بعد فترة طويلة من العزل الانفرادي حيث الظلام الدامس الذي لا يمكن أن ترى به أصبعك في مكان صغير جداً بالكاد يحتوي جسداً واحداً خرجت منه الأسيرة الشهيدة سعدية فرج الله (68سنة) لدقائق معدودة، فقد سمح لنجلها لزيارتها لمرة واحدة فقط خلال فترة اعتقالها في سجون الاحتلال “الإسرائيلي”.
هذه الزيارة لم تجمع اللهفة في وقتها الزمني الأول فحينما نظرت الأم لنجلها لم تعرفه في بداية الأمر فظلمة العزل أثرت على رؤيتها وصحتها بشكل كبير، والأمر كذلك لنجلها في الوهلة الأولى فقد تغيرت ملامحها المتعبة وجسدها المنهك من ظلم الاحتلال حيث الضرب والعزل والإهمال الطبي دون مراعاة لأي مشاعر إنسانية ترتبط بكبر سن جعلها تفقد الكثير من وزنها وتغير ملامحها.
هذه الكلمات التي تكلم بها جعفر فرج الله شقيق الشهيدة الأسيرة سعدية وهو يصف لـ”المجتمع” حجم المعاناة والظلم الذي كانت تعيشه شقيقته في سجون الاحتلال.
ويذكر وهو يحمل في قلبه الكثير من الوجع والقهر بعد تلقيه خبر ارتقاء شقيقته: “لم يهتم الاحتلال لكبر سن شقيقتي ولم يتم مراعاة وضعها الصحي حيث حرمت من أبسط حقوقها بكونها إنسان فلم يتم تقديم دواء الضغط والسكري لها، ولم يتم عرضها على طبيب أو تقديم أي رعاية صحية لها؛ بل تم وضعها في عزل انفرادي”.
وجدير بالذكر أن العزل الانفرادي هو وضع الأسيرة في مكان ضيق جداً ومعتم لا يمكن أن ترى شيء فيه حيث يكون اللون الأسود هو الذي يحيط المكان من كل زاوية ويعتبر رديء التهوية حيث لا منفذ للتهوية أو النور، وهو مكان خالي من مظاهر الحياة، وتكون فيه الأسيرة معزولة عزلاً تاماً عن الأسيرات والعالم الخارجي ويتم فرض إجراءات مشددة على المعزولة لإبقائها في حالة حصار دائم وحرمان مستمر من أبسط مظاهر الحياة، وتحرم فيها الأسيرة من الزيارة، وهذا كله يكون له تأثير كبير على صحتها الجسدية والنفسية، وهذه السياسة الظالمة مارسها الاحتلال مع الأسيرة الشهيدة سعدية دون أدنى رحمة لصحتها وكبر سنها.
ويشير جعفر، إلى أنه تم اعتقالها في ظروف غاية الصعوبة حيث تم ضربها من قبل جنود الاحتلال “الإسرائيلي” وزعم أنها تحاول طعن جندي لكن هذا غير صحيح ولقد تم مطالبة الاحتلال بتفريغ كاميرات المراقبة التي تؤكد أنها لم تكن تحمل بيدها شيء وأنها كانت في زيارة لابنتها التي تسكن في تلك المنطقة التي تواجدت فيها بالقرب من الحرم الإبراهيمي.
ويشار إلى أن هذا الاعتقال لم يكن الأول؛ بل سبق أن جرى اعتقالها خلال الانتفاضة الأولى عام 1987م، إضافة إلى اعتقال إداري آخر في عام 2017م.
ويوضح وقلبه يعتصر بالكثير من الألم، أن شقيقته عند اعتقالها تم ضربها بشكل مبرح ولم يتم تقديم الرعاية الصحية لها أو نقلها للمستشفى؛ بل تم اعتقالها في ظروف غاية القسوة، الأمر الذي جعلها في وضع صحي متدهور، وزاد ذلك حينما تم عزلها ومعاناتها من الإهمال الطبي.
وبارتقاء الشهيدة سعدية أمس 2 يوليو 2022م يرتفع عدد الشهداء الأسرى في سجون الاحتلال إلى 230 شهيداً منذ عام 1967، وهي ثاني أسيرة من شهداء الحركة الأسيرة، حيث سبق أنّ استشهدت الأسيرة الفتاة فاطمة طقاطقة من بيت لحم، والتي اعتقلت بعد إصابتها برصاص الاحتلال، وارتقت في شهر مايو/أيار عام 2017م في مستشفى “شعاري تسيدك” لدى الاحتلال “الإسرائيلي”.