أبرزها العقارات.. هذه البدائل المشروعة لظاهرة “المستريح” في مصر

 

يبحث المصريون في الأيام الأخيرة عن طرق مشروعة وملاذ آمن لاستثمار أموالهم ومدخراتهم بعد وقوع أعداد كبيرة منهم مؤخراً في قبضة نصاب تلو آخر، في ظاهرة تسمى في الإعلام المحلي بمصر بـ”المستريح”، التي بدأت في الانتشار في مختلف محافظات مصر، ولا سيما في القرى في شمال مصر وجنوبها، وكان من بينهم ما عرف إعلامياً باسم “مستريح أسوان” بمحافظة أسوان جنوب البلاد و”مستريح إسكندرية” و”مستريح البحيرة” بشمال البلاد.

وبحسب مختصين تحدثوا لـ”المجتمع”، فإن هناك عدداً من البدائل الاقتصادية المشروعة للمصريين لوضع أموالهم من خلالها للعمل على إنهاء ظاهرة “المستريح”، وفي مقدمتها الاستثمار في القطاع العقاري ومجالات الخدمات والإنتاج.

الصاوي: لا بد من انفتاح القطاع الخاص على مدخرات الأفراد

أبعاد الأزمة والحل

في البداية، يقول الخبير الاقتصادي البارز د. عبدالحافظ الصاوي، في تصريحات لـ”المجتمع”: ظاهرة المستريح أو جامعي الأموال من صغار ومتوسطي المدخرين هي نتيجة طبيعية لأزمة الثقة الموجودة بين الأفراد ومؤسسات الاستثمار أو المؤسسات المالية، وكذلك ضعف الثقة بين الأفراد والمجتمع.

ويضيف أن تلك الظاهرة تأتي لتسلط الضوء على ظاهرة المدخرات غير الرسمية في مصر، التي تعادل، وفق بعض التقديرات، حجم المدخرات الرسمية التي تقدر بحوالي 6 تريليون جنيه مصري.

ويشير الصاوي إلى أن ظاهرة “المستريح” تكشف عن ضعف ثقة قطاع كبير بنشاط البورصة، ففي الوقت الذي تعاني فيه البورصة المصرية من تراجع في الشهور الماضية إن لم يكن في العامين الماضيين، يوجد تمدد لظاهرة “المستريح”؛ ما يعني أن البورصة رغم فائدتها لا تعني إلا النخبة وشريحة بسيطة في المجتمع المصري.

ويوضح الصاوي أن الظاهرة تنم عن ضعف القطاع الخاص بمصر، واقتصارها على الجانب العائلي في الاستثمار، وعدم انفتاحها على استقبال مدخرات الأفراد ليكونوا شركاء سواء عبر شركات الأسهم المغلقة أو المفتوحة، كما تدلل الظاهرة على خروج الدولة بشكل كبير من سوق الاستثمار، أو دور مروج الاستثمار، بمعنى أن تقوم الدولة بإنشاء شركات تعمل في مجالي الخدمات والإنتاج على أن تمتلك نسبة بسيطة بحصة 5% أو 10%  مع طرح النسبة الباقية لصغار المستثمرين، بحيث تجمع الدولة هذه الأموال وتوجيهها للاستثمار، كما يستفيد في الوقت نفسه الأفراد وصغار المستثمرين بشكل كبير.

ويؤكد الصاوي أن تلك الظاهرة تكشف عن رغبة البعض في مصر للتجاوب مع ثقافة الربح السريع، فكثير مَنْ ذهب لجامعي الأموال كانوا يحاولون الحصول على أرباح مبالغ فيها ويصعب تعويضها في رؤوس الأموال بهذه السرعة التي يعلن عنها من يعمل في جمع تلك الأموال، والنتيجة هي تضرر الجميع، سواء أصحاب هذه المدخرات أو أولئك الذين زعموا الاستثمار في تلك الأموال ودفع العوائد، وخسرت الدولة كذلك في توظيف تلك الأموال في مشروعات يستفيد منها المجتمع، كما خسر المجتمع من حيث هز النسيج المجتمعي وضعف الثقة؛ وهو ما يؤثر على الجادين في السوق سواء يعملون بشكل رسمي أو غير رسمي.

الطاهر: العقارات والذهب قد يكونان ملاذاً آمناً والأهم متابعة التقلبات

ملاذ آمن

من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي والكاتب الصحفي المتخصص إبراهيم الطاهر، في تصريحات لـ”المجتمع”، أن الملاذ الآمن للمصريين الآن قد يكون في الاستثمار العقاري أو الذهب، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية وارتفاع أسهم المخاطرة في باقي المسارات.

ويشير الطاهر إلى أنه لا يحبذ التوجيه المباشر لصاحب المال المصري في هذه الأوقات، وبالتالي على كل مصري يحمل مدخراته أن يقارن وقت حضور المال في الفرصة الأنسب له، التي تتغير في ظل تقلبات السوق المصرية والمؤثرات الدولية والإقليمية.

ويؤكد الباحث الاقتصادي أن أهمية التركيز على البعد الإنتاجي، حتى يساعد الجميع في إنعاش السوق المصرية وضخ أموال جديدة فيها، بدلاً من التركيز فقط على الاكتناز في مثل أوقات الأزمات، لأن في حالة الركود مع تجميد حركة الأموال سيصبح الجميع في عين الاستهداف.

ميزة كبيرة

ويرى المستثمر العقاري سيد رضوان، في حديث لـ”المجتمع”، أن الاستثمار العقاري بات صاحب ميزة في السوق المصرية، رغم ما يصيبه من ركود في بعض الفترات، فإنه بات الأقدر على صون مدخرات المصريين بشكل أكبر من أي مسار اقتصادي آخر، ومنها الذهب الذي تشهد سوقه تقلبات، أو البنوك التي باتت الودائع فيها قرين المخاطرة جراء التضخم المستمر الذي يلتهم قيمة العملة المصرية.

ويضيف رضوان أن شراء الوحدات السكنية سواء للبيع المباشر، أو لتحويلها لوحدة خاضعة للإيجار والحصول منها على عائد شهري، بات هو الخيار الأكثر ضماناً لكل من يمتلك مدخرات ويريد الحفاظ عليها.

ويوضح، رضوان أن هناك بعض الأماكن تحقق هامش ربح 100%، وبعض الأماكن تحقق هامش 10%، وبعض الأماكن تحفظ على قيمة المدفوع فقط، بحسب نوعية المنطقة، محذراً في ذات الوقت من وضع الأموال في مواقع غير مضمونة حتى لا يصيبها الضرر.

مستثمر: السوق العقارية أكثر ضماناً ولكن هذه هي المحاذير

وينصح المستثمر العقاري رضوان المصريين الراغبين في الاستثمار العقاري بأهمية اختيار المناطق قبل الشراء، ومن أهمها الأماكن المخططة مستقبلاً أو المشاريع التي فيها ضمانات وفرضية النجاح بنسبة عالية بعيداً عن المشروعات المتعثرة أو المجهولة أو المناطق العشوائية التي لا تمتلك تراخيص.

ويرجح رضوان فرص الاستثمار في المدن الجديدة التي يراها أنها “الأضمن” كونها تخضع لجهة حكومية رسمية، وهي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهو ما يجعل نسبة الضمان 100% فيها.

تحرك برلماني

برلمانياً، قدم عدد من النواب طلبات إحاطة وأسئلة برلمانية إلى الحكومة، ضد تلك الظاهرة، وفق رصد مراسل “المجتمع”، ومن المقرر مناقشة القضية تحت قبة البرلمان.

وتقدم أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب النائب هشام حسين بسؤال لرئيس مجلس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي، بشأن دور الحكومة في مواجهة تلك الظاهرة.

وحذرت عضو مجلس النواب هناء أنيس رزق الله من تداعيات تفاقم تلك الظاهرة في مصر في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وعدم وجود رؤية من أصحاب الأموال لاستثمار أموالهم أو الخوف من المجازفة بإقامة مشاريع خاصة بهم يقومون بإدارتها بأنفسهم قد يفشلون فيها.

وطالبت النائبة المواطنين بالاتجاه إلى قنوات الاستثمار الشرعية والمعروفة في الدولة ومنها القطاع العقاري وفق طلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء. 

Exit mobile version