أحكام الصيام.. سؤال وجواب (21)

الوقوع في جريمة الزنا في نهار رمضان

ما كفارة من وقعت في جريمة الزنا في نهار رمضان؟

الحمد لله وبعد، ينبغي لمن تعاطى الزنا – والعياذ بالله – في رمضان أو غيره أن يستتر بستر الله عليه وألاّ يفشي سره لأحد مع الاجتهاد الحثيث التام في التوبة والاستغفار وأن يكثر من الانطراح بين يدي الله تعالى طالباً العفو والصفح الجميل كما يُشرع ويتأكد في حقه خاصة الإكثار من العمل الصالح ونوافل العبادات قال الله تعالى: “إن الحسنات يذهبن السيئات” هود 114، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “وأتبع السيئة الحسنة تمحها”([1]

ولا ريب أن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب بل من أكبر الكبائر كما ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال رجل: يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: “أن تدعو لله نداً وهو خلقك”، قال: ثم أيّ، قال: “أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك”، قال: ثم أي؟ قال: “أن تزاني حليلة جارك”([2])، وفي حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن..” ([3])  

ولذا افترض الله الحد الشرعي المغلظ على من وقع في الزنا وهو محصن ألا وهو الرجم بالحجارة حتى الموت وفرض الجلد مئة جلدة وتغريب عام على من تعاطى الزنا وهو بكر من الذكور والإناث على خلاف في هذه المسألة ليس هذا مكان بحثه، والحاصل أن من ابتلي بهذا الفعل الشنيع سيما في الزمن الشريف كرمضان ونحوه فعليه أن يجتهد بالتوبة النصوح وشروط التوبة: الإخلاص والندم على الماضي مما فعلت ندمًا صادقًا، والإقلاع من الذنوب، ورفضها وتركها مستقبلًا طاعة لله وتعظيمًا له، والعزم الصادق ألا تعود في تلك الذنوب، هذه أمور لا بد منها، وأن تكون في زمن الإمهال أي قبل الغرغرة وهي وصول الروح إلى الحلقوم وهذا في حق آحاد الناس أما عمومهم فله وقت آخر وهو طلوع الشمس من مغربها كما هي دلالة القرآن وسُنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والله نسأل أن يحفظنا والمسلمين كافة من مجاوزة حدوده أو تعاطي أسباب غضبه إنه جواد كريم، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه([4]).

‌‌الإفطار قبل الأذان وبعد الغروب

بعض الإخوة يفطرون في رمضان بعد غياب قرص الشمس وذهاب ضوئها عن الجبال العالية، فهل هذا جائز؟ مع العلم أن أذان المغرب يتأخر أكثر من عشر دقائق عن هذا الوقت الذي يفطرون فيه، وحجتهم أن من السنة الإسراع بالإفطار، وأن المؤذنين لا يراعون مغيب الشمس، إنما يؤذنون حسب التوقيت الفلكي المكتوب في المفكرات.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: إذا كان إفطارهم بعد غياب الشمس فصيامهم صحيح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلِ مِنْ هاَهُنَا، وأَدْبَرَ النَّهَارُ مِن هاَهُنَا، وغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ”([5])، ولا يحسن الخلاف في مثل هذا، وإنما الأحسن التأكد من غروب الشمس، ويكون الفطر في العموم لا لبعض الناس دون بعض، فالخلاف شر، والاتفاق على الحق رحمة وسعادة. والله أعلم ([6])

‌‌ صوم الحامل للنذر، فهل تصوم وهي حامل؟

زوجتي نذرت أن تصوم شهراً كاملاً إذا تحقق أمر ما، ولما تحقق صامت أسبوعاً، ولكني منعتها من الصيام؛ لأنها حامل، فماذا يجب عليها؟

أولاً: ينظر إن كانت نذرت شهراً وأطلقت، أي: لم تنوِ التتابع، فيجزؤها أن تصوم ثلاثين يوماً ولو متفرقة، وإن كانت نوت صوم شهر متتابعاً فلا بد أن تستأنف من جديد، وتصوم شهراً كاملاً متتابعاً، وهي مخيّرة بين أن تصوم ثلاثين يوماً متتابعة، وبين أن تصوم بحسب الهلال، ولا يجزؤها أن تصوم شهر رمضان عن نذرها، والله أعلم ([7])

 

[1]– رواه أحمد (21354) والترمذي (1987) والدارمي (2833)

[2] – رواه مسلم (86)

[3] – رواه البخاري – 6810، ومسلم – 57   

[4] – أجاب على هذا السؤال الدكتور. رياض بن محمد المسيميري

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

[5] – متفق عليه – صحيح البخاري (1954)، وصحيح مسلم (1100)

[6] – الإجابة للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله العجلان – المدرس بالحرم المكي

[7] – الإجابة للدكتور. حمد بن إبراهيم الحيدري – عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

Exit mobile version