في كلمته بإفطار الأسرة المصرية الذي يقام سنويا بمعرفة رئاسة الجمهورية كل رمضان، قال المشير عبد الفتاح السيسي إنني وقفت مع الرئيس مرسي- الله يرحمه- لأقف مع البلد.. ولو كنت تآمرت عليه لتآمرت على البلد! وهو ما جعل كثيراً من المراقبين يتساءلون: ولماذا أنهى حكمه بالقوة المسلحة، وحاكمه بطريقة مهينة، ووضعه في ظروف قاسية انتهت به إلى الموت قهراً، بل إنه لم يسمح للناس بتشييع جنازته أو دفنه في قريته بجوار أمه كما أوصى؟ لقد بدا السيسي أنه هو الذي عين الدكتور مرسي رئيساً لمصر!
وقد ألقى بتبعة الفشل العظيم الذي غرقت فيه مصر على ثورة يناير حيث قال: “أود أن أؤكد مرة أخرى أن آثار الأزمات لا تسقط بالتقادم، بمعنى أن ما تعرضت له مصر بعد أحداث 2011 أدت إلى ما نمر به الآن من مصاعب.. وأود أن يعرف الشعب المصري أسباب الأزمة التي تعرضت لها مصر والتي تعد الأكبر في تاريخها الحديث” متناسياً وعوده حين طالب الشعب بالصبر ستة أشهر ثم سنتين، ثم.. ولم يتحقق أي تقدم! وأيضاً وعوده بأن في 30 يونيو 2020م مصر ستنقل نقلة أخرى.
كان السيسي قد أعلن عن حوار شامل لمعاجة الاحتقان الذي تعانيه البلاد منذ 30 يونيو 2013م، ويؤذن بمتاعب اقتصادية وسياسية خطيرة، بعد تعثر الاقتصاد، وازدياد الديون بطريقة غير مسبوقة، وارتفاع الأسعار، وتعرض البلاد لأزمات في توفير القمح والمواد الغذائية، وانهيار العملة المحلية، فضلاً عن القمع والتصفيات.
وقد بدت علامات الحوار القادم تشير إلى أنه غير جاد وغير حقيقي، أو بتعبير بعض الجمهور مجرد “فنكوش”، لامتصاص غضب الشعب والانتقادات الدولية. ففي الوقت الذي تروج فيه أجهزة الإعلام للحوار، وتتسابق أحزاب السلطة للتبشير بمستقبل وردي للحوار المنتظر، وتمدح خطوة الإفراج عن 41 يسارياً، تقوم الأجهزة الأمنية باعتقال سيدتين إحداهما تعاني من شلل الأطفال وهي صفاء الكوربيجي وأخرى هي هالة فهمي، وتقضي النيابة بحبسهما خمسة عشر يوماً بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة، وكل ما اقترفته السيدتان أنهما ظهرتا على الشات ينتقدان الغلاء والفساد.
كما قرر النظام من خلال محاكمة إدراج عدد من أصحاب الرأي تجاوزوا العشرين شخصاً على قائمة الكيانات الإرهابية، ومعهم جماعة الإخوان المسلمين، وشركة أسباير برودكشن، وشركة دلتا التعمير للاستثمار العقاري، لمدة 5 سنوات اعتباراً من أمس 27 أبريل 2022م.
وبينما يعاني الشعب من الغلاء وضعف المرتبات، ويهرب الأطباء وخاصة الشبان إلى الخارج بسبب قلة أجورهم، يمنح النظام الضباط والمخابرات علاوة قدرها ثمانية مليارات جنيه! وربع هذا المبلغ يحل مشكلة الأطباء.
وكان من علامات “الفنكوش” أن يحضر حفل إفطار الأسرة المصرية أقطاب معارضة الديمقراطية، وعلى رأسهم حمدين صباحي رجل كل الأنظمة، والشيوعي خالد داود الذي خرج من سجن السيسي بعد عامين، والمحامي اليساري خالد على الذي يترافع عن اليساريين عادة، ومخرج الفوتو شوب الشهير خالد يوسف، المتهم بتهم أخلاقية.
لم يتحدث السيسي في الإفطار عن عشرات الألوف من أبناء الحركة الإسلامية الأبرياء الذين سجنهم منذ تسع سنوات، ولم يشر إلى رفع القيود عن حرية التعبير، ولا مشاركة القوى الفاعلة في الحوار الموعود!
وتمخض الإفطار عن قرار الرئيس بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، وضم عضوين إضافيين إليها من بينهما اليساري المعروف كمال أبو عيطة، لتتلقى كل الطلبات من الأحزاب والهيئات والمؤسسات التابعة للمجتمع المدني والبرلمان.