بعد 3 أشهر من الحرب.. هل تغيرت أهداف كل من أوكرانيا وروسيا؟

 

بعد 3 أشهر من الحرب ازدادت ثقة أوكرانيا بالنفس، بما يتماشى مع أدائها في ساحات المعارك ومع قدراتها العسكرية التي تقوى باطراد، ولذلك، أصبحت أهدافها أكثر طموحًا.

بعد ثلاثة أشهر من الغزو الروسي، ما التوقعات؟

على الأرض، الاحتمال المرجح هو حرب استنزاف مطولة، فقد فشل الهجوم الروسي الأولي متعدد الاتجاهات من شمال وشرق وجنوب أوكرانيا فشلاً ذريعًا، بسبب عدم الكفاءة التشغيلية للروس والمقاومة الأوكرانية العنيدة التي لم تكن متوقعة.

هل تكتفي روسيا بإقليم دونباس؟

تراجعت روسيا الآن للتركيز على تأمين السيطرة الكاملة على منطقة دونباس وتعزيز جسرها البري حتى شبه جزيرة القرم، وحتى في هذا، لم يحرز الروس حتى الآن سوى تقدم بطيء وغير منتظم.

الوضع العسكري متقلب، ولكن من الناحية السياسية يبدو أنه مسدود، فالدعم الغربي يعمل بلا شك على تعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا، بينما أدت الخسائر الفادحة وفقدان المعدات إلى تآكل القدرة القتالية لروسيا، ومع ذلك، لا يبدو أن أيًا من الطرفين قادر -حتى الآن- على تحقيق نصر حاسم باستخدام الوسائل التقليدية.

آفاق قاتمة

وبالمثل، فإن الآفاق الحالية للتوصل إلى تسوية تفاوضية آفاق قاتمة، لا أحد من الجانبين مستعد للتسوية.

ليس واضحاً كيف ستحدد روسيا النصر الآن، وقد تطورت أهداف حرب أوكرانيا، وهذا يعني أن النتائج النهائية لكل منهما في أي مفاوضات تظل غير واضحة.

لا يزال وضع الحياد المسلح لأوكرانيا نتيجة محتملة لأي تسوية نهائية، وقد وافق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضمنيًا على هذا الأمر، وهذا سيحقق هدف روسيا المتمثل في منع أوكرانيا من الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

في المقابل، ستطالب أوكرانيا بضمانات أمنية غربية قوية وبمساعدة مستمرة لبناء قدراتها العسكرية لردع أي عدوان روسي في المستقبل.

ومع ذلك، فإن القضية المركزية في أي مفاوضات ستكون الأرض.

هل تطمح روسيا إلى المزيد من الأراضي؟

على الرغم من أن أوكرانيا لا تزال تتعرض لضغوط شديدة من ناحية الشرق، فإن ثقة أوكرانيا بالنفس آخذة في الازدياد، بما يتماشى مع أدائها في ساحات المعارك وقدراتها العسكرية تقوى، وكذلك، أصبحت أهدافها أكثر طموحًا.

في البداية، كانت أوكرانيا تركز فقط على البقاء القومي، ولكنها بعد ذلك، عند استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا منذ 24 فبراير، يبدو أن كييف أصبحت عازمة الآن على استعادة السيطرة الكاملة على جميع أراضيها وربما حتى استعادة شبه جزيرة القرم (وهو أمر من غير المرجح أن تتخلى عنه روسيا).

ليس هناك حديث عن حل وسط

ليس لدى روسيا الكثير لتظهره حتى الآن في حملتها التي تجاوزت 3 أشهر، لكنها تعرضت للكدمات فقط، وبالتأكيد لم تتعرض للضرب، ليس هناك حديث عن حل وسط، بدلاً من ذلك، تضاعف روسيا من قوتها في دونباس، ولا يتجنب الكرملين الدفع والحديث عن طموحات أوسع، تتضمن الدفع غربًا على طول ساحل البحر الأسود إلى أوديسا.

مشكلة موسكو هي عدم التوافق بين طموحاتها والقوة العسكرية المتاحة، الطريقة الوحيدة لإصلاح ذلك هي من خلال التعبئة الجزئية على الأقل، لكن هذا يزيد من المخاطر السياسية على الرئيس فلاديمير بوتين إذا لم تحقق روسيا أهدافها.

بوتين، على أي حال، لا يستطيع التراجع، وقد يتبين أن بوتين الضعيف أو المهان أكثر خطورة من بوتين كشخص شديد الثقة بنفسه، قد تعتقد روسيا أن الوقت في صالحها، بحساب أن الدول الغربية سوف تتعب من دعم أوكرانيا مع استمرار الحرب، خاصة مع ارتفاع التكاليف الاقتصادية، وليس أقلها إمدادات الطاقة والغذاء.

رفض تقديم التنازلات

من اللافت للنظر مدى قوة وتماسك الاستجابة الغربية حتى الآن، والواقع أن قرار فنلندا والسويد بالتخلي عن الحياد والسعي للحصول على عضوية “الناتو” يبرز كيف أن الغزو الروسي لأوكرانيا كان له نتائج عكسية.

فبدلاً من تقريب أوكرانيا من روسيا، أدت الحرب إلى عزل أوكرانيا تمامًا وتعزيز هويتها الوطنية، وبعيدًا عن ترهيب الغرب، فإن الغزو الروسي أعاد تنشيط “الناتو”، وعزز العلاقات عبر الأطلسي، وجعل التحالف أقرب إلى حدود روسيا وليس بعيدًا عنها.

وفي الوقت نفسه، جعلت العقوبات الغربية روسيا أكثر اعتمادًا على الصين، مما عزز الطبيعة غير المتكافئة لشراكتهما الإستراتيجية.

ضريبة الحفاظ على الوحدة بين القوى الغربية

ومع ذلك، ظهرت مؤخرًا بعض العلامات المقلقة على الانزعاج في الموقف الغربي بشأن أوكرانيا.

كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أكثر قوة في دعم انتصار أوكرانيا الكامل على روسيا، في حين أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي الحاجة إلى تسوية تفاوضية، وعرضا على بوتين مخرجًا، وهذا قد ينبه كييف، أنها قد تتعرض لضغوط لعقد صفقة من شأنها أن تعزز المكاسب الإقليمية الروسية.

سيكون الحفاظ على الوحدة بين القوى الغربية التي تدعم أوكرانيا تحدياً رئيساً في الأشهر المقبلة.

من جانبها، تأمل أوكرانيا وشركاؤها الغربيون في أن تضعف قدرة روسيا على شن الحرب بمرور الوقت، خاصة وأن العقوبات تضر بالاقتصاد الروسي.

المراهنة على الاقتصاد الروسي

لقد أثبت الاقتصاد الروسي مرونته حتى الآن، مدعومًا بعائدات النفط والغاز المزدهرة، بينما من المرجح أن يظل الطلب العالمي على الحبوب والأسمدة والمعادن قوياً.

ولا يوجد حتى الآن أي مؤشر على تصاعد المعارضة الداخلية، وهذا يعكس انتشار الدعاية، واللامبالاة السياسية المميزة لمعظم الروس، ومناخ الخوف غير المعلن في بيئة شديدة القمع.

والواقع، يمكن أن يعزز الحديث من قبل داعمي أوكرانيا الغربيين عن إضعاف روسيا بشكل دائم موقف بوتين المحلي بشكل عكسي، من خلال تأجيج عقلية الحصار للكرملين عن غير قصد.

وهذا، قد يضطر الطرفان في النهاية إلى اللجوء لحل وسط لإنهاء القتال، ولكن متى؟ يظل هذا سؤالاً معلقاً في الهواء، ولكن الحسابات ستتغير، بلا شك، لكلا الطرفين مع تطور الصراع.

وعلاوة على ذلك، هناك مخاطرة حقيقية تتمثل في أن أي تنازلات يثبت أنها ضرورية للوصول إلى نهاية تفاوضية للقتال ستجعل أحد الطرفين أو كلاهما يحس بالظلم، وينتظر بامتعاض فرصة لتصحيح الأمور.

وهذا لن يؤدي إلى تسوية مستقرة ودائمة.

 

 

 

 

 

 

__________________________

المصدر: “تشانل نيوز آشيا”.

Exit mobile version