عودة علاقة “حماس” بالنظام السوري.. مزاعم أم تسريبات ورسائل حقيقية؟

 

يوم 21 يونيو الجاري، زعمت وكالة “رويترز” أن مصدرين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أبلغاها نية الحركة استعادة علاقتها مع نظام بشار الأسد السوري بعد قطيعة 10 سنوات منذ اندلاع الثورة السورية ودعم “حماس” لها.

وفي اليوم نفسه، نقلت وكالة “الأناضول” التركية عن مصدر فلسطيني، أن “حماس”، والنظام السوري، يستعدان لفتح صفحة جديدة، واستعادة العلاقات بينهما، بعد قطيعة استمرت 10 سنوات.

وكشف المصدر أن اختراقاً إيجابياً طرأ على صعيد استعادة العلاقات بين حركة “حماس” الفلسطينية، والنظام السوري، بـ”جهود مضنية”، بذلتها قيادة “حزب الله” اللبناني خلال الشهور الماضية، للوساطة بين الطرفين.

وأن هذه الجهود أفضت إلى منحها الضوء الأخضر لاتخاذ خطوات عملية من أجل تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وأن مرحلة جديدة من العلاقة بين الحركة ونظام بشار الأسد ستُكتب فصولها في المرحلة القادمة.

مصادر الوكالتين زعمت أن قيادة “حماس” لم تكن تمانع في كسر الجليد بينها وبين النظام السوري، انطلاقاً من حرص الحركة على الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف العربية بما يخدم القضية الفلسطينية.

وأن لقاءً عُقد مؤخراً بين الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله ومسؤول بارز في “حماس”، جرى خلاله الاتفاق على عدد من النقاط في هذا الاتجاه، والاتفاق على عقد لقاء على مستوى رفيع، بين النظام السوري وقيادة حركة “حماس” خلال الفترة القادمة، وأنه يجري الترتيب لذلك على عدة مستويات داخلية وخارجية لدى الحركة.

مصدر قريب من “حماس” لـ”المجتمع”: قرار العودة إلى العلاقات مع سورية يخضع لدراسة مطولة لدى الحركة

نفي ضمني

لم يصدر بيان رسمي من جانب “حماس” يؤكد هذه المزاعم، لكن كان لافتاً أن هذه الأنباء عن مصالحة حمساوية سورية جاءت في نفس يوم سفر إسماعيل هنية للبنان.

وفي يوم 21 يونيو الجاري، أصدرت “حماس” بياناً توضيحياً أشبه بنفي خبري “رويترز” و”الأناضول”.

وأوضحت أن رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية يزور بيروت على رأس وفدٍ قيادي من الحركة، للقاء المسؤولين والقيادات اللبنانية، وقيادات الفصائل الفلسطينية، وإلقاء كلمة أمام المؤتمر “القومي الإسلامي” في دورته الـ31، دون ذكر للقاءات مع “حزب الله” أو الحديث عن أنباء مصالحة مع نظام الأسد.

وهو ما أكده أيضاً المحلل الفلسطيني مصطفى الصواف لـ”المجتمع”، مشدداً على عدم علاقة زيارة هنية للبنان بهذا الأمر، والبعض ربما ربط القرار بزيارته إلى لبنان، وفق قوله.

وكان لافتاً نفي وسائل إعلام سورية نقلاً عن “مصادر خاصة” ما قالت أنه أنباء تناقلتها بعض وسائل الإعلام تتحدث فيها عن عودة العلاقات بين سورية و”حماس”.

وأكدت هذه المصادر أن كل ما يشاع عن عقد اجتماعات بين الجانبين على مستويات قيادية عليا هي مجرد شائعات، ولم تحدث أي لقاءات بين مسؤولين من الطرفين.

ومنذ عام 1999، اتخذت قيادة حركة “حماس” من العاصمة السورية مقراً لها، قبل أن تغادرها عام 2012 إثر اندلاع الثورة السورية ضد نظام الأسد، ومنذ ذلك الحين، ساد توتر وقطيعة بين نظام الأسد و”حماس”.

ولم تتخذ “حماس” موقفاً محايداً عام 2012، بل وقفت إلى جانب الثورة السورية، وخرج خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق، وقتها وقال موجهاً حديثه إلى نظام الأسد: “من نصرنا في الحق لن ننصره في الباطل”.

ما الحقيقة؟

مصدر قريب من قيادة “حماس” أبلغ “المجتمع” أن قرار الحركة بالعودة إلى العلاقات مع سورية يخضع لدراسة مطولة لدى الحركة، مرجحاً هذه المصالحة، ومؤكداً أنه سبق القرار لقاءات مع الجانب السوري على مستوى معين.

وأوضح أنه بناء على الدراسة المطولة واللقاءات التي جرت مع الطرف السوري، اتخذت “حماس” قراراً ببدء الترتيب للعودة إلى الساحة السورية لم يبدأ تنفيذه بعد.

برر القرار بأن الساحة السورية مهمة لـ”حماس” سياسياً ومن ناحية المقاومة، ولأن سورية يوجد بها عدد كبير من الفلسطينيين ومخيمات فلسطينية وتعتبر جبهة مقاومة للمحتل وتوجد بها قاعدة شعبية فلسطينية “حماس” بحاجة لها وهي بحاجة لـ”حماس”.

وأوضح أن القطيعة والخروج الآمن من سورية كان بهدف ابتعاد “حماس” عن التدخل في الشأن السوري الداخلي بعد ما حدث من ربيع عربي وصدام مع شعب.

وأضاف: وقتئذ لم تستمع القيادة السورية لنصائح “حماس” لحل المشكل، وغلبت الحل الأمني الذي أطال أمد الصراع وعادت سورية اليوم إلى الحوار (مع المعارضة) الذي دعت له “حماس” منذ البداية.

وفي نوفمبر 2012، أشار خالد مشعل، في لقاء حواري مع “مركز مسارات”، لهذا مؤكداً أنه في بداية “الربيع العربي” طلب مني قادة إخوان سورية (البيانوني والشقفة) فتح خط مع النظام لتقديم نصائح، ولم يحصل شيء (أي رفض النظام ذلك).

لكن المصدر المقرب من “حماس” أوضح لـ”المجتمع” أن سياسة “حماس” اليوم قائمة على فتح علاقات مع الجميع لقناعة حماس أن وحدة الجبهات ستصب في صالح القضة الفلسطينية تخدم مشروع التحرير.

الصواف: “حماس” لديها الجرأة في الإعلان عن أي قرار تتخذه.. ولا تتوارى خلف المصادر المجهولة

تشكيك في التسريب

لكن الصواف قال: إن تسريب وكالة “رويترز” الذي أسُند إلى قيادي في حركة “حماس”، وعدم ذكر المصدر يفتح المجال للتشكيك في صحة الخبر.

وأوضح لـ”المجتمع” أن نشر خبر نقلاً عن قيادي يرفض الكشف عن اسمه يحدث نوعاً من التشكيك في مصداقية الوكالة ومصداقية القيادي.

وشدد على أنه عندما تتخذ “حماس” قراراً، مهما كان هذا القرار وصعوبته، فهي تتخذه بقرار مجمع عليه من قيادتها، ولديها الجرأة الكاملة في الإعلان عنه وتطبيقه، لأنها لا تخجل ولا تتوارى خلف المصادر المجهولة.

مع هذا، ألمح الصواف إلى احتمال أن يكون هناك قرار لدى “حماس” بشأن سورية، لكن الإعلان عنه يحتاج إلى مشاورات وتحركات واتصالات لو كان اتخذ، بحسب تعبيره.

وأشار إلى أن الأمر قد يكون بحاجة إلى ترتيبات معينة تدرسها حركة “حماس” قبل الإعلان عن الموقف، لو كان هناك موقف بهذا الصدد.

وقال: علينا أن ننتظر قراراً معلناً من قبل حركة “حماس” التي عودتنا على الصراحة والجرأة في قراراتها ومصداقيته، لأن موقفها وقراراتها تُتخذ بعد دراسة ومشاورة ومصلحة عائدة على “حماس” وعلى القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

واعتبر أنه من المبكر الحديث عن قرار سواء اتخذ أو لم يتخذ، وعلينا أن ننتظر قراراً رسمياً يصدر من “حماس” عبر مسؤول ملف العلاقات العربية في الحركة د. خليل الحية.

انتقادات

وفور تسريب خبر المصالحة مع نظام بشار الأسد، الذي لم تؤكده “حماس”، انتقد نشطاء وصحفيون نية “حماس” التقارب مع هذا النظام القاتل في سورية مهما كان المبرر.

وانتقد الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني إبراهيم حمامي بشدة التقارير عن عودة العلاقات بين نظام بشار في سورية وحركة “حماس”، معتبراً أن “حماس” ستكتب بذلك شهادة وفاتها شعبياً وتفقد الحاضنة العربية لو فعلت ذلك.

وقال: لو كان هناك ما يمكن تبريره لعلاقة “حماس” مع إيران من حيث الدعم في وقت تخلى فيه العرب عن واجبهم، فلا يوجد أي مبرر من أي نوع لإعادة العلاقات مع النظام المجرم في دمشق الذي سفك دماء الفلسطينيين قبل السوريين.

وقال الصحفي المصري جمال سلطان: إن القرار -لو صح- لن يكون فلسطينياً، ولا مصلحة فلسطينية، ولكنه سيكون قراراً إيرانياً، ومصلحة إيرانية حصرياً، وفواتير تسدد، وشرف القضية هو الثمن.

وكان قادة “حماس” قد أيدوا علناً “الربيع العربي” في سورية الذي يهدف إلى الإطاحة بحكم الأسد، وتركوا مقارهم في دمشق، وأثار ذلك غضب حليفهم المشترك إيران.

ولكن أعيدت العلاقات بين “حماس” وإيران في وقت لاحق، وأشاد مسؤولون في الحركة بإيران لمساعدتها في بناء ترسانتها من الصواريخ بعيدة المدى في غزة، التي استخدموها في قتال الكيان الصهيوني.

Exit mobile version