الغنوشي: أُحاكم بتهم كيدية في إطار تمرير مشروع دستور يكرس الانقلاب والاستبداد

 

أكد رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي أنه مثل اليوم أمام القضاء التونسي “احتراماً له ودعماً لوجود سلطة قضائية ‏مستقلة لا وظيفة كما يريد لها من يستنقص دورها وموقعها”.

وقال الغنوشي، خلال كلمته لوسائل الإعلام والصحفيين وللرأي العام، صباح اليوم الثلاثاء، من أمام مكتب التحقيق: إنه حضر اليوم “انتصاراً ‏لنضال القضاة الشرفاء من أجل استقلال القضاء واحترام هياكله ورفض كل مساعي ‏الضغط عليه وتوظيفه ومعاقبة القضاة بعزلهم أو تشويههم، وكل هذا مع الأسف يحصل ‏اليوم من السيد قيس ووزارته وأنصاره المنفلتين”.‏

حضرت اليوم للمثول أمام القضاء التونسي احتراماً له ودعماً لوجود سلطة قضائية ‏مستقلة

وأضاف الغنوشي أنه “منذ انقلاب 25 يوليو وهم يتربصون بي ويعملون على تشويهي وعائلتي وتلفيق ‏التهم الباطلة لي، تُهَم كيدية لا أساس لها من الصحة في الحقيقة والواقع”، موضحاً أن “هذه ‏التهم اليوم في إطار تمرير مشروع دستور يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي ‏المطلق وضرب قيم الجمهورية ومكاسبها ومزيد الزج بالبلاد في أزمة شاملة وعميقة ‏وعزلة في العالم”.‏

وتابع الغنوشي في كلمته: أنا ولا فخر من أكثر من نظّر للوسطية والاعتدال الفكري والسياسي، ونظر للديمقراطية ‏الإسلامية وللإسلام الديمقراطي مقابل أطروحات التخلف والغلو والعنف أو الإرهاب أو ‏الإقصاء أو انتهاك الحريات، فعلت ذلك وما زلت منذ أكثر من خمسين سنة، وكتبي ‏ومقالاتي ومواقفي شاهدة، وذلك واجب الدين والوطن.‏

 منذ انقلاب 25 يوليو وهم يتربصون بي ويعملون على تشويهي وعائلتي وتلفيق ‏التهم الباطلة لي

‏وقال أيضاً: قُدت وما زلت حركة النهضة التونسية في طريق الديمقراطية والاعتدال والبحث عن ‏التوافق والتعاون، واحترام مؤسسات الدولة وقوانينها، والتعاون مع كل من يحترم ‏الديمقراطية لتجعل من قيمة الحرية والديمقراطية في أعلى سلم قيمها واهتمامها ‏وتضحياتها وتنازلاتها عند الاقتضاء.‏

‏وأوضح أنه “إذا كانت تونس من بين دول عربية شقيقة كثيرة جرت فيها ثورات في نفس الوقت ‏قد استمرت عشر سنوات في الديمقراطية رغم كل محاولات الارتداد والانقلاب عليها، ‏وإذا كانت هذه الديمقراطية الناشئة ما زالت صامدة وتناضل ضد الانقلاب عليها بينما ‏انتكست في أغلب تلك البلدان، فإن ذلك لدليل على حجم التضحيات التي قدمها الشعب ‏التونسي وقواه الأساسية ومنها حركة النهضة بحكمة تصرفها وحمايتها الدائمة ‏للديمقراطية طوال هذه العشرية، وإحباطها لكل محاولات الالتفاف عليها منذ الثورة إلى ‏اليوم بما في ذلك بعد الانقلاب الغاشم في 25 يوليو 2021”.

 قُدت وما زلت حركة النهضة التونسية في طريق الديمقراطية والاعتدال والبحث عن ‏التوافق والتعاون

وأشار الغنوشي إلى أنه “كانت هناك أخطاء ولا شك في هذه الملحمة التونسية، وكثيرون يتحملون المسؤولية ‏ومنها النهضة ولكن ليس وحدها كما يحاول البعض الإيهام بذلك وتزوير التاريخ والواقع”، لافتاً إلى أن أهم الأخطاء هي ضعف المنجز الاقتصادي، مضيفاً أن “ذلك لا يلغي ما تحقق في العشرية ولا ‏يبرر وصفها بعشرية الخراب”.‏

وأضاف بأن محاولات استهداف حركة النهضة ورموزها مستمرة، مشيراً إلى أنها محاولات “‏دؤوبة لا تفتر لربطها بالإرهاب والتآمر على البلاد، ولتحولها من حالة سياسية يتعاطى ‏معها بالديمقراطية إلى ملف أمني وقضائي، وهذه اليوم إحداها”.

هناك أخطاء ولا شك في هذه الملحمة التونسية وكثيرون يتحملون المسؤولية ‏ومنها النهضة

وتابع أنه “كلما عجزوا عن هزمها ‏عبر صندوق الاقتراع يلجؤون إلى محاولة توظيف القضاء والأمن وبعض وسائل الإعلام لضربها”. ‏

وأشار إلى أنه “حُوكِم بتهم سياسية وسجن في عهدي بورقيبة وبن علي وحكم عليه بالإعدام من ‏أجل قيادته لحزب سياسي رفضوا الاعتراف بحقه في الوجود وأصروا على اعتباره ‏وغيره من الأحزاب قضية أمنية لا قضية سياسية كما هي الحقيقة”.

وقال: اليوم يريدون محاكمتي بتهم حق عام، أنا الذي أفنيت عمري في الكفاح ‏من أجل دولة قانون عادل ومؤسسات ممثلة للشعب لا منصبة عليه، ولقد صرحت ‏بممتلكاتي أكثر من مرة بكل شفافية ولكنهم لا يتوقفون عن تعمد التشويه والافتراء، وهذا ‏من أبشع أنواع الظلم.

لا مستقبل يليق بتونس والتونسيين إلا في احترام الحرية والديمقراطية ومؤسساتها ‏الشرعية

ومضى بقوله: أنا لا أخشى على نفسي من صنيعهم المشين، فقدّ وهبني الحي القيوم من العمر سبحاً طويلاً، وإنما أخشى على تونس ومكاسبها وعلى حقوق المواطن السياسية الاقتصادية ‏والاجتماعية فيها، أخشى عليها من ضياع عمرها وجهدها في تآكل داخلي وانقسامات ‏مهلكة، تتغذّى يومياً من خطابات الكراهية والشحن والشيطنة للمختلف، بما يسيء إلى ‏صورة بلدنا ويطرد العصافير من شجرتها ولا يستبقي لها صديقاً.‏

‏وأكد الغنوشي أنه “لا مستقبل يليق بتونس والتونسيين إلا في احترام الحرية والديمقراطية ومؤسساتها ‏الشرعية، والتركيز على الأولويات الاقتصادية والتنموية وإنجاز الإصلاحات الضرورية ‏واحترام حياد الإدارة والجيش والأمن واستقلال القضاء، وتثمين قيم العمل والبذل ‏واحترام قيم العيش المشترك ونبذ الكراهية والعنف”.

ومثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، اليوم الثلاثاء، أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، للتحقيق على ذمة قضية جمعية “نماء تونس”، المتهمة بتمويل الإرهاب وتبييض الأموال.

وتزامن وصول الغنوشي مع توافد عدد كبير من أنصار حركة النهضة والذين حضروا بالمئات وطالبوا بقضاء مستقل، ورفعوا شعارات من قبيل “يسقط يسقط الانقلاب، لا للمحاكمات السياسية، بالروح والدم نفديك يا الغنوشي”.

Exit mobile version