د. محمد حكمت وليد: السوريون ليسوا ناقمين على الثورة بل على النظام الذي ألحق بهم هذه الهزائم

 

أكد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية د. محمد حكمت وليد أن وحدة البلاد تتحقق بزوال نظام الطاغية بشار الأسد المجرم، وإيران، مضيفاً أن الشعب السوري ينقم على هذا النظام الفاشي الذي أحال سورية التي كانت حاضرة العالم إلى دولة فاشلة محتلة؛ مشدداً على أن إدانة الضابط رسلان يدين المجرم الأسد ونظامه، وسيُحاسب أمام الجنائية الدولية قريباً.

وأشار د. وليد، في حواره مع «المجتمع»، إلى أن هناك دولاً عربية تقر الأسد على جرائمه بتطبيع العلاقات معه، وتختصر سورية في شخص هذا المجرم، كما أن إيران دولة ذات مشروع مذهبي طائفي يحمل أحقاداً تاريخية، وقد تدخلت منذ اليوم الأول للثورة السورية ووقفت مع نظام الأسد ضد تحرر شعبنا.

ما ذكرياتكم مع الشرارة الأولى للثورة السورية؟

– كان الكل يعيش حلم الحرية وتغيير الواقع الاستبدادي الذي آلت إليه الأمور في معظم البلاد العربية والإسلامية، وارتفعت الآمال الكبار عندما بدأ الطغاة يتهاوون أمام ضربات شعوبهم في تونس ومصر.

وقامت الثورة السورية ليس بفعل فاعل أو تخطيط مخطط، لكنها كانت مخزوناً من الغضب المتراكم الذي انفجر في وجه الطاغية وغيّر وجه سورية إلى غير رجعة.

كنا نراقب تظاهرات الشعب السوري يوماً بعد يوم وجمعة بعد جمعة، وهي تتسع وتنتقل بين مدن وبلدات وقرى سورية، ويزداد عدد المتظاهرين شيئاً فشيئاً، حتى باتت الساحات الرئيسة في بعض المدن تستقطب مئات الآلاف إن لم نقل الملايين من أبناء شعبنا، وكنا نشفق على شعبنا من أي حسابات خاطئة يقع فيها؛ فالنظام ليس نظاماً مستبداً عادياً، ولكنه نظام إبادة بشرية منفلتةٍ من أي عقال.

هل يمكن أن تعود سورية موحدة بعد سنوات الحرب والدمار والقتل والتهجير على يد الأسد وعصابته؟

– كانت سورية موحدة، ويجب أن تبقى موحدة، ولا يمكن لهذه الوحدة أن تقوم ثانية مع ارتفاع جدران الدم وتهدم جدران الثقة، إلا بزوال هذا النظام المجرم، وزوال الاحتلال المتعدد الذي جلبه هذا النظام.

والشعب السوري قادر، بإذن الله تعالى، بما يملك من مقومات حضارية أن يتوحد على المشترك الوطني ويقوم ببناء الوطن الواحد القائم على مبادئ الحرية والعدالة.

هل الشعب السوري أصبح ناقماً على الثورة، أم محتفياً بها؟

– لا يمكن للشعب السوري أن ينقم على ثورة أحيت آماله بالحرية والكرامة، لكنه ينقم على هذا النظام الفاجر الذي ألحق به كل هذه المآسي والجراح، وأذاق السوريين الويلات، واستجلب عليهم الاحتلالات، وأحال سورية حاضرة العالم، إلى دولة فاشلة في ذيل البلدان، وفق جميع المؤشرات الإنسانية والسياسية والاقتصادية والحقوقية.

أما جماعة “كنا عايشين”، الذين استمرؤوا حياة الذل والعبودية، فهم لا يمثلون شعب سورية الحقيقي، والمشكلة الأكبر هي أن تستمرئ هذه الحياة ولا تشعر بوجود المشكلة.

بعد الحكم على أحد ضباط نظام الأسد في ألمانيا، ونظر قضايا مماثلة في بلدان أخرى، هل تعد هذه فرصة لكم لإسقاطه؟

– إن الحكم على اللواء أنور رسلان أمام محكمة «كوبلنز» الألمانية، بالسجن المؤبد لارتكابه جرائم ضد الإنسانية في الفرع «251- إدارة المخابرات العامة» التابع له، لا يدين هذا المجرم فقط، وإنما يدين النظام الأسدي برمته، ومهما تأخر عقاب الأسد، فإن الوثائق التي تدينه وتدين نظامه منذ عهد أبيه تتراكم، ويوم محاسبته أمام محكمة الجرائم الدولية قادم لا محالة.

ما تقييمكم للدور التركي في سورية؟ وكيف يرى الشعب السوري هذا الدور؟

– كانت تركيا وما زالت الرئة التي تتنفس بها الثورة السورية، وهي دولة جارة وصديقة تجمعنا بها جغرافيا طويلة وتاريخ مشترك، وبالتأكيد كان لها دور إيجابي واهتمام كبير فيما أصاب السوريين، وتحملت أعباء وضغوطات كبيرة لمساعدة شعبنا.   

فقد قدّمت تركيا للشعب السوري الكثير من المساعدة ووقفت بجانبه في أوقات صعبة ومؤلمة، حيث فتحت حدودها لاستقبال السوريين الذين فروا من إجرام النظام ونجوا من الموت، وفتحت لهم مستشفياتها ومدارسها وقدمت الكثير من المساعدات لهم، وأيضاً داخل الأراضي المحررة، حيث أقامت الكثير من مخيمات الإيواء والمستشفيات الميدانية وإنشاء مناطق آمنة، وأوقفت تقدم النظام والمليشيات الإيرانية ومنعتهم من قتل وتهجير ملايين السوريين.

هل ترى أن الدول العربية ساندت ثورتكم أو قدمت لها أي دعم؟

– هذا السؤال بحاجة لشيء من التفصيل، فخلال السنوات الأولى من عمر الثورة، كان الموقف العربي إيجابياً بشكل عام، وإن كان دون طموح قوى الثورة والمعارضة؛ حيث قدّمت كثير من الدول العربية الدعم والمساندة، سواء في الجانب الميداني أو الإغاثي أو السياسي، بإعلان رفض ممارسات نظام الأسد وإجرامه، والدعوة إلى مقاطعته، وسحب الاعتراف به.

ولم يشذ عن هذا الموقف سوى دول قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة، خاصة تلك الدول التي تدور في الفلك الإيراني، أو الخاضعة لتأثيره بقوة السلاح والمليشيات، حيث خرجت بذلك عن الإجماع العربي، وآثرت الوقوف إلى جانب الجلاد الطاغية، والتنكر لكل الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية.

لكن في الآونة الأخيرة، لاحظنا أن هناك بعض الدول بدأت بالانفتاح والتطبيع مع نظام الإجرام والقتل، تحت دعاوى شتى، لعل أشدها زيفاً وتلبيساً ما يصفونه “عودة سورية إلى الحضن العربي”، فهم يختصرون سورية الحضارة والتاريخ بشخص طاغية مجرم هو بشار الأسد.

وهنا لا يسعنا إلا أن نذكر أن أي عملية تطبيع وانفتاح مع نظام الأسد، هي بمثابة إقرار وموافقة على كل ما فعله ويفعله في سورية، إضافة إلى أنه سقوط أخلاقي لا يمكن تبريره تحت أي مبررات وحجج واهية.

وهذه فرصة لنوجه التحية والشكر والتقدير للدول العربية وغير العربية، التي ما زالت ثابتة على مواقفها النبيلة.

وكيف ترى دور جامعة الدول العربية؟

– دور الجامعة العربية، باستثناء الموقف المشرف بسحب العضوية التمثيلية للنظام، كان دون سقف الطموحات والتوقعات.

ما تقييمكم لموقف الأمم المتحدة من الأزمة السورية وانتهاكات الأسد وجرائمه ضد شعبه؟

– موقف الأمم المتحدة أقل ما يمكن وصفه بأنه «متخاذل»، فالأمم المتحدة تحت ذريعة «الفيتو» الروسي الصيني لم تستطع التحرك لمنع المذبحة الجارية في سورية، ولم تقدّم لنا سوى نوبات «القلق» التي يتحفنا بها المسؤولون الأمميون بين الفينة والأخرى.

الأمم المتحدة لم تقدّم للشعب السوري سوى القرارات والمناشدات، وحتى القرارات التي خرجت كانت على استحياء ودون المستوى المطلوب، لم تستطع إلزام نظام الأسد بتنفيذها، كما أنها لم تكن واقعية، وبعيدة عن الأساس الذي من المفترض أن تقوم عليه، وهو الانتقال السياسي، وهو ما منح نظام الأسد فرصة التملص وإطالة أمد معاناة الشعب السوري.

وما بين دي ميستورا ومشروعه “السلال الأربع”، إلى “غير بيدرسن” وخطة “خطوة بخطوة”، ضاعت حقوق السوريين، واستمر شلال الدم النازف، ومعاناة المعتقلين في سجون الأسد، والمهجرين والنازحين..

كيف ترون الوجود الإيراني ودوره في إجهاض الثورة السورية بعد مرور عقد من الزمن على اندلاعها؟

– إيران دولة ذات مشروع مذهبي طائفي يحمل أحقاداً تاريخية، وقد تدخلت منذ اليوم الأول للثورة السورية، ووقفت مع نظام الأسد ضد شعبنا وساندته؛ بل وقادت عمليات القتل والترويع للمتظاهرين واستجلبت مليشياتها الطائفية واستخدمتها في عمليات القمع والتدمير والتهجير والتغيير الديموغرافي لكثير من المدن السورية.

أما إذا أردنا الحديث عن مستقبل إيران في سورية فحالها حال أي دولة محتلة مجرمة سيعمل الشعب السوري على إخراجها ومليشياتها من سورية.

وكيف يرى الشعب السوري الوجود الروسي في بلادهم؟

– بالتأكيد روسيا وبسبب تدخلها لقمع الثورة وتثبيت نظام الأسد في مكانه، بعد أن أوشك على السقوط، واستحواذها على معظم مقدرات سورية الاقتصادية، يراها الشعب السوري دولة محتلة ارتكبت آلاف الجرائم بحق المدنيين وقصف المستشفيات والمدارس والمخابز ولم تسلم منها حتى مخيمات النزوح، وهي التي جربت أسلحتها الخبيثة في قتل الشعب السوري الأعزل.

هل هناك رؤية في المنظور القريب أو البعيد للتخلص من الوجود الروسي في سورية؟

– نحن نعتقد أن نظام أسد هو من استجلب الاحتلالين الروسي والإيراني للاستقواء بهم على شعبنا ليبقى في الحكم، وجودهم في سورية غير شرعي، كما أن نظام الأسد فاقد للشرعية أساساً، وبالتالي سيبقى الشعب السوري متمسكاً بحقه في الدفاع عن وطنه وطرد الاحتلالين الروسي والإيراني وكل من يساندهم من مليشيات وعصابات إجرامية.

البعض يرى أن الحل السياسي ممكن في سورية، لكنه يتطلب قوة عسكرية على الأرض تفرض حلاً متوازناً من قبل الثوار، ما رأيكم؟

– معظم التصريحات الدولية تجاه الوضع في سورية تشدد على أن الحل في سورية لن يكون إلا سياسياً، ونحن نطمح إلى حل سياسي، وهذا الكلام تقوله وتؤكده حتى الأطراف التي لها قوى عسكرية ضخمة على الأرض السورية، وبالتالي فإن وجود قوة عسكرية ثورية على الأرض أمر مطلوب، ولا ينافي أبداً سعي قوى الثورة والمعارضة إلى حل سياسي يجنب سورية المزيد من الفوضى وإراقة الدماء.

Exit mobile version