بعد استفتاء تونس “المزور”.. ما خيارات المعارضة؟

لم يجد التونسيون المعارضون للرئيس قيس سعيد، سوى عبارة “الاسم: قيس سعيد والمهنة: عبد الفتاح السيسي” ليرفعوها كشعار للتعبير عما ينتظر تونس بعد استفتاء الدستور المزور.

وجاءت عودة نسبة الـ 95%، التي اختارتها الأنظمة الديكتاتورية العربية سابقاً لتزوير إرادة الشعوب في الاستفتاءات والانتخابات، في استفتاء دستور سعيد الجديد، وإصرار الرئيس على المضي قدماً في انقلابه الدستوري والسياسي رغم أنه أستاذ القانون الدستوري، لتقرع أجراس الخطر.

استفتاء الدستور طرح سؤالاً: ما خيارات المعارضة لمواجهة الوضع الجديد؟، وما خطوة سعيد المقبلة بعدما استولى على غالبية السلطات ويتسلح بقمع الجهاز الأمني لمعارضيه؟ وهل ستنجح الأحزاب المنقسمة بطبيعتها في توحيد موقفها وتعزل سعيد؟

قادة أحزاب وسياسيون تونسيون معارضون لمسار الرئيس سعيد أعلنوا رفضهم نتائج الاستفتاء، واستمرارهم في مواجهة ما وصفوها بـ “سلطة الأمر الواقع حتى العودة إلى المسار الديمقراطي”، لكن تظل هذه تصريحات بلا فاعلية في ظل تحطيم قطار ديكتاتورية سعيد كل حواجز المعارضة المنقسمة على نفسها.

ومحا الدستور الجديد دستور 2014م الذي استغرق إعداده عامين، ويركز الجديد كل السلطات في يد الرئاسة، سواء الحكومة أو القضاء أو الجهاز التنفيذي، مما يعني تدمير الفصل بين السلطات الذي يعتبر ضرورياً للديمقراطية.

ولتمرير الدستور قام بالاستيلاء على لجنة الانتخابات التي قامت بعمل جيد خلال سبع جولات انتخابية سابقة، وعين رجالاً تابعين له وقاطعت كل الأحزاب الانتخابات باستثناء حزب واحد.

ويقول تقرير لـ”وكالة الأنباء الفرنسية”: إن الربيع العربي الذي بدأ من تونس قد انتهى فيها، بعدما كتب دستور قيس سعيد السطر الأخير في حكاية ثورات الربيع العربي بدستوره المزور الذي يهيمن من خلاله على السلطات.

وأكد التقرير أن تونس كانت الشمعة الوحيدة التي بقيت مشتعلة من الثورات التي هزت المنطقة، فقد نجحت البلاد في تنظيم ثلاثة مواعيد انتخابية تعددية على مدى العقد الماضي، والتي لاقت إشادة دولية، كما تم إقرار دستور توافقي خلال سنة 2014م، يضمن الحريات العامة والفردية والتعددية السياسية في البلاد.

الانقلاب معد من 2021

من جهته، أكد رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” أن الرئيس التونسي قيس سعيد سيستمر في إخلاء الساحة من معارضيه على طريقة السلطات المصرية، وأن عينه ستتجه نحو حظر حركة النهضة واتحادات الشغل القوية بعد تمريره الدستور الجديد.

وقال: إن سعيد سيتجه لقمع القوى الشعبية الأكثر قدرة على معاكسة حكمه وخاصة اتحادات الشغل.

وأوضح أن النهضة تزداد قوة، وعاد أفرادها إليها لكن الغنوشي يجهز نفسه لمرحلة سجن ثالثة، بعد حقبتي بورقيبة وبن علي، وسيكون سجن الغنوشي بمثابة رسالة لكل الأحزاب السياسية أنه لن يكون هناك مجال للحريات أو المشاركة السياسية وبعد الانتهاء من النهضة وإبعادها عن الطريق، سيكون هدف سعيد هو اتحادات الشغل.

أما جبهة الإنقاذ الوطني، التي شكلها الإسلاميون مع تسعة أحزاب أخرى وجماعات المجتمع المدني، وزعيمها أحمد نجيب الشابي (ليس إسلامياً)، فسوف يسعى سعيد لتفكيكها تدريجياً وابعاد النهضة عنها بقرارات اعتقال أو حظر وفق مراقبين.

تحركات سعيّد

قيس سعيد لم يتأخر وكشف خطوته القادمة بعد الموافقة على الدستور الجديد وهي تغيير شكل الانتخابات بتونس كي يلغي ضمنياً الأحزاب التي هاجمها، والتي اتهمها بالسيطرة على الحياة السياسية.

وقال: إن أول قرار بعد الاستفتاء على الدستور سيكون وضع قانون انتخابي، مشيراً بوضوح إلى أن “هذا القانون سيغير شكل الانتخابات القديمة”.

والملاحظ أن ما يفعله سعيد سبق أن كشفه “ميدل ايست أي” في مايو 2021م، وتحدثت عن خطة ينفذها الرئيس التونسي، قيس سعيد، بحذافيرها، بانقلابه على الحكومة والبرلمان، والاستيلاء على السلطة القضائية كذلك.

ونشر الكاتب ديفيد هيرست حينئذ تفاصيل خطة انقلاب سعيد ووثيقة تحتوي على تفاصيل خطة قيس سعيد للاستيلاء على تونس، وتقويض الدستور، وإغلاق البرلمان، وهو ما حدث!

كانت الوثيقة، التي ختم عليها بعبارة “سري للغاية”، قد وصفت الخطة بأنها “انقلاب دستوري”.

وبحسب الوثيقة التي كشف عنها موقع “ميدل إيست آي” كان سيتم استدراج كل من رئيس الوزراء هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي إلى القصر، ويحتجزان داخله، وإلقاء القبض على عدد من كبار السياسيين الآخرين ورجال الأعمال وتعيين جنرال، هو خالد اليحياوي، قائماً بأعمال وزير الداخلية.

وذلك بالضبط هو الذي حصل حيث تم تعيين اليحياوي ليقود عملية القمع والقهر التي يتعرض لها الآن السياسيون والإعلاميون في تونس، لكن تأجل اعتقال الغنوشي ورئيس الوزراء بعد كشف الوثيقة.

وتابع: لم يكتف قيس سعيد بالاستيلاء على جميع السلطات، بل وعين نفسه أيضاً في منصب المدعي العام.

وكشفت الوثيقة التي يعود تاريخها إلى 13 مايو 2021م عن مخطط كان يعده كبار مستشاري سعيد، من أجل إعلان الانقلاب على الحكومة المنتخبة، ومجلس النواب.

وقد ردت “نقابة أعوان وإطارات أمن رئيس الجمهورية والشخصيات الرسمية” في بيان رسمي حينئذ نافية “وثيقة الانقلاب” التي نشرها “ميدل إيست آي”، قائله إن “عهد الانقلابات والديكتاتورية ولى وانتهى”، لكن الانقلاب نُفذ لاحقاً بالتدريج.

ووفقاً للموقع البريطاني اضطُر الرئيس التونسي وقتها إلى الاعتراف بتلقِّيه رسالة الانقلاب، لكنه نفى أن يكون لديه أي نية لما كان يسمى في ذلك الوقت “انقلاباً دستورياً”.

Exit mobile version