اعتبر خط سكك حديد لربط دول مجلس التعاون الخليجي مع بعضها حلما منذ عام 2008، لكن بداياتٍ محفوفة بالتحديات أعاقت تحقيقه إلى الآن.
ويشير تحليل لموقع “Railway Technology” المتخصص بأخبار وسائل النقل، إلى أن إنهاء العمل في المشروع، الذي وكلته دول مجلس التعاون الخليجي لهيئة السكك الحديدية التابعة له، في قرار أقرته في ديسمبر عام 2021، سيجلب منافع عديدة لأعضائه، البحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات، الذين وصفهم بأنهم “متصلون مع العالم لكنهم منقسمون في قوامهم الأساسي”.
ويقول الموقع إنه رغم أن مشروع السكك الحديدية الخليجي شهد زخما سياسيا كبيرا في الآونة الأخيرة، ورغم أن الاتفاق ينص على مشاركة المسؤولية بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، إلا أن قدرة كل عضو على إتمام دوره من المشروع تتفاوت بشكل كبير.
ما فائدة المشروع؟
تخطط دول مجلس التعاون الخليجي لمد خط شكك بطول ألفي كلم من سواحل الخليج الكويتية وحتى عُمان، بسكك فرعية تصل السعودية.
ورغم أن المشروع الذي تصل كلفته إلى 200 مليار دولار يبدو وكأنه وحي من الخيال أو “فيلا أبيض”، على حد تعبير الموقع، إلا أن الفوائد الاقتصادية التي قد تعود على الدول الأعضاء تبدو منطقية بل وأثبتت عوائدها تاريخيا.
فقد شهد أواخر القرن التاسع عشر، إنشاء مشروعين مشابهين لما تود دول الخليج إتمامه، وهما خط السكك الحديدية الأميركي والهندي.
ويضيف التحليل أن رغم المصاعب والتحديات الجغرافية والمالية التي شهدها المشروعان، إلا أن العوائد الاقتصادية كانت تستحق ذلك كله.
وفي بحث قدمه الخبير الاقتصادي، ديف دونالدسون بعنوان “Microeconomic Insights”، قال إن هذين المشروعين قللا من كلفة التجارة ورفعا معدل البضائع المشحونة وجلبا عوائد اقتصادية أعظم من كلفة إنشائهما.
وهذه العوائد التي تأمل دول مجلس التعاون الخليجي تحقيقها، على أمل خلق اتحاد جمركي وسوق مشتركة عبر أعضائه.
كما أن السياحة، التي تركز عليها كل من السعودية والإمارات في خططهما الاقتصادية، ستنمو إلى حد كبير بهذا المشروع.
ويشير التحليل إلى أن سكك الحديد بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي سترفع من التعاون السياسي، فوسط التوتر الذي شهدته دول الخليج مع قطر، شابه جدل حول الحدود مع الدولة الخليجية الصغيرة، إلا أن الأخيرة أعلنت مؤخرا أنها تعمل على إتمام الجزء الخاص بها من مشروع السكك الحديدية، “على أمل أن تساعد سهولة الحركة للناس بين دول الخليج على تقارب سياسي أكبر وتخفيف التوترات”.
تفاوت في إتمام المشروع
ورغم أن بعض الدول تمكنت من البدء في بناء الجزء الخاص بها من مشروع السكك الحديدية، على أمل إتمامه بحلول عام 2025، مثل السعودية والإمارات، إلا أن دولا أخرى في مجلس التعاون الخليجي قد لا تملك ميزانية فائضة لتأسيس مشروع بنية تحتية ضخم كهذا، وفقا لما ذكره الموضع.
ففي ديسمبر عام 2021، كشفت الإمارات عن مشروع سككها الحديدية بكلفة تبلغ 13 مليار دولار، والذي يتوقع أن يعود على الاقتصاد المحلي بحوالي 55 مليار دولار. وتأمل الدولة في مشروع “سكك الاتحاد” الداخلي بربط 11 مدينة، بدأ من السلع في أبوظبي وصولا إلي الفجيرة بحلول عام 2030.
كما أعلنت السعودية في عام 2021 أنها ستستثمر 150 مليار دولار في تأسيس بنية تحتية للسكك الحديدية، وكانت المملكة قد أتمت عدة مشاريع في الأعوام الأخيرة، منها خط يربط بين مدينتي مكة والمدينة الذي افتتح عام 2018، لتسهيل تنقل الحجاج.
أما أكبر مشاريع المملكة فيتمثل بـ “الجسر البري” الممتد على مسافة 1300 كلم، الذي يربط بين ساحل المملكة المطل على البحر الأحمر وبين دول الخليج الأخرى، ومن المتوقع أن يبدأ العمل به في عام 2022، وأن يتم إنشاؤه في عام 2026.
أما بالنسبة لقطر، فمن المتوقع أن تلجأ الدولة الخليجية الصغيرة إلى الشراكات بين القطاعين الخاص والعام لإتمام جزئها من مشروع السكك الحديدية، وفقا للموقع.
أما في البحرين، فيظل مشروع “جسر الملك حمد” مجرد مقترح، وذكر الموقع عن مصادر أن الدراسات السابقة التي قدمها القطاع الخاص، لم تلق موافقة الحكومة البحرينية.
وفي عُمان، أوقفت السلطة مشروعا دعمه القطاع الخاص لربط سكك حديدية بدولة الإمارات عام 2016، بسبب التحديات الاقتصادية، وفقا للموقع.
وبالنسبة للكويت يقول الموقع إنها “استغرقت أكثر من عقد بمحاولة تطوير جملة متنوعة من مشاريع البنى التحتية بالشراكة مع القطاع الخاص، لكن معظمها لم يتحقق بعد”.
تحديات أخرى
ويشير الموقع إلى أن المشروع قد يشهد عوائق إضافية، من بينها مشاكل تقنية بسبب صعوبة التضاريس والأوضاع المناخية في المنطقة، حيث يمكن أن تتلف عجلات القطارات بمعدل يفوق الدول الأخرى بعشر مرات، كما أن الخطوط ذاتها مهددة بسبب العواصف الرملية.
ويرجح التحليل أن تشرف شركات دولية خاصة على إتمام المشاريع والتعهد بصيانتها حتى بعد الانتهاء منها، كما أن ربط هذه السكك بين المدن، وذكر أن مشروع “المترو” الذي يتم إنشاؤه بين الرياض والدوحة، سيعد مثالا قد تتعلم منه المدن الأخرى.
ورغم أن التحليل قدّر أن يتم إنهاء مشاريع الإمارات والسعودية، إلا أنه استبعد أن يتمكن المسافرون من العبور في دول الخليج بأسرها في وقت قريب بحسب الحرة..