القطان.. والجودو!

من اليمين د. حمود الحطاب والشيخ أحمد القطان يرحمه الله وحمد الفلاح

 

نال شباب الكويت كغيرهم من الشباب حول العالم شرف ممارسة أجمل رياضات الألعاب الأولمبية، وهي الجودو اليابانية التي تعني: “الطريق إلى اللِّين في الدفاع” والتي اشتقت من فن الجوجيتسو اليابانية التقليدية بعد أن تم تقنين أسلوبها حتى أصبحت مناسبة للمنافسات الرياضية على البساط، ولها نقاط للفوز والخسارة، ولها قوانين جزائية كغيرها من الرياضات الدولية، والجودو معشوقة الشباب في كل مكان بأوروبا وآسيا والأمريكتين وغيرها من أقاليم ودول ومدن العالم، يوجد لها صالات كبيرة، حكومية وأهلية، ومؤسسات تنظم بطولات ومباريات على جميع المستويات الفئوية، ويوجد لها مبنى ضخم في العاصمة طوكيو مكون من عدة أدوار، كل دور لفئات ومستويات معينة، كما أن اللعبة فرضت في المدارس التعليمية في اليابان كجزء من ثقافتهم المجتمعية.

في مطلع السبعينيات وصلت هذه اللعبة الشعبية إلى الكويت، التحق الشيخ أحمد القطان يرحمه الله وزملاءه فيها ضمن البرامج الاجتماعية الثقافية والرياضية التي تُقدم في مركز الشباب بجمعية الإصلاح ما بين عامي 1975 و1976م، حيث مارسوا عدة نشاطات كالسباحة في البحر والألعاب المائية المنوعة ومن ضمن تلك الأنشطة هذه المصارعة اليابانية الجميلة التي تحمل عدة معاني فلسفية وأخلاقية، وتحمل هذه اللعبة العريقة مبدئين:

* jita-kyoei: التعاون والتفاهم المتبادل للوصول إلى السعادة للجميع.

* sei-ryoku-zenyo: الاستثمار للعقل والبدن.

وقد تم استعارة أحد المدربين المقيمين في الكويت، لأن اللعبة كانت جديدة على شباب الكويت كما أخبرنا الدكتور الفاضل حمود الحطاب حفظه الله.

تميز الشيخ أحمد القطان في هذه الدورة، فكان يمتاز بالقوة الجسمانية الشديدة واللياقة البدنية العالية التي يشهدها له زملاءه وأصحابه، فكانوا قرابة الـ30 لاعباً من أبناء عوائل الكويت المعروفة مثل: محمد ناصر الخنة، وحمد مفلح الفلاح، وناصر داود النصرالله وغيرهم.

كان الشيخ يتصارع معهم بشدة ويسقطهم أرضًا بالمهارات المعروفة (تتاشي وازا) وتعني مهارات الرمي، وكانوا زملاءه أيضًا يسقطونه وله قدرة تحمل كبيرة رحمه الله، وكان يتميز بالصراع والقوة هو والفاضل الدكتور حمود الحطاب، وقد تصارعوا مع المدرب أيضًا واستفادوا من تعليمه وخبراته.

كان الشيخ أحمد يتميز بالمشاركة الاجتماعية وتفعيل كل برنامج ونشاط لحبه لأبناء مجتمعه وحرصه على قيمة الوقت وتطوير الذات والاهتمام بالصحة الجسدية، وأن الاجتماع على هذه الألعاب المباحة هي لتأليف القلوب أولاً وتقارب الأرواح وازدياد المحبة، وبناء المسؤولية والتربية على الترتيب والنظام في حياة الإنسان المسلم، كاهتمامه في أسرته ابتداء من والديه ثم إخوته ثم زوجته وأبنائه.

لأن هذه اللعبات التي تتسم بالتنافس والتحدي الرياضي تبني إنسانًا ذو طاقة إيجابية ويتميز بإسعاد من حوله بسبب صحته النفسية الرائعة، وأنها تفرغ الطاقة لدى الشاب فتكسر حدة الغضب عنده وتجعله منضبط أكثر مع الناس.

أحمد القطان، نموذج لإنسان وداعية مُغاير، خاض تجارب عدة ودخل معتركات كثيرة، نموذج نتمنى رؤيته في كثير من دعاة اليوم، فهو الأب الحنون والصديق الوفي لرفقاء دربه، والواصل لأقربائه وأصحابه، والمعلم الشيخ لطلابه ومحبيه، والشاعر الأديب، والمنشد ذو الصوت الذي يبعث الحماس، والخطيب المفوه، والرياضي القوي، كما أنه يروي حكايات قديمة وجميلة بلهجة شعبية أصيلة لاحتواء قلوب مستمعيه.

ليتني عرفت في حياته أنه مارس في شبابه لعبة الجودو، لذهبت إليه قبل فترة وطلبت منه إعادة الكَرّة!

نعم، فهذه اللعبة ليس لها حدود عُمريّة، حتى الشيخ التسعيني يزاولها!

رياضة شعبية فوائدها كثيرة جداً ناهيك عن المتعة الفنية في أداءها.

الآن عرفنا رياضي من شباب هذا الوطن في السبعينيات: الشيخ أحمد القطان!

Exit mobile version