يعزز الدستور الجديد بشكل كبير سلطات رئيس الدولة في تونس، مما يزيد مخاوف منتقدي قيس سعيد من أنه يهدف إلى ترسيخ الحكم الفردي والقضاء على المكاسب الديمقراطية التي تحققت في انتفاضة “الربيع العربي” عام 2011.
ويقوض الدستور الجديد، الذي طرح للاستفتاء هذا الإثنين، النظام البرلماني الذي وضعت أسسه في دستور 2014.
فيما يلي بعض سماته الرئيسة:
الرئيس يشكّل الحكومة
تنص المادة (101) على أن الرئيس هو الذي يعيّن رئيس الوزراء، وكذلك أعضاء الحكومة، بناء على اقتراح من رئيس الوزراء، في خروج عن النظام الحالي الذي يعطي للبرلمان دوراً رئيساً في اختيار الحكومات.
وتنص المادة (112) على أن الحكومة مسؤولة أمام الرئيس، بينما تنص المادة (87) على أن الرئيس يمارس المهام التنفيذية بمساعدة الحكومة.
وتنص المادة (102) على أن بإمكان الرئيس إقالة الحكومة أو أي من أعضائها.
لكي يتمكن البرلمان من إقالة الحكومة، يتعين تأييد ثلثي النواب لحجب الثقة عنها في تصويت، حسبما تنص المادة (115)، وهو هامش أكبر من الأغلبية البسيطة المطلوبة حالياً، وتنص المادة (116) على أنه في حالة إجراء تصويت ثان بحجب الثقة في نفس الدورة البرلمانية، فيمكن للرئيس إما قبول استقالة الحكومة أو حل البرلمان مما يعني إجراء انتخابات جديدة.
برلمان ضعيف
تمنح المادة (68) رئيس الجمهورية الحق في طرح مشروعات القوانين على مجلس النواب، وتقول: إن لها الأولوية على المقترحات التشريعية الأخرى، وتنص أيضاً على أن الرئيس هو الذي يقدم مشروعات قوانين الموافقة على المعاهدات ومشروعات القوانين المالية.
وتنص المادة (61) على أن التفويض الممنوح للنائب يمكن سحبه وفق الشروط التي يحددها قانون الانتخابات، ولم يتم توضيحها.
وتنص المادة (69) على أن مشروعات القوانين والاقتراحات الخاصة بتعديل قوانين موجودة، التي يقدمها مشرعون، غير مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالموازنات المالية للدولة، دون تحديد ما يعنيه ذلك.
وينص مشروع الدستور على إنشاء “مجلس ولايات” جديد ليكون غرفة ثانية في البرلمان، لكنه لا يعطي سوى تفاصيل قليلة عن طريقة انتخابه أو الصلاحيات التي سيتمتع بها.
امتيازات رئاسية
يستخدم الدستور الجديد تعبير “الوظائف” وليس السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وهي لغة يقول النقاد: إنها تدل على تضاؤل مكانتها في النظام الرئاسي المقترح.
نصت المادة (109) على تمتع الرئيس بالحصانة طيلة فترة ولايته، ولا يجوز استجوابه عن تصرفاته أثناء تأدية مهامه.
البند (95) يسمح للرئيس باتخاذ “تدابير استثنائية” إذا ما رأى أن هناك “حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها” بعد استشارة رئيس الوزراء والبرلمان.
والبند (106) يمنح الرئيس سلطة تعيين من يشغلون الوظائف العسكرية والمدنية العليا بناء على اقتراحات من رئيس الوزراء.
كما في الدستور الحالي، الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن قوات الأمن الداخلية، التي تتلقى أوامرها من الحكومة بموجب الدستور القائم، ستكون بموجب الدستور الجديد مسؤولة أمام الرئيس.
والبند (136) يقول: إن الرئيس، أو على الأقل ثلث أعضاء البرلمان، لديه الحق في المطالبة بمراجعة الدستور لكن لا يمكن لتلك التعديلات أن تشمل تغييرات لمدد الولاية الرئاسية المحددة بولايتين.
والبند (140) يمدد صلاحية المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس سعيد في سبتمبر 2021 وسمح له بالحكم من خلال إصدار المراسيم لحين اضطلاع البرلمان بمهامه.
السلطات القضائية
مثلما وصفت مسودة الدستور البرلمان والجهات التنفيذية بأنها “وظيفة”، تصف أيضاً القضاء بأنه “وظيفة” بدلاً من “سلطة”، وهو ما قال عنه منتقدون: إنه يشير إلى تراجع دورها.
والبند (120) يقول: إن تعيين القضاة يتم بأمر من الرئيس بعد ترشيحات من مجلس القضاء الأعلى المعني بالأمر، وهم ممنوعون من الإضراب.
دور الإسلام
البند الخامس ينص على أن تونس جزء من الأمة الإسلامية “وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية”.
تم حذف جملة من الدستور الحالي، يقول إسلاميون: إنها تحدد هوية تونس كدولة إسلامية.
والبند (88) ينص على أن الرئيس يجب أن يكون مسلماً.
الحريات والحقوق
مثل الدستور القائم، تتعهد مسودة الدستور الجديد بحماية الحقوق والحريات بما يشمل حق تشكيل أحزاب سياسية وحق الاحتجاج، وينص على ضمان حرية الرأي والنشر وكذلك حرية الاعتقاد.
وتقول المسودة: إن الدستور يضمن المساواة بين الرجال والنساء، لكن الدولة ستعمل على ضمان تمثيل المرأة في الكيانات المنتخبة وستتخذ إجراءات لمكافحة العنف ضد النساء.
والبند (55) يقول: ليس هناك قيود ستحد من الحقوق والحريات “إلاّ بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام أو الصحة العامة أو حماية حقوق الغير أو الآداب العامة”، وهو مماثل لما يذكره الدستور الحالي.