الثروة الحيوانية السورية في خطر: المربون يتخلصون من قطعانهم في الحسكة

تواجّهُ الثروة الحيوانية في مناطق الجزيرة السورية صعوبات عديدة، للعام الثاني على التوالي، ما يُهدّد وجود هذا القطاع الحيوي كجزء من الأمن الغذائي في البلاد، ويدفع نحو وضع قطعان الأغنام والأبقار والدواجن على قائمة الواردات مستقبلاً، وهو ما سيشكل أعباءً إضافية على الحكومة بسبب العقوبات الغربية والحصار.
 
والجفاف وشح الأمطار، وتراجع الزراعات المروية نتيجة جفاف الأنهار، وقطع تركيا لمياه نهري دجلة والفرات، وعدم توافر المحروقات لتشغيل الآبار، عوامل ساهمت في تراجع حاد في أعداد الثروة الحيوانية في المنطقة الشرقية من سوريا، والتي يربي سكانها أكثر من نصف الثروة الحيوانية في البلاد.
 
وأدت سيطرة “قسد” على نحو ثلث مساحة البلاد، التي تشكّل نحو ثلثي مناطق انتشار الثروة الحيوانية، إلى غياب الأعلاف المدعومة حكومياً واللقاحات، لخروجها عن سيطرة الحكومة، ما ألقى عبئاً إضافياً على المربين في تأمين الأعلاف المدعومة واللقاحات المجانية.
 
وفي قرية خربة صبحة، في ريف الحسكة الشمالي الشرقي، يقرّ مشعل أبو فواز باضطراره للتخلص من 90% من قطعان الماشية التي كان يملكها، لعدم قدرته على توفير الأعلاف واللقاحات اللازمة لها.
 
ويقول فواز  إنّ “واقع الثروة الحيوانية بعموم الجزيرة السورية معدوم لأبعد الحدود، والقطعان مهددة بالهلاك والإنقراض، بسبب عدم توافر المراعي والأعلاف نتيجة الجفاف للموسم الثاني على التوالي، إضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة”.
 
ويكشف أن “هناك تناقص ملحوظ في أعداد رؤوس الماشية، نتيجة موتها جوعاً أو ذبحها أو بيعها بأسعار زهيدة، للتخلص من التكاليف العالية لتربيتها”.  
 
وفي منطقة قريبة من الحدود السورية العراقية، يرعى جاسم مع عدد من أشقائه قطيعاً من الأغنام، داخل بقايا حصاد، ومراعٍ محدودة من سنابل أقماح وشعير غير ناضجة، بعد أن قام باستئجار الأرض من أصحابها لرعي الأغنام داخلها.
 
ويشرح جاسم أنّه ” قام مع عدد من مربي الثروة الحيوانية، باستئجار أرضٍ فيها بقايا حصاد القمح، وقسم منها غير للحصاد والمعروفة محلياً بالفراز أو الضمان، بنحو عشرة ملايين ليرة، لتوفير حاجة أغنامهم لمدة قد لا تتجاوز الشهر فقط”.
 
ويضيف أنّ “غالبية المربين قاموا ببيع نصف قطعانهم للتمكّن من علف النصف الآخر، على أمل تحسن الأحوال، وهطول الأمطار باكراً لتوفر مراع طبيعية، تجنب قطعان الأغنام الهلاك”.  
 
أما حميد العكلة، فيقول إنّه منذ عامين كان سعر رأس الغنم الواحد يتراوح بين مليون ليرة سورية و 500 ألف، لكنّه اليوم يباع بين 200 إلى 100 ألف وبعضها يباع بـ50 ألف فقط، رغم الفارق الواضح في سعر الصرف الآن، لافتاً إلى أنّ “أصغر قرية في محافظة الحسكة كانت تملك نحو 500 رأس غنم أو بقر، لكنّ اليوم العدد انخفض إلى أقل من 200 رأس غنم، بسبب الواقع الاقتصادي الصعب، وصعوبة توفير مستلزمات تربية القطيع من أعلاف ولقاحات”.
 
ويرى العكلة أنّ الحل الآني للثروة الحيوانية هو “إرسال الحكومة السورية دفعات علف إسعافية بأسعار مدعومة لتوفيرها لمربي الثروة الحيوانية، مع تأمين اللقاحات بشكل مجاني، ما سيساعد المربين على عدم التخلص من قطعانهم، في ظل الأعباء المادية الكبيرة على عاتقهم الآن”.  
 
بدوره، يبيّن مدير الصحة الحيوانية في مديرية زراعة الحسكة سعيد علي أنّ “هناك جفاف وقلة في المراعي والأعلاف منذ عامين بسبب المواسم الزراعية الضعيفة وشبه المعدومة، وهو ما أدى إلى انتشار الأمراض بشكل أكبر بين قطعان الماشية بمختلف أصنافها وأنواعها”.  
 
ويلفت إلى أنه إلى جانب لجوء المربين لبيع قطعانهم بأسعار زهيدة، يتم ذبح الأغنام الإناث بشكل عشوائي، ما يشكل خطراً لجهة تناقص الولادات، نتيجة عدم الإشراف الحكومي على عمليات الذبح، نظراً إلى خروج غالبية مناطق محافظة الحسكة عن سيطرة الحكومة.
 
ورأى علي أنّ “الخطر الأكبر يكمن في انتشار عمليات التهريب باتجاه البلدان المجاورة، عبر المعابر غير النظامية، والطرق المفتوحة، وهو أمر يحتاج إلى المعالجة الفورية، لخطورته الكبيرة على الثروة الحيوانية في عموم المنطقة بحسب موقع المياديين”. 
 
Exit mobile version