجله حمزة، وبعد ذلك أبو بكر البغدادي، زعيم “داعش”، وخليفته، فجميع هؤلاء اغتيلوا في ظروف غامضة، ولم يتم الكشف حتى الآن عن جثامينهم.

واستغرب محللون الرواية الأمريكية وهي أن الظواهري كان يقيم قرب القصر الرئاسي والسفارات، وأنه قتل وهو يجلس في شرفة منزله مكشوفاً، وهو الذي تطاره أمريكا والعالم منذ فترة.

وقد أعلنت حركة “طالبان” عدم علمها بمقتل الظواهري، واكتفت بالقول: إنه جرى قصف منزل مهجور في أحد أحياء العاصمة كابل ولم يتم قتل أحد في الضربة.

كما أن تنظيم “القاعدة” لم يصدر أي بيان يُؤكد اغتيال زعيمه، وهناك معلومات تقول: إن الظواهري كان مريضًا، وقالت مصادر أُخرى: إنه يتواجد في دولة أخرى ربما إيران أو باكستان، لأنه لا يعقل أن يتواجد في أفغانستان بينما “طالبان” تعاني من هجمات تنظيم “القاعدة” في خراسان وتصنفها جماعة إرهابية.

وقال بايدن: إن أجهزة المخابرات الأمريكية حددت موقع الظواهري في وقت سابق من هذا العام، عندما انتقل إلى وسط مدينة كابل للم شمل أفراد عائلته وتم اتخاذ قرار الضربة قبل أسبوع، حين أخبره مسؤولو المخابرات بأن الظروف مثالية، وأضاف بايدن أن أياً من أفراد أسرة الظواهري لم يصب بأذى ولم تقع إصابات بين المدنيين.

لكن متحدث باسم البيت الأبيض اعترف بأن الولايات المتحدة ليس لديها تأكيد، من خلال تحليل الحمض النووي، على مقتل زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري في قلب كابل، لكنها تأكدت من هويته من خلال مصادر أخرى.

قتْلُ الظواهري ينهي حقبة من الجنون الأمريكي بالقيام بعمليات قتل عشوائية في عدة بلدان

مفكر “القاعدة”

وتقول صحيفة “واشنطن بوست”: إن الظواهري أحد أكثر المطلوبين أمريكياً بدعوى أنه أشرف إلى جانب مؤسس “القاعدة” أسامة بن لادن على هجمات 11 سبتمبر 2001، وتنقل عن بروس ريدل، الخبير السابق في مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، قوله: إن الظواهري هو أيديولوجي “القاعدة”، رجل فكر وليس رجل عمل.

ويتساءل مراقبون: هل قتل آخر زعيم قوي لـ”القاعدة” التي تراجع نشاطها سينهي حجة أمريكا والغرب بشأن محاربة الإرهاب التي تم بسببها قصف العديد من المواقع في بلدان عربية وإسلامية؟

وقدمت الحكومة الأمريكية مكافأة تصل إلى 25 مليون دولار للحصول على معلومات عن أيمن الظواهري الذي يصفه موقع “FBI” بأنه “القائد العام للقاعدة”.

بهذا يكون الصف الأول المؤسس لـ”القاعدة” ربما انتهى ومعه التنظيم بنسخته الأصلية، لكن هذا الاغتيال لن يرفع شعبية بايدن لأن الرجل لم يكن فاعلاً، كما يرى مراقبون.

فقد قتل بوش الابن أبو مصعب الزرقاوي، وأوباما قتل أسامة بن لادن، وترمب قتل أبوبكر البغدادي، وبايدن قتل أيمن الظواهري، لكنهم جميعاً قتلوا آلاف الأبرياء في دول عربية وإسلامية بحجة مكافحة الإرهاب.

ومع هذا، يرى مراقبون أن قتل الظواهري ينهي حقبة من الجنون الأمريكي بالقيام بعمليات قتل عشوائية في عدة بلدان منها الصومال وأفغانستان والعراق وسورية لأنه لا مبرر لها، لكنهم يتوقعون استمرار نفس حجج محاربة الإرهاب لأنها ليست مرتبطة بقتل أشخاص وكثير من الأبرياء، ولكن لأنها جزء من سياسة تبرير العدوان الاستعماري على دول أخرى لا ترضخ لأمريكا.

وخلف أيمن الظواهري، أسامة بن لادن، في زعامة تنظيم “القاعدة” بعد سنوات كان فيها عقل التنظيم المدبر وواضع إستراتيجياته، لكن افتقاره إلى الشخصية المؤثرة ومنافسة “داعش” لـ”القاعدة” أعاقا قدرته على شن هجمات كبيرة على الغرب، بحسب “رويترز”.

Exit mobile version