لماذا لم ترد فصائل غزة على “مسيرة الأعلام” الصهيونية؟

 

ظلت كل التوقعات تشير إلى أن الفصائل الفلسطينية في غزة سوف تطلق صواريخها صوب القدس وتل أبيب في يوم مسيرة الأعلام الصهيونية، التي يواكبها اعتداءات على المسجد الأقصى، كما فعلت العام الماضي (2021)، إلا أن اليوم انتهى دون مواجهة عسكرية.

ما جرى في المسجد الأقصى هذه المرة، في 29 مايو الجاري، كان أخطر مما جرى في عام 2021 ولم يحدث مثله من قبل، فلأول مرة يرفع المستوطنون أعلام دولتهم الصهيونية داخل ساحة المسجد الأقصى بحماية جنود الاحتلال (بعدما كانوا يمنعونهم سابقاً!).

ولأول مرة يؤدي المستوطنون طقوساً وصلوات تلمودية بشكل جماعي داخل ساحة المسجد منها النوم على الأرض كأحد طقوس الصلاة في الهيكل، كأنهم يعتبرون المسجد بات هيكلهم (رغم أن هذا أيضاً كان ممنوعاً بقرار الاحتلال منذ عام 1967).

قاموا بـ”مسيرة الأعلام” التي يحتفلون بها كل عام في ذكرى احتلالهم القدس بالقرب من أبواب الأقصى، وسبوا النبي محمد صلى الله عليه وسلم والعرب والمسلمين كما يفعلون كل عام بحماية الاحتلال واعتدوا على فلسطينيين.

فلماذا لم ترد فصائل غزة بالصواريخ كما هددت رغم أن ما حدث في القدس خطير وينذر بتهويد الأقصى أو اقتطاع مسجد قبة الصخرة منه لتدشين الهيكل على أنقاضه، وتقسيم المسجد الأقصى للصلاة اليهودية فيه، ما لم يواجه برد رادع؟

الصواف: المقاومة فوتت على الاحتلال ما كان يكمنه لغزة وأفشلت خططه

مصدر فلسطيني مطلع أبلغ “المجتمع” أن المقاومة في غزة كان هدفها الأصلي هو أن تُحرك الفلسطينيين في القدس والضفة لحماية الأقصى مع وعد بالوقوف خلفهم لو ساءت الأمور، وهو ما حدث وتصدى أهالي القدس لـ30 ألف جندي صهيوني و15 ألف مستوطن على قدر جهدهم وأصيب منهم الكثير.

وأوضح المصدر أن هدف مقاومة غزة من ربط معادلة غزة بالقدس هو تحريك الضفة الغربية، وأن يخرج أهل القدس للدفاع عنها؛ لأن غزة وحدها لا يمكنها حماية الأقصى وهي محاصرة، وتجري مؤامرات عربية قبل الأجنبية لنزع سلاحها.

وأوضح المحلل الفلسطيني مصطفى الصواف لـ”المجتمع” أن فصائل غزة فوتت فرصة كان ينتظرها الاحتلال مع بدء مناورته التي أطلق عليها “عربات النار”.

وكشف الصواف أن كل المعلومات والتقارير التي جمعتها المقاومة كانت حاضرة، وتشير إلى ما كان ينتظره الاحتلال، ولذلك فوتت المقاومة على الاحتلال ما كان يكمنه لغزة ومقاومتها وأفشلت خططه كما أفشلت في السابق خطة “مترو الأنفاق” التي كان يتغنى بها الاحتلال.

وأشار الصواف لما قاله المراسل العسكري لقناة “13” العبرية أن “إسرائيل” كانت تريد جر غزة إلى معركة، حيث كانت تجري مناورات عسكرية واسعة النطاق على حدود غزة، وقوله: إن “إسرائيل” نشرت باصات ذات ذكاء اصطناعي كانت تقف على حدود غزة كـ”فخ”، ولكن غزة كانت أذكى من ذلك.

وأوضح أن هذا ما أدركته المقاومة من خلال المراقبة لكل ما يجري في الكيان الصهيوني؛ سياسياً وعسكرياً وإعلامياً، والمعركة لم تنتهِ والمشاهد حاضرة وكذلك الرد حاضر والمسألة مسألة وقت.

وشدد الصواف على أن المقاومة لم تعد عملاً عشوائياً، ولا عاطفياً، وإنما هي عمل مدروس ومخطط له، مشيراً إلى أن المقاومة تدرس ما لديها وما لدى العدو وتراقب وتعد الخطط وفق معلومات تصلها وتجمعها ومن ثم تضع الخطط وتحديد الزمن المناسب، لافتاً إلى أن حكمة المقاومة وقراءتها للمشهد كاملاً فوتت ما يريده الاحتلال.

ويؤكد المحلل الفلسطيني صالح النعامي أن الاعتماد على صواريخ غزة لن يوفر رداً رادعاً، فستعقبها حرب ستستغلها “إسرائيل” في تكريس معضلة إعادة الإعمار وابتزاز المقاومة، وسيمكنها من مواصلة مخططها في القدس.

ويشير النعامي إلى ضرورة تثوير الضفة وإشعال المقاومة فيها، فهي تمثل الخاصرة الرخوة لـ”إسرائيل”، مؤكداً أن إشعال المقاومة في الضفة سيجبي أثماناً باهظة من “إسرائيل” ويدفعها لمراجعة حساباتها؛ لذا يجب وقف اختطاف عباس للضفة.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية أكد، أول أمس الأحد، أن وسطاء اتصلوا به من أجل العمل على احتواء الموقف، وعدم تدهور الأمور بعد الانتهاكات التي شهدها المسجد الأقصى، لكنه أكد لهم أن ما جرى في القدس والمسجد الأقصى لن يغتفر، ورفض هنية أن يعطي تعهداً أو ضمانات لأي طرف لما يمكن أن تكون عليه الأوضاع داخل فلسطين المحتلة، بحسب طاهر النونو، المستشار الإعلامي له.

النعامي: تثوير الضفة وإشعال المقاومة فيها سيدفع “إسرائيل” لمراجعة حساباتها

تحليلات “إسرائيلية”: لم ننتصر

ورأى محللون في الصحف العبرية، الصادرة يوم 30 مايو 2022، أن الأحداث في القدس المحتلة لم تثبت وجود سيادة “إسرائيلية” في القدس، باستثناء استعراض قوة الاحتلال الأمنية إلى جانب المظاهر العنصرية للمشاركين في “مسيرة الأعلام” الاستفزازية، وأن تقديرات الجيش “الإسرائيلي” ما زالت تشير إلى أن حركة “حماس” في قطاع غزة ليست معنية بالتصعيد، حالياً.

وقال المراسل البرلماني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” عاميحاي أتالي: إن القدس ليست موحدة في الحقيقة، والوحيدون الذين يحتفلون بتوحيدها الجزئي هم الذين يعتمرون القلنسوات، أي أتباع الصهيونية الدينية والحريدية القومية، غلاة المتطرفين في اليمين الصهيوني.

وأضاف عن هؤلاء المتطرفين: دعونا نراهم يسيرون وحدهم، في يوم عادي، في مسار المظليين الذين حرروا القدس، من (مستشفى) أوغوستا فيكتوريا، مروراً بباب الأسباط وصولاً إلى جبل الهيكل (المسجد الأقصى) فلا أحد منهم كان سيجرؤ على القيام بذلك، ويكاد لا يوجد يهودي في العالم يجرؤ على ذلك، فالسير في هذا المسار مع علم “إسرائيل” هو انتحار مؤكد.

وأكد أن “مسيرة الأعلام” لا تساوي شيئاً، فبعد طي الأعلام لم يفكر أحد بأن يقوم بمسيرة مشابهة وحده، ويجب أن نتوقف عن الكذب على أنفسنا، فلا توجد سيادة في القدس في عهد نفتالي بينيت، ولم تكن هناك سيادة كهذه أيضاً لدى نتنياهو، أولمرت، شارون، وجميع أسلافهم، وبسبب قادة لم يجرؤوا على اتخاذ قرارات، القدس لم توَحّد أبداً.

وأشار المحلل العسكري في صحيفة “هاآرتس” عاموس هرئيل إلى أن الفرق بين هذه السنة والسنة الماضية قد يكون تعهد “حماس” مسبقاً، العام الماضي، بأنها ستدافع عن “الأقصى”، وهذه المرة كانت تحذيرات الحركة عامة أكثر ولم تتطرق إلى خطوات ستنفذ بشكل صريح.

وأضاف أن شعبة الاستخبارات في الجيش “الإسرائيلي” لم تغير في الأسابيع الأخيرة تقديراتها، التي بموجبها “حماس” ليست معنية بصدام عسكري مباشر في غزة في الجولة الحالية.

Exit mobile version