“واشنطن بوست”: الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها العديد من المدن الإيرانية تتويج لانهيار الاقتصاد

رأت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها العديد من المدن الإيرانية نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، تُبرز التحديات التي تُواجه السلطات الإيرانية نتيجة استمرار العقوبات الغربية وتراجع احتمالات التوصل لاتفاق نووي.

وفي عدة أماكن من إيران، سرعان ما اتخذت الاحتجاجات منحى سياسيًا، حيث ردّد الإيرانيون شعارات مناهضة للرئيس إبراهيم رئيسي والمرشد الأعلى علي خامنئي. وأكد نشطاء حقوقيون ومدونون أن حملة القمع العنيفة التي شنّتها السلطات على الاحتجاجات أسفرت حتى الآن عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل واعتقال العشرات.

وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي المتظاهرين، وهم يتدافعون إلى الشوارع، ويتعرضون لإطلاق النار والغاز المسيل للدموع من قبل قوات الأمن.

تخفيض الدعم

وارتفعت أسعار المواد الغذائية في إيران قبل أسبوعين، بعد أن خفّضت الحكومة دعمها للبيض والدجاج ومنتجات الألبان وزيت الطهي. وعزا الاقتصاديون الزيادة في سعر الخبز في وقت سابق من الشهر، إلى التعديلات الحكومية في أسعار القمح، والنقص العالمي للسلعة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأضافت الصحيفة أن الحكومة الإيرانية كانت تأمل في أن تؤدي مفاوضات إحياء الاتفاق النووي إلى إزالة أحد مصادر الصعوبات الاقتصادية المتمثّلة بالعقوبات الغربية التي أُعيد فرضها على طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة في عام 2018.

فساد الحكومة وارتفاع نسب التضخّم

ومع ذلك، تؤكد الصحيفة أن العديد من الإيرانيين يعزون سبب الصعوبات لفساد الحكومة وعدم كفاءتها في مواجهة التحديات، بما في ذلك ارتفاع نسب التضخم.

وتذكر الاضطرابات الحالية بموجات الاحتجاجات التي اندلعت في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تلك التي حصلت عام 2019، عندما اندلعت المظاهرات بسبب ارتفاع أسعار الوقود. وقالت جماعات حقوق الانسان إن المئات قُتلوا في تلك الاحتجاجات، واعتُقل الآلاف في العديد من المدن الإيرانية.

وأوضحت “واشنطن بوست” أن الاحتجاجات التي تشهدها إيران حالياً أصغر حجماً، وتركّزت في المناطق الفقيرة، بما في ذلك مقاطعة خوزستان في جنوب غرب إيران.

ومنذ أشهر، يتظاهر المعلمون للمطالبة بزيادة الأجور، وسط شكاوى من أنهم يضطرون للعمل في وظيفتين أو ثلاث وظائف من أجل تدبير أمورهم. واعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 14 مدرساً في احتجاجات جرت في مطلع مايو (ايار)، وسط تحذيرات من أن الحكومة قد تواجه رداً عنيفاً بسبب الأزمة الاقتصادية المتزايدة الخطورة.

الأمل في الاتفاق النووي

وقال سعيد ليلاز، الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي المقيم في طهران، في مقابلة هاتفية مع الصحيفة: “إن التحركات الأخيرة للحكومة الإيرانية، توجه رسالة واضحة مفادها أنها فقدت الأمل في الاتفاق النووي أو أنها لا تريد تفعيله”، في اشارة الى تخفيضات الدعم.

وأضاف: “مع هذه الإصلاحات الاقتصادية يرسلون رسالة مفادها أنهم لم يعودوا يعتمدون على الصفقة بعد الآن”.

وأشارت الصحيفة إلى أنه “حتى إذا تمت استعادة الاتفاق النووي، فمن المرجح أن تعاني إيران، مثل العديد من البلدان الأخرى، من نقص القمح العالمي”.

وقال ليلاز: “إن قضية القمح مرتبطة بقضايا الأمن الغذائي والأمن الدولي والأزمة في أوكرانيا. ومع التقديرات الحالية، يبدو أنه قد يكون شتاءً قاسياً من حيث توفير المواد الغذائية”.

عنف ضد المتظاهرين

في أحد مقاطع الفيديو، تُظهر قوات الأمن وهي تفتح النار على حشد من المتظاهرين في شهركورد، وفي مقطع فيديو آخر من ذات المدينة يمكن مشاهدة ضابط أمن يرتدي ملابس مدنية وهو يجر متظاهراً من فوق سيارة وسط أصوات طلقات نارية وصراخ.

وهتف المتظاهرون “الموت لخامنئي” و “الموت لرئيسي”، بينما تجمّعوا حول سيارة مشتعلة في بلدة أردال.

وتُظهر العديد من مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي في الأسبوعين الماضيين، التواجد المكثّف لقوات الأمن في معدات مكافحة الشغب الكاملة في العديد من المدن، بما في ذلك طهران.

وإلى جانب نشر قوات الأمن، حاولت السلطات الإيرانية أيضاً الحد من انتشار مقاطع الفيديو والمعلومات حول الاحتجاجات من خلال عرقلة الوصول لخدمة الإنترنت.

قرارات صعبة

وأشار مسؤولون إيرانيون إلى أن الحكومة ستقدم دعماً مالياً للأسر ذات الدخل المنخفض لتعويض الزيادات الأخيرة في الأسعار، لكن المسؤولين لم يستبعدوا أيضاً رفع أسعار السلع الأخرى.

وأوضح رئيسي أن الحكومة ستتخذ بعض “القرارات الصعبة” دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وقال هادي غيمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، وهي مجموعة مناصرة مقرّها نيويورك: “هذه الاحتجاجات والإحباطات ليست غير متوقّعة على الإطلاق. هذا تتويج لانهيار اقتصادي وفقدان كامل للثقة في النظام السياسي”. وأضاف: “البلد متقلّب للغاية، والناس تتوق للتغيير” بحسب موقع 24.

Exit mobile version