العراق: الجفاف يضرب الشمال والجنوب… ووزير سابق يحذّر من تأثيره على دجلة والفرات

دخلت السفارة البريطانية العاملة في العراق، على خط التحذّيرات المتكررة من خطورة تأثر العراق بأزمة التغيير المناخي، والذي أفقده واحدة من أهم البحيرات في وسط البلاد، جراء تعرضها للجفاف. وفيما نبّه وزير عراقي سابق لاحتمالية جفاف نهري دجلة والفرات، بدأت الحكومة الكردية في إقليم كردستان العراق (شمالاً)، بالبحث عن تدابير تسهم في التقليل من تأثيرات نقص المياه على القطاع الزراعي.

لندن تحذّر بغداد من خطورة أزمة المناخ

السفارة البريطانية ذكرت في بيان صحافي، أمس، أن «جفاف بحيرة ساوة (في محافظة المثنّى) يظهر مدى خطورة أزمة المناخ في العراق»، معربة في الوقت عيّنه عن دعم «المملكة المتحدة بالكامل عزم رئيس الجمهورية برهم صالح على معالجة الأزمة».
وأضافت: «نحن ملتزمون بمساعدة العراق على تنفيذ التعهدات الطموحة التي قطعها في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي».
ويأتي ذلك في وقتٍ قال فيه وزير الداخلية العراقي الأسبق، رئيس حزب «إنجاز»، باقر الزبيدي، في إيضاحٍ له: «بدأت أزمة المياه تؤرق العراقيين على اختلاف حاجتهم للمياه بسبب قلة الأمطار في هذا الموسم وقلة الاطلاقات التركية من المياه المشتركة».
ورأى أن «مشكلتنا في العراق، حيث عالجتها دول الجوار كالأردن وسوريا ولبنان قبل عقود، عدم وجود ثقافة حفر الآبار الارتوازية التي تستخدم لتعويض المياه القادمة من أعناق الأنهار»، موضحاً: «لدينا سدود مهمة لكن هذه السدود موجودة في غرب العراق والشمال، كسد دوكان وسد حديثة وسد الموصل والثرثار، وهنالك سدات لخزن المياه الفائضة كسدة الكوت والهندية».
ومضى يقول: «لكن الجنوب والوسط يعاني من قلة المياه لكون غالبية السدود الغربية والشمالية تستهلك حصصها المخزونة لصالح مشاريعها التنموية».
وشدد على أهمية توفّر «خطّط استراتيجية خاصة بوزارة الموارد المائية، وضرورة تنفيذ هذه الخطط فوراً لتلافي أزمة قد تقودنا إلى جفاف شامل، حتى يمر المار على دجلة والفرات ويقول هنا كانت الزوراء!».
وأشار إلى أن «العراق يتمتع بمخزون مائي يضاهي مخزونه النفطي يكفي لفترات طويلة»، لافتاً إلى أن «آخر برميل من النفط وما يماثله من الماء في العالم يقيم في العراق»، حسب زعمه.
وسبق لرئيس الجمهورية، برهم صالح، أن حذّر من فقدان خصوبة الأراضي الزراعية بسبب التملح، فيما دعا إلى تفعيل مبادرة إنعاش بلاد الرافدين التي طُرحت العام الماضي.
وذكر في «تغريدة» عبر «تويتر» أن «جفاف بحيرة ساوة، لؤلؤة الجنوب في السماوة، أمر مؤسف وتذكير قاس بخطر التغير المناخي الذي يشكّل تهديدا وجوديا لمستقبلنا في العراق والمنطقة والعالم، لذا يجب أن يصبح التصدي لتغير المناخ أولوية وطنية للعراق».
وأضاف أن «عدد سكان العراق اليوم أكثر من 41 مليونا، وسيكون 52 مليونا بعد عشر سنوات، سيترافق مع زيادة الطلب على المياه. التصحر يؤثر على 39 ٪ من أراضينا وشحة المياه تؤثر الآن سلبا على كل أنحاء بلدنا وسيؤدي إلى فقدان خصوبة الأراضي الزراعية بسبب التملح».
وأشار إلى أن «العراق في المرتبة الخامسة من أكثر البلدان هشاشة عالميا لجهة نقص المياه والغذاء ودرجات الحرارة القصوى»، مرجّحاً أن «يصل عجزنا المائي إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035 حسب دراسات وزارة الموارد المائية بسبب تراجع مناسيب دجلة والفرات والتبخر في مياه السدود وعدم تحديث طرق الري».
ولفت إلى أن «مبادرة إنعاش بلاد الرافدين التي طرحناها العام الماضي وتمت الموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء، يجب تفعيلها وتطويرها كإطار استراتيجي لبناء اقتصاد أخضر داعم للموارد النفطية وتفادي الإفلاس في الموارد المائية والجفاف وتداعياته في هجرة القرى والأرياف والأراضي الزراعية».
وأوضح أن «إنعاش بلاد الرافدين هو مشروع للعراق وكل منطقتنا التي تتقاسم التهديد الخطير للتغير المناخي، ويعتمد على برامج استراتيجية تشمل التشجير وتحديث إدارة مياه دجلة والفرات وتوليد الطاقة النظيفة ودمج الخطط البيئية لبلدان المنطقة مع بعضها عبر التضامن المشترك».
على المستوى النيابي، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حاكم الزاملي، زيادة تخصيصات الموارد المائية في الموازنة بما يمكنها من إنجاز المشاريع المتعلقة بالمياه، فيما حذّر من «أزمة غير مسبوقة» قد تواجه العراق خلال صيف 2022.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي للنائب الأول لرئيس مجلس النواب، أن «الزاملي افتتح (مساء أول أمس) مشروع إعادة تطوير سدة الهندية التاريخية، والجسر البديل للسدة في محافظة بابل، بحضور وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني، وبحضور النائب سلام الشمري، والوكلاء وإدارة المحافظة والكادر المتقدم في الوزارة».
وأبدى خلال زيارته بابل، حسب البيان «أسفه لسياسات الحكومات المتعاقبة التي لم تكن قادرة على حسم ملف تنظيم المياه مع دول الجوار، وأهملته طيلة السنوات السابقة، فضلا عن عدم إنجاز أي مشروع استراتيجي خاص بالمياه من إنشاء السدود، النواظم، الجداول، حفر الآبار، المحطات، كري الأنهر، وغيرها من المشاريع التي من شأنها إبعاد الأخطار المحتملة او المؤكدة على العراق، رغم امتلاكها الموازنات الانفجارية في ذلك الوقت».
وحذر الزاملي من «مخاطر أزمة شح مياه غير مسبوقة في البلاد خلال موسم الصيف الحالي، نتيجة عدم وجود الخزين المائي الكافي»، مؤكدا «زيادة تخصيصات وزارة الموارد المائية في مشروع قانون الموازنة، بما يمكنها من إنجاز المشاريع الاستراتيجية المهمة المتعلقة بالمياه»، معتبراً أن «ملف المياه والمسائل المتعلقة به، يعدّ أولوية للدورة النيابية الحالية والبرنامج الحكومي المقبل سيما مع وجود الوفرة المالية».
وأشار البيان إلى أن «وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني ثمن الدعم المباشر للزاملي ومجلس النواب والحرص على إعادة أحياء المنشآت المهمة التي تعد محط أنظار العراقيين»، حيث قال الحمداني وفق البيان إن «المكان الذي تم افتتاحه اليوم في الهندية، سيتحول إلى متنفس وواحة خضراء للناس وسيخدم أبناء محافظة بابل كافة».
وفي إقليم كردستان العراق، أصدرت وزارة الزراعة، جملة من القرارات والتوصيات لمواجهة جفاف هذا العام، بسبب قلة كميات الأمطار للموسم الحالي، بينها التنسيق مع الحكومة الاتحادية لتقليل آثار الجفاف، والمطالبة بفتح الصوامع أمام محصول قمح كردستان.
وأشار بيان للوزارة صدر عقب اجتماع المجلس الوزاري بحضور الوزيرة بيكرد طالباني، إلى أنه «تقرر إنشاء غرفة طوارئ لدراسة مشاكل الجفاف، وإعداد خطة لمكافحة الجفاف، ومن ثم توجيه الخطة إلى رئاسة مجلس الوزراء لتوفير الميزانية اللازمة لحل ومواجهة الظاهرة والحد من أثر الأضرار على المزارعين».
كما قرر المجلس وفق البيان «الاتصال بوزارتي الزراعة والموارد المائية الاتحاديتين في أقرب وقت ممكن، من أجل التعاون في طرح خطة مواجهة الجفاف لبناء مشاريع الري والسدود في إقليم كردستان، إضافة إلى مطالبة وزارة التجارة الاتحادية بفتح أبواب الصوامع أمام مزارعي الإقليم في أقرب وقت ممكن لاستلام القمح المنتج هذا العام».
وطالبت زراعة الإقليم حسب البيان «بتوفير ميزانية طارئة للجفاف لتوفير الإمدادات الحيوانية، وإصلاح مشاريع الري وبناء برك لمياه الأمطار من حكومة الإقليم»، فضلا عن «إنزال الصلاحيات للمديرية العامة للزراعة بالمحافظات وإدارة كرميان لغرض تسهيل جلب العلف الحيواني والدواجن والأسماك».

Exit mobile version