جاء قرار روسيا بغلق وتصفية الفرع الروسي من الوكالة اليهودية “سخنوت” الذي ستقرره المحكمة في موسكو يوم 28 يوليو الجاري بشكل نهائي بمثابة ضربة قوية للاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
وتنشط الوكالة اليهودية منذ نشأتها عام 1908 في نقل المستوطنين من كافة أرجاء العالم خصوصاً روسيا إلى الكيان الصهيوني، بغرض استمرار سيطرة الصهاينة على فلسطين المحتلة ومعادلة التوازن الديمغرافي الذي يميل لصالح الفلسطينيين.
ونجحت في نقل قرابة 67 ألف يهودي روسي فقط خلال 3 سنوات للكيان الصهيوني، منهم أكثر من 30 ألف يهودي، حسب إحصائيات عام 2019، وأكثر من 20 ألفاً في عام 2021، ثم 17 ألفاً في عام 2022 حتى الآن.
وفي 21 يوليو الجاري، أعلنت محكمة روسية أن وزارة العدل قدمت طلباً لها بتصفية الفرع الروسي من الوكالة اليهودية واتهمت وسائل الإعلام الروسية الوكالة بالضلوع في خروقات تهدد الأمن الروسي وتجسس ونقل العقول الروسية لدولة الاحتلال.
ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية عن دبلوماسي صهيوني رفيع المستوى، اعترافه بأن قرار حل الوكالة يأتي بعد اتهام موسكو “سخنوت” بـ”بتجميع معلومات بشكل غير قانوني لمواطنين روسيين”.
ووقع الرئيس بوتين، يوم 15 يوليو الجاري، قانوناً متعلقاً بتوسيع تعريف “العملاء الأجانب” لتشمل أي شخص يُعتقد أنه وقع تحت نفوذ أجنبي.
وبذلك سعت روسيا من تعريفها لـ”العملاء الأجانب”، ليشمل “الذين يشاركون في أي نشاط ترى السلطات أنه يتعارض مع المصالح الوطنية لروسيا أو الذين يتلقون دعمًا من أي نوع، وليس فقط المال، من الخارج”.
ووفقًا لصحيفة “موسكو تايمز”: “القانون الجديد يجعل أي شخص عمل مع وكيل أجنبي أو حصل على تمويل من أحدهم سيتم إدراجه في قائمة وزارة العدل الجديدة للأشخاص والجماعات المرتبطة بوكلاء أجانب”؛ لذا تم تصنيف الممثلين اليهود من الوكالة اليهودية أو ممثلي المنظمات اليهودية الدولية على أنهم “عملاء أجانب”.
وذكر موقع صحيفة “هاآرتس” أن ما يقلق روسيا بشأن الوكالة وجاء في طلب وزارة العدل الروسية بحلها، هو أن نشاط الوكالة اليهودية يشجع على هجرة الأدمغة من روسيا.
حيث جاء في الطلب الروسي أن الوكالة اليهودية تولي أفضلية لهجرة مواطني روسيا الذين يعملون في مجالات العلوم والأعمال التجارية، وخروجهم من أجل السكن خارج روسيا يقلل بشكل كبير قدرات روسيا العلمية والاقتصادية.
لكن صحف عبرية أكدت أن غلق مقر الوكالة هو رد من موسكو على موقف “تل أبيب” من الحرب في أوكرانيا، وقصف الكيان الصهيوني المستمر لموانئ ومطارات في سورية تستخدمها روسيا، ورفض “تل أبيب” طلب نقل ملكية مجمع كنيسة ألكسندر كورتيارد الأرثوذكسية في القدس القديمة لروسيا.
واعتبر تقرير لقناة “i24” العبرية الأزمة الحالية تصعيداً غير مسبوق في التوترات بين “إسرائيل” وموسكو، مؤكداً أنه “بحال أغلقت مكاتب الوكالة اليهودية في روسيا، فستكون هذه ضربة قاسية للهجرة من روسيا”.
ماذا تعرف عن “سخنوت”؟
يعود تأسيس هذه الوكالة لعام 1908، حيث أنشئت وقتها باسم “مكتب فلسطين” في يافا، وكانت فرعاً لعمليات المنظمة الصهيونية في فلسطين تحت الحكم العثماني.
وتعمل منذ ذلك الحين على إرسال مستوطنين يهود إلى الكيان الصهيوني للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تحتل موقعاً محورياً في سياسات الاستيطان والتغيير الديموغرافي التي تنتهجها حكومة الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وتغير اسمها إلى “التنفيذية الصهيونية لفلسطين”، ثم “الوكالة اليهودية لفلسطين”، ويتركز دورها في زيادة حجم الهجرة اليهودية إلى فلسطين وشراء الأراضي في فلسطين كملكية يهودية عامة، وتشجيع الاستيطان الزراعي المبني، ونشر اللغة والتراث العبريين في فلسطين.
وحال إغلاقها ستتوقف “حنفية” المستوطنين التي تنقلهم الوكالة باستمرار إلى الكيان الصهيوني، كما سيتم إلغاء جميع الأنشطة اليهودية هناك، مثل المعسكرات الصيفية اليهودية والأنشطة التعليمية اليهودية.