لم يكتف المغرب باستقبال رئيس الأركان الصهيوني أفيف كوخافي، في 18 يوليو الجاري، والسماح له بزيارة قاعدة عسكرية مغربية، بل أبرم معه اتفاقات عسكرية غير عادية تضمنت، وفق صحف الاحتلال، “أدق الأسلحة” التي لا يبيعها الاحتلال إلا للدول الصديقة.
وبحسب مراقبين، هناك مصلحة للكيان الصهيوني من تأجيج الصراع بين المغرب والجزائر الذي ربما ينذر بوقوع حرب بين الجانبين عبر مد المغرب بأسلحة عديدة، إذ إن الجزائر ترفض بشكل قطعي التطبيع مع الاحتلال، وتؤيد بقوة القضية الفلسطينية.
وفي أكتوبر 2021، تم الكشف عن تجسس صهيوني على الجزائر عبر غواصة، وتردد أنه مساندة صهيونية للمغرب، بحسب موقع “مينا ديفينس” الفرنسي للشؤون العسكرية، الذي أكد التجسس ومطاردة غواصة جزائرية لأخرى “إسرائيلية”.
وسبق أن تم الكشف عن مد الكيان الصهيوني المغرب ببرنامج “بيجاسوس” للتجسس، وتأكيد صحف عبرية أنه تم استخدامه ضد مسؤولين جزائريين، وهو ما نفاه المغرب.
وفي مارس 2022، وفي تطور لافت، أقدم المغرب على استحداث منطقة عسكرية شرقي البلاد قرب الحدود مع الجزائر، في ظل استمرار التوتر بين البلدين إثر قطع الأخيرة لعلاقاتها الدبلوماسية مع الرباط من جانب واحد منذ أغسطس 2021.
وهذه هي المرة الأولى التي يولي فيها الجيش المغربي وجهه رسمياً شطر شرق البلاد، لإقامة منطقة عسكرية متكاملة على غرار المنطقة العسكرية في الجنوب.
المغرب استحدث منطقة عسكرية شرقي البلاد قرب الحدود مع الجزائر
صفقات عسكرية.. لماذا؟
أحد الأهداف المركزية لزيارة رئيس أركان جيش الكيان الصهيوني كان إبرام صفقات أسلحة كبيرة، فقد اشترى المغرب من الكيان الصهيوني عتاداً عسكرياً بمبلغ مليار و200 مليون دولار، في السنتين الأخيرتين، ويعتزم الكيان مضاعفة هذا المبلغ، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” لمحللها العسكري أليكس فيشمان، في 22 يوليو الجاري.
ونشرت صحيفة “هاآرتس” العبرية، في 19 يوليو الجاري، تقريراً تفصيلياً حول صادرات الأسلحة الصهيونية إلى المغرب، يظهر أن تدفق العتاد الصهيوني كان قد بدأ قبل سنوات من إعلان ترمب وانطلاق مسار التطبيع الحالي.
وباع الكيان الصهيوني دولاً عربية أسلحة وعتاداً عسكرياً بمبلغ 3.5 مليارات دولار منذ توقيع “اتفاقيات أبراهام” قبل أقل من سنتين، وفق “هاآرتس”.
وبرغم نفي المغرب علاقة مشتريات السلاح بالجزائر، تصاعدت وتيرة التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني منذ تعيين حكومة عزيز أخنوش، في 7 أكتوبر 2021، عبر توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية المشتركة.
كما جرى تنظيم زيارات لوفود صهيونية من رجال أعمال وحاخامات وصحفيين إلى محافظات مغربية، إضافة لإعلان شركات صهيونية عزمها ضخ استثمارات كبرى بالمغرب في مجالات الفلاحة والتجارة والطيران المدني.
وأشار تقرير لصحيفة “هاآرتس” إلى أنه لا توجد صناعة أمنية “إسرائيلية” ليست ضالعة في تسلح الجيش المغربي الجديد: طائرات بدون طيار، منظومات سايبر، منظومات حرب إلكترونية، دفاع جوي، مقذوفات وصواريخ من أنواع مختلفة.
وكشفت “هاآرتس” أنه تعقد طوال العام لقاءات في مستويات مختلفة، من وزراء دفاع وأمن ورؤساء أركان جيوش وضباط بمستوى أدنى عرب وبينهم المغرب و”إسرائيل”.
وتعود العلاقة بين الكيان الصهيوني والمغرب إلى ما قبل مرحلة التطبيع الحالية التي بدأت عام 2020، إذ حافظت “تل أبيب” والرباط على علاقات عسكرية سرية على مدار العقود الماضية، بحسب تقرير صحيفة “هاآرتس”، كما لم تتوقف زيارات السياح الصهاينة إلى المغرب.
وقالت الصحيفة العبرية: تتمتع “إسرائيل” والمغرب بتاريخ طويل من التعاون الأمني والدبلوماسي، وكان “الموساد” يدير محطة في الرباط، كما جاء مستشارون عسكريون “إسرائيليون” إلى المغرب لمساعدة الحكومة في محاربة جبهة البوليساريو الانفصالية التي تقاتل من أجل استقلال الصحراء الغربية.
صحف عبرية: المغرب اشترى من “إسرائيل” عتاداً عسكرياً بمليار و200 مليون دولار
وقدم تقرير “هاآرتس” رصداً لبعض أنظمة الأسلحة التي باعها الكيان الصهيوني للمغرب على مر السنين، منها 3 طائرات مسيَّرة من طراز “هيرون” من صنع شركة صناعات الفضاء الصهيونية مقابل 50 مليون دولار.
وباعت شركة الطيران الصهيونية طائرات “هاروب” المسيَّرة الانتحارية إلى المغرب، حيث تدمر نفسها عندما تهاجم هدفاً، وإذا فشلت في العثور على هدف، يمكن إعادتها إلى قاعدتها الرئيسة.
كما باع الكيان الصهيوني للمغرب نظام الدفاع الصاروخي “باراك إم إكس”، في فبراير 2022، وهو نظام متكامل لمواجهة مجموعة واسعة من التهديدات الجوية التي تتراوح من طائرات الهليكوبتر والطائرات إلى الطائرات المسيَّرة وصواريخ “كروز”.
أيضاً اشترى المغرب برنامج التجسس “بيجاسوس” للاختراق الذي طورته شركة “NSO Group” “الإسرائيلية” وكانت تسوقه لحكومات دول العالم، ولديه القدرة على اختراق مليارات الهواتف التي تعمل بأنظمة تشغيل “iOS” أو “أندرويد”.
وكانت تقارير سابقة قد كشفت عن استخدام “بيجاسوس” ضد صحفيين ونشطاء حقوقيين في المغرب؛ إذ نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية، قبل عام، نتائج تحقيق أجرته 17 مؤسسة إعلامية أفاد بأن برنامج التجسس “الإسرائيلي” قد انتشر على نطاق واسع حول العالم، ويتم استخدامه لأغراض سيئة.
ورغم نفي المغرب لما سماه المزاعم، أعلنت الجزائر أنها تحتفظ بحق الرد، على ما وصفته بـ”الاعتداء الممنهج على حقوق الإنسان”، عبر استخدام برنامج التجسس “بيجاسوس”، ضد بعض مسؤوليها.