د.عماد الحوت: لدينا مشروع كامل لإنقاذ لبنان بمشاركة جميع المكونات

 

هو قطب سياسي كبير في لبنان، له مكانه ومكانته، تمرس بجدارة في العمل البرلماني والسياسي تحت راية الجماعة الإسلامية المحسوبة على مدرسة الإخوان المسلمين، وصاحب حضور لافت ورؤية حاضرة في العمل العام، كما أن له حضوره الأكاديمي والطبي كجراح عظام وأكاديمي، أشرف على العديد من أطروحات التخرج في الجامعة اللبنانية، وهو عضو الجمعية الفرنسية لجراحة العظام.

إنه رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية ومرشح كتلة الإصلاح والتنمية عن المقعد السُّني في دائرة بيروت الثانية د. عماد الحوت، الذي فتح قلبه في حوار خاص لـ«المجتمع»، أكد فيه أن الانتخابات التي ينتظرها اللبنانيون في 15 مايو الجاري ستكون فرصة لاستكمال الحوار والتوازنات السياسية، مشدداً على أنهم ليسوا ورثة أو بدلاء لأحد، وأن الجماعة الإسلامية تستهدف إنشاء مشروع جامع للسُّنة ورعاية حوار موسع على قاعدة بناء الدولة الراعية للجميع.

وكشف الحوت في الحوار عن إدراك الجماعة الإسلامية لمشروع الاستهداف للواقع اللبناني والجماعة الإسلامية، مؤكداً أهمية تحدي التبعية والأزمة الاقتصادية وتأكيد العداء للكيان الصهيوني، والتصدي لأي محاولة وصاية أو انفراد بالقرار سواء بقوة المال أم السلاح.

تراجُع تيار المستقبل عن خوض الانتخابات ترك فراغاً كبيراً وجعل الناخب السُّني في حيرة

جميع الرموز السُّنية لن تخوض الانتخابات المقبلة كالحريري والسنيورة وميقاتي، فهل تجدون أنفسكم بديلاً لأحد في المكون السُّني؟

– نحن في كتلة الإصلاح والتنمية لا نقدم أنفسنا بديلاً أو وريثاً لأحد، نحن نطرح أنفسنا لنأخذ مساحتنا الطبيعية التي يحددها الناس ببرنامجنا وأطروحتنا ورؤيتنا في الساحة اللبنانية، ولنكون جزءاً أساسياً من قيادة شريحتنا، وجزءاً أساسياً في اتخاذ القرار.

وينصفنا أن نكون مختارين على أساس برنامجنا وأفكارنا وما نقدمه للناس وليس بديلاً لأحد.

مع تراجع تيار المستقبل صاحب الرمزية في المكون السُّني وضعف الدعم السعودي، ألا يدعو ذلك إلى إيجاد مكون سُني له قيادة ذات ثقل جماهيري ولديها أفكار لتملأ هذا الفراغ؟

– بلا شك أن عزوف الرئيس الحريري عن العمل السياسي وتراجع تيار المستقبل عن خوض الانتخابات ترك حجماً من الفراغ ليس بقليل، وترك الناخب السُّني في حيرة؛ لأن تيار المستقبل لديه قاعدة كبيرة وهذه حقيقة، ولذلك فالناخب السُّني الآن متردد في أن يشارك في الانتخابات أو لا، لذلك نحن نقول بوضوح: إننا أمام 3 تحديات رئيسة الآن، هي: تحدي نتائج سنوات طويلة من الهدر والفساد وسوء الإدارة؛ ما فرض واقعاً اقتصادياً صعباً، وتحدي تحويل لبنان إلى صندوق بريد في إطار الصراع الإقليمي الدولي، ووضع اليد على القرار السياسي اللبناني، وتحدي استهداف منظومة القيم في المجتمع اللبناني.

ولذلك، فنحن بحاجة إلى جميع الطاقات، والجماعة الإسلامية تقدم نفسها على أنها مجمع للطاقات، وليس من الحكمة أن يأتي فريق ويقول: أنا سأقود، والجميع يمشي خلفي، والحكمة تقتضي أن يكون الجميع معنياً بالأمر، وينبغي له أن يتفهم دوره في مواجهة تلك التحديات، والأفضلية لمن يقدم الأفضل.

إذن، ألا يدعو ذلك الطرح أن يكون المكون السُّني تحت مظلة واحدة في المستقبل؟

نجتهد على ذلك، وكنا قد بدأنا هذا المسار مع مفتي الجمهورية ورؤساء الحكومات، ولكنه (المسار) أُربك في الشهر الأخير الذي كان فيه عزوف من مختلف رؤساء الحكومات، لكننا فعلاً بحاجة إلى إنشاء مجلس استشاري جامع يضم مختلف المكونات السُّنية الرئيسة التي لها حضور، ويكون لها تفكير جماعي لا فردي، لنتعامل مع الاستحقاقات بالشكل المناسب.

لسنا بديلاً أو وريثاً لأحد وندعم الشراكة ونرفض الوصاية

هذه التوجه، إذن، هل يخلق صراعاً مع المكونات الأخرى كالدروز والشيعة وغيرهما؟

– هذا الأمر يتوقف على توجه المجلس المقترح وهدفه؛ فإن كان هدفه تكوين خنادق وفجوات بين اللبنانيين وعزل طائفة عن باقي البلد؛ فهذا من شأنه خلق الصراع والحساسية، لكن إذا كان الهدف الآن هو إيجاد شكل من التوازن يتيح حواراً حقيقياً بين مكونات الوطن للانطلاق نحو بناء دولة المواطنة والحريات فهذا لا يصب في مساحة الحساسيات التي تقصدها.

إن طرحنا يستهدف كذلك جذب أصدقاء من مختلف المكونات لهذا المجلس المقترح لتحقيق أحلام جامعة للشعب اللبناني.

ألا ترى أن هذا الحلم بعيد المنال قليلاً في ظل الوضع الاستثنائي اللبناني؟

– قد يكون صعباً فعلاً، لكننا اتخذنا قراراً ببناء دولة راعية للجميع، وهذا خيارنا ونسعى إليه؛ لأن البديل هو استمرار فريق بقوة المال والسلاح، وإدخال البلاد في أتون الحرب الأهلية والمواجهة، وبالتالي يجب أن يعلي الجميع التوازنات القائمة، وألا يغيب المكون السُّني عن دائرة التأثير والجمع حول طرح بناء الدولة الراعية للجميع.

ننتقل إلى الأزمة الاقتصادية التي وصلت إلى لقمة العيش وإعلان الإفلاس في ظل وجود نسبة فساد في النخب السياسية، هل تمتلكون مشروعاً اقتصادياً للإنقاذ؟

– نعم نمتلك مشروعاً متكاملاً، ومنذ العام 2017م أطلقنا مشروع «وطن»، وهو مشروع متكامل لإنقاذ لبنان، وفيه كل المحاور المطلوبة، وقمنا بتطوير المشروع على مدار السنوات الماضية، ونحن في الاستحقاق الحالي نقدم مشروعنا هذا الذي يقوم على بناء دولة المواطنة، وإلغاء الطائفية السياسية، وتطوير الإدارة، وإيجاد نقلة من الاقتصاد الريعي القائم ضمن ما يقوم على المصارف والسياحة والتحويلات الخارجية إلى اقتصاد إنتاجي قائم على الصناعة والزراعة وغير ذلك حتى ننشئ اقتصاداً حقيقياً وليس وهمياً.

 كما أطلقنا محور مجتمع القيم نصرة للأسرة وتماسكها في ظل المحاولات المستمرة لاستهدافها مع محور إعلاء السيادة الوطنية وتحييد المواقف اللبنانية بعيداً عن التبعية للصراعات الدولية والإقليمية، بجانب التأكيد على العداء مع الكيان الصهيوني، وإنشاء منظومة دفاعية تمتلكها الدولة، وتأكيد دور المكون السُّني في المشهد اللبناني، وتأمين عناصر الصمود للمواطنين في انتظار حل الأزمة الاقتصادية.

مشروعنا يقوم على بناء دولة المواطنة وإلغاء الطائفية السياسية وإيجاد نقلة من الاقتصاد الريعي

نريد المزيد من التفاصيل والمعلومات عن مشروعكم في معالجة الوضع الاقتصادي الحالي.

– هنالك مساران للتعامل مع الأزمة الاقتصادية:

الأول: مسار قصير المدى مرتبط بتأمين مقومات الصمود للمواطن اللبناني، ويشمل: تصحيح تدريجي للرواتب، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي (الصحة والغذاء والدواء والنقل العام)، وضبط التلاعب بالدولار ومراقبة الأسعار.

الثاني: مسار متوسط المدى؛ ويشمل: تعزيز الاقتصاد الإنتاجي على مستوى الصناعة والزراعة واقتصاد المعرفة، وتشريعات تعزز الشفافية المالية لتشجيع المستثمرين والمغتربين، ضمان حسن التعامل مع ملف استخراج النفط والغاز، ويشمل أيضاً إعادة النظر في دور المصارف لتمويل الاقتصاد الإنتاجي وقروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة وليس إعطاء ديون للدولة.

ومن معالم هذا المسار أيضاً استعادة ما يمكن من الأموال المنهوبة من خلال تطبيق قانون الإثراء غير المشروع، وإقرار تشريعات تحمي ودائع المودعين وتؤمّن سدادها التدريجي، بالإضافة إلى هيكلة القطاع العام وترشيده وتسريح الموظفين الوهميين، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في العديد من المجالات.

سياسياً في الوطن العربي، هناك شيطنة للإخوان المسلمين عند الاقتراب من البرلمان والنقابات والأحزاب، هل ترون أن محاولتكم في الجماعة الإسلامية للقفز برؤية واضحة للأمام يؤثر عليكم ويضعكم رهن الشيطنة الدائرة للإسلاميين في المنطقة وفق ما يرى بعض المراقبين؟

– دعونا نؤكد أن الإخوان المسلمين مدرسة وليس تنظيماً، وبالتالي فالخصوصية المحلية لها دورها، ولا شك أننا تأثرنا بمدرسة الإخوان لكننا صنعنا رؤيتنا نحن بأنفسنا.

وعلى ذلك، فالجماعة الإسلامية في لبنان مكون محلي بالكامل، معنية بالساحة اللبنانية التي تحيا فيها، وقادرة على التأثير في محيطها، وليس لديها بشكل معلن أو سري أي توجه للتفرد بالقرار مع قناعتنا بأهمية الشراكة الوطنية، وأن البُعد العربي بُعد أساسي للبلد، وهو ما يجعلنا في نهاية المطاف نمتلك قاعدة لتخفيف الاستهداف وصولاً إلى صناعة أرضية للحوار قد يصل لنتائج أو لا يصل.

ولكن، ألا تدركون في الجماعة الإسلامية موقعكم في مشروع الشيطنة الجاري؟

– نعلم طبعاً أن شيطنة الحركة السياسية الإسلامية يقف خلفها مشروع ممول، ولكن مستوى الشيطنة يختلف من بلد إلى آخر، ونحن مدركون لذلك، وعملنا في الفترات الأخيرة على فتح جميع خطوط التواصل لتخفيف ذلك الاستهداف وتلك الشيطنة.

بعد كل هذا يظل السؤال مطروحاً: هل ستقام الانتخابات في موعدها 15 مايو الجاري؟

– كل شيء وارد في لبنان، ونحن مستعدون لكل الخيارات، لكن حتى هذه اللحظة لا تزال حظوظ إجراء الانتخابات أكبر بكثير من عدم إجرائها لاعتبارات متعددة داخلية وخارجية.

هل يتوقع أن تكون هناك تدخلات خارجية في الانتخابات؟

– المؤشرات المتوفرة حتى الآن تؤشر إلى غياب التدخلات المؤثرة على مسار الانتخابات أو نتائجها؛ فمختلف الجهات الخارجية تفضل أن تتعامل مع نتائج الانتخابات دون الغرق في تفاصيلها.

 أعده للنشر: حسن القباني

Exit mobile version