هيئة الرئيس التونسي للانتخابات.. هل هي الأداة الأسلم لاحتكار السلطة؟

 

لم يكد الرئيس التونسي قيس سعيّد يعلن عن الفريق الرئاسي لهيئة الانتخابات الجديدة التي تضم أسماء أطنب بعضها في تمجيد سعيّد حتى توالت ردود الفعل، مؤكدة أن الهيئة هي هيئة الرئيس، وأنها الأداة الأسلم لاحتكار السلطة بعد الفشل في إدارة البلاد على مدى الشهور العشرة الماضية، التي قال عنها المحامي والسياسي سمير ديلو: إنها “العشرية السوداء الحقيقية” وليس ما قبلها، وأن ما قام به سعيّد وما سيقوم به بما في ذلك الدستور الذي يعده للاستفتاء يوم 25 يوليو القادم سيذهب معه عندما يغادر السلطة.

في حين رحبت بعض الأحزاب التي تصنف في تونس على أنها “أحزاب صفر فاصل نسبة لوزنها في الانتخابات” بالهيئة الجديدة وفق مرسوم رئاسي التي تضم فاروق بوعسكر، عضو هيئة عليا مستقلة سابقة للانتخابات؛ رئيساً، وسامي بن سلامة، عضو هيئة عليا مستقلة سابقة للانتخابات، وهو من الأشخاص الذين يكنون، وفق مراقبين وبناء على تصريحات له، عداء واضحاً لبعض الأحزاب في مقدمتها حركة النهضة، ومحمد التليلي منصري، عضو هيئة عليا مستقلة سابقة للانتخابات، وهو محسوب على “الحزب الحر الدستوري” الموالي للنظام الذي سبق الثورة، ويصفه محللون وسياسيون في تونس بـ”الحزب الفاشي”.

إلى جانب أسماء أخرى وهي الحبيب الربعي، قاض عدلي، وماهر الجديدي، قاض إداري، ومحمود الواعر، قاض مالي، ومحمد نوفل الفريخة، مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية، وجميعها أسماء تثير الجدل في الساحة التونسية فيما يتعلق بالذمة والانتماءات السياسية.

احتكار السلطة

وفي تعليق له على الإعلان عن التركيبة الجديدة لهيئة الانتخابات، مساء الإثنين الماضي، وفي ساعة متأخرة كعادة الرئيس التونسي منذ 25 يوليو الماضي في اتخاذ القرارات في ساعات متأخرة، حذّر الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي من أن تصبح هذه الهيئة جهازًا مكلّفاً بتزوير الانتخابات وبقاء رئيس الدولة قيس سعيد بالسلطة.

وكتب الشواشي، على صفحته بـ”فيسبوك”: بمقتضى أمر رئاسي مخالف للدستور، سمى اليوم الحاكم بأمره أعضاء الهيئة العليا (المستقلة) للانتخابات، وهي في الحقيقة هيئة غير مستقلة عن سلطة الرئيس وموالية له؛ وبالتالي لن تضمن الحد الأدنى من النزاهة والديمقراطية والشفافية والمصداقية لأي انتخابات أو استفتاء قد تشرف عليها في الفترة القادمة، وربما ستصبح الجهاز المكلف في “الجمهورية الجديدة” بتزوير الانتخابات لضمان بقاء “الزعيم القائد” في احتكار السلطة والنفوذ المطلق مدى الحياة.

فاقدة للشرعية

وزير الصحة الأسبق عبداللطيف المكي أكد، من جهته، أن المعركة اليوم هي ضد سعيد ومشروعه الذي وصفه بـ”التدميري”، وضد من أخطأ في حق البلاد والديمقراطية قبل 25 يوليو.

وأشار المكي، في منشور على صفحته الرسمية بـ”فيسبوك”، إلى أن المعركة اليوم هي معركة تثبيت الديمقراطية وتنقيتها من كل الشوائب حتى تكون نظيفة وقوية وجامعة ومثمرة، وقال المكي: “لن ننهزم في هذه المعركة أبداً”.

واعتبر حاتم بلحاج، المعلّق بإذاعة “إي أف أم” الخاصة، أن تركيبة الهيئة العليا (المستقلة) للانتخابات مثيرة للشك، وأن التشكيك في نتائج الانتخابات سيبقى قائماً باعتبار أن أعضاء الهيئة تم تعيينهم بصفة مباشرة، بغض النظر عن حيادهم واستقلاليتهم إن وجدت.

فيما قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، أمس: إن رئيس الجمهورية له الحرية في تغيير تركيبة هيئة الانتخابات، لكنه سيتحمل تبعات ومسؤولية الخطوات التي يقوم بها.

تهديد في قالب تحذير

وخوفاً من ردود الفعل الداخلية والخارجية على تغيير تركيبة هيئة الانتخابات التي كانت توصف بالمستقلة قبل تغييرها، نشر شقيق الرئيس التونسي نوفل سعيّد تحذيراً وصف بالتهديد وباللغة الإنجليزية، مفاده أن اتخاذ خطوات ضد الرئيس سعيّد رداً على الخروقات الجسيمة للدستور كما يراها المعارضون والمراقبون في الخارج، من شأنه أن يعرض استقرار البلاد إلى الخطر، وأن يفتح الأبواب أمام جحافل الإرهابيين والمهاجرين غير الشرعيين.

وقد وُصفت تهديد شقيق الرئيس بأنها مبالغ فيها في وسائل التواصل الاجتماعي، في حين اعتبرها أنصار سعيّد تعبيراً عن وجهة نظر شخصية بصفته مواطناً تونسياً لكنها في كل الحالات محاولة لاستباق ردود الفعل التي سيكون لها ما بعدها، وهذا لا ينفيه الجميع.

Exit mobile version