مصر.. السلطة تدعو إلى حوار سياسي شامل والناشطون يشككون.. والاقتصاد يتدحرج إلى أسفل!

 

في لقائه مع عدد من الصحفيين والإعلاميين الخميس الماضي أعلن المشير عبدالفتاح السيسي بمناسبة بداية حصاد القمح في توشكي (جنوب مصر)، أن هناك “حاجة إلى حوار سياسي؛ يتناسب مع الجمهورية الجديدة”، وأشار أنه كان يعتزم “إطلاق ذلك الأمر بتفاصيل أكثر”، في حفل إفطار الأسرة المصرية الذي اعتادت رئاسة الجمهورية تنظيمه في شهر رمضان، وقد أثارت الدعوة تساؤلات لدى المراقبين حول توقيت الدعوة ودلالاتها والأهداف منها.

وذكر رئيس الدولة أن “التحديات في مصر أكبر من أي حكومة، ونعمل على خطة نسهم فيها جميعاً”، مشدداً على “ضرورة الحفاظ على الوطن بوصفه المظلة التي تحمي المصريين”، قائلاً إن “حرية الرأي والاعتقاد مصانة، ولن أختلف معك في أفكارك.. فكر مثلما شئت واعتنق ما شئت، لكن يجب أن تكون المظلة التي تحمينا جميعاً هي أن نحافظ على بلدنا”.

وقد رحب صحفيو النظام وإعلاميوه بالدعوة، وأشادوا بها وباركوها، وعدوها «تطوراً مهما للغاية»، و«مؤشراً سياسياً مهما». وقال أحدهم إن «الإنجاز الاقتصادي والاجتماعي على الأرض تحميه بنية سياسية قوية قائمة على المشاركة، وهو أمر موجود من خلال القائمة المشتركة في مجلسي (الشيوخ والنواب) اللذين يضمان أحزاباً من مختلف التوجهات!».

وتأتي الدعوة في وقت لمح فيه إعلاميو النظام إلى أن هناك تعويماً ثالثاً للجنيه المصري، وقد تصل قيمته أمام الدولار إلى 22 جنيها، في ظل تزايد الديون وحمى الاقتراض من أجل تسديدها، حيث بلغت الديون الخارجية إلى 145,6 مليار دولار، وغلاء الأسعار بصورة فاحشة، وضعف الموارد من العملات الأجنبية بعد انهيار السياحة، وعدم وصول سياح روسيا وأوكرانيا الذين يمثلون النسبة الأكبر للسياح لمصر، وضآلة التصدير، كما دفع الهجوم الروسي على أوكرانيا المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من سوق السندات المصرية.

وكانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، قد أعلنت أن “الظروف المحيطة بالاقتصاد المصري تتجه للأسوأ”.

وإذا كانت هناك أصوات خافتة تحذر من استمرار الاقتراض، وانفاق القروض في المشروعات غير المنتجة، فإن آخرين من أنصار النظام، يرون أن الاقتراض مع ضخامته مازال في المنطقة الآمنة، ولا خوف منه، ولكن الناشطين وخاصة من يعيشون في الخارج يرون أن الخطر قادم لا محالة إذا استمر تدهور الاقتصاد على النحو الحالي، وشككوا في جدية الحوار الذي يدعو إليه النظام إذ يرونه مجرد تغطية لفشل سياسي كبير، وأنه سيكون بين القوى والأحزاب الورقية التي تعمل تحت مظلة الحكم، مع استبعاد القوى السياسية الفاعلة، وقال الصحفي جمال سلطان على صفحته:

النظام الذي فرغّ الوطن من قواه السياسية الحية، واعتقل كل من قال: لا، وشرّد كل من انتقده، وصادر أية وسيلة إعلامية تعارضه، وزوّر البرلمان ليأتي بمسوخ تحركها مخابراته، كيف نتوقع منه حواراً سياسياً، ومع من سيدير حواراً سياسياً، ومن يجرؤ تحت رعب سلاحه وسجونه أن يحاوره سياسياً؟!

وأضاف: جميع التصريحات التي صدرت عن السيسي خلال الأشهر الأخيرة، هي إعلان رسمي صريح بالفشل والعجز عن إنقاذ الدولة ومساعدة الشعب، وآخرها الاعتراف العلني بأن التحديات أكبر من الرئيس، مع كل محاولاته لتحميل المسؤولية للآخرين.

والسؤال: كيف سيكون هذا الحوار؟ ومع من؟  في ظل الاعتقالات التي لم تتوقف، والمحاكمات المستمرة حتى على السخرية التي اشتهر بها المصريون، وأحدثها القبض على مجموعة البوابين الذين صنعوا فيديو في إحدى أمسياتهم يسخرون فيه من ارتفاع الأسعار وضيق الأحوال، وتقديمهم للمحاكمة بدعوى نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة!

  

Exit mobile version