يتساءل محرر شؤون الأمن القومي في مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية مارك أيبسكوبوس عما إذا كانت لروسيا أهداف تتجاوز منطقة الدونباس في شرق أوكرانيا.
وكتب الرئيس جو بايدن في صحيفة “نيويورك تايمز”، أن “هدف أمريكا واضح…. نريد رؤية أوكرانيا ديمقراطية ومستقلة وذات سيادة ومزدهرة وأن تتوفر لها الوسائل للردع والدفاع عن نفسها في مواجهة مزيد من الاعتداءات”.
ونقل بايدن عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قوله إن الحرب “ستنتهي فقط عبر الوسائل الديبلوماسية”، لكنه أضاف “أن كل تفاوض يعكس الحقائق على الأرض. وتحركنا بسرعة لإرسال كمية ضخمة من الاسلحة والذخائر بحيث تتمكن أوكرانيا من القتال في الميدان، وكي تكون في أفضل المواقع على طاولة المفاوضات”.
وتساءل الكاتب: “ماذا يجب أن تكون عليه الحقائق على الأرض بالنسبة إلى البيت الأبيض-الذي يواصل دعم المجهود الحربي الأوكراني ببرنامج غير مسبوق من نقل الأسلحة والمشاركة في المعلومات الإستخباراتية- حتى يستنتج أن الوقت قد حان للتوصل إلى تسوية تفاوضية؟ إن بايدن يوفر أجوبة قليلة ملموسة. فهل ستسارع كييف إلى القبول بهذا الإستنتاج؟ “.
أقل من نصر عسكري
ويرى الكاتب أن مقالة بايدن لا تقدر تمام التقدير الموقف الأقصى الذي تجازف به الحكومة الأوكرانية. ويضيف أن زيلينسكي والمسؤولين الكبار في إدارته يكررون بوضوح منذ أشهر، أنهم لن يقبلوا بأقل من نصر عسكري واضح على روسيا، مما يعني أن مفاوضات السلام ستبدأ فقط عندما يتحقق هذا الشرط.
وقال مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك لرويترز إنه “لأمر جيد أن يفهم الأوروبيون، أنه لا يمكن تركيا روسيا في منتصف الطريق، لأنها ستخلق مزاجاً انتقامياً ويمكن أن تكون أكثر قساوة…يجب إنزال الهزيمة بها، هزيمة تكون مؤلمة، إلى أقصى حد ممكن”.
وشرحت كييف ما يعنيه “النصر”. وصرح رئيس مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك أن “الحرب يجب أن تنتهي بإستعادة كاملة لأراضي أوكرانيا وسيادتها، هذا هو نصرنا”.
ضم خيرسون
لكن القوات الروسية الغازية لا تظهر أي رغبة في التخلي عن الأراضي التي استولت عليها في شرق أوكرانيا. وعلى العكس من ذلك، فإن العلامات الأولية تشير إلى أن موسكو تخطط لتعزيز سيطرة دائمة على منطقتي الدونباس وخيرسون. وقال المسؤولون عن احتلال المنطقتين، إن هناك استعدادات لضم خيرسون إلى الأراضي الروسية.
ويشير آخر مسح لتطورات النزاع إلى أن 20 في المئة من أراضي أوكرانيا هي تحت السيطرة الروسية. وتسيطر القوات الروسية الآن على معظم مدينة سيفيردونيتسك، آخر معقل رئيسي لأوكرانيا في مقاطعة لوغانسك، وتتقدم نحو مدينة ليسيتشانسك في محاولة لتطويق أي قوات أوكرانية لم تنسحب من محور سيفيردونيتسك-ليستشانسك.
حدود ما قبل الحرب
وقد بات واضحاً أكثر أن القوات الروسية لن تتراجع إلى حدود ما قبل الحرب إلا إذا أجبرت على ذلك بالقوة، على رغم أن الأهداف الكاملة لروسيا من الحرب لا تزال غير معروفة.
ويقول مسؤولون أوكرانيون إن القوات الروسية استأنفت هجومها نحو مدن استراتيجية في الشرق مثل سلوفيانسك وكراماتورسك، بهدف تعزيز الوجود الروسي في منطقة الدونباس. لكن على رغم أن موسكو وضعت هدفاً لما أطلقت عليه “العملية العسكرية الخاصة للدفاع” عن منطقتي دونيتسك ولوغانسك الإنفصاليتين في الدونباس، فإن من غير المحتمل أن يوقف الكرملين هجماته عندما يتسنى له السيطرة على هذه المنطقة بكاملها.
نحو دنيبرو
وكانت سرت تكهنات قبل أشهر عن أن الهدف التالي للحرب الروسية سيكون مواصلة التقدم غرباً نحو مدينة دنيبرو كجزء من محاولة لعزل القوات الأوكرانية على طول الأراضي السفلى من نهر دنيبرو. وعلى رغم ذلك، فإن سياسيين روساً وبعض الدوائر الضيقة في الكرملين افترضت مؤخراً أن القوات الروسية ستشن عوض ذلك، هجوماً شاملاً في اتجاه أوديسا جنوباً. وفي رأي النائب الروسي قسطنطين زاتولين، أن أوديسا الميناء الجنوبي الرئيسي لأوكراني، يمثل جائزة استراتيجية لروسيا أثمن حتى من كييف العاصمة.
ومع مرور أكثر من مئة يوم على الحرب، فإن الاهداف التي يسعى إليها المتحاربون متناقضة أكثر من أي وقت مضى. ولا يظهر أن روسيا أو أوكرانيا مع داعميها الغربيين، على استعداد للقبول بتسوية تفاوضية سريعة أو بطرق مقترحة لخفض التصعيد الإقليمي. وتشير الوقائع على الأرض إلى أفق مظلم: إن الأسوأ لم يأتِ بعد بحسب 24.