أحكام الصيام.. سؤال وجواب(*) (18)

 

بلع الصائم البلغم والنخامة

ما حكم بلع البلغم أو النخامة للصائم؟

– البلغم، أو النخامة إذا لم تصل إلى الفم فإنها لا تفطر قولاً واحداً في المذهب، فإن وصلت إلى الفم ثم ابتلعها ففيها قولان لأهل العلم: منهم من قال: إنها تفطر، إلحاقاً لها بالأكل والشرب، ومنهم من قال: لا تفطر، إلحاقاً لها بالريق، فإن الريق لا يبطل به الصوم حتى لو جمع ريقه وبلعه فإن صومه لا يفسد، وإذا اختلف العلماء فالمرجع الكتاب والسُّنة، وإذا شككنا في هذا الأمر هل يفسد العبادة أو لا يفسدها؟ فالأصل عدم الإفساد وبناء على ذلك يكون بلع النخامة لا يفطر، والمهم أن يدع الإنسان النخامة ولا يحاول أن يجذبها إلى فمه من أسفل حلقه، ولكن إذا خرجت إلى الفم فليخرجها سواء كان صائماً أم غير صائم، أما التفطير فيحتاج إلى دليل يكون حجة للإنسان أمام الله عز وجل في إفساد الصوم.

آداب الصيام

ما الآداب التي يجب أن يتأدب بها الصائم؟

– من آداب الصيام لزوم تقوى الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”(1).

ومن آداب الصوم أن يكثر من الصدقة، والبر، والإحسان إلى الناس، لاسيما في رمضان فلقد “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن”(2)، ومنها أن يتجنب ما حرم الله عليه من الكذب، والسب، والشتم، والغش، والخيانة، والنظر المحرم، والاستماع إلى الشيء المحرم، وغير ذلك من المحرمات التي يجب على الصائم وغيره أن يتجنبها، ولكنها في حق الصائم أوكد، ومنها- أي من آداب الصيام – أن يتسحر، وأن يؤخر السحور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “تسحروا فإن في السحور بركه”(3)، ومن آدابه أيضاً أن يفطر على رطب، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد فعلى ماء، وأن يبادر بالفطر من حين أن يتحقق غروب الشمس، أو يغلب على ظنه أنها غربت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر..”(4).  

الدعاء عند الإفطار

هل هناك دعاء مأثور عند الإفطار؟ وهل يتابع الصائم المؤذن أم يستمر في فطره؟

– إن الدعاء عند الإفطار موطن إجابة للدعاء، لأنه في آخر العبادة، ولأن الإنسان أشد ما يكون غالباً من ضعف النفس عند إفطاره، وكلما كان الإنسان أضعف نفساً، وأرق قلباً كان أقرب إلى الإنابة والإخبات لله عز وجل، والدعاء المأثور: “اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت”، ومنه أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم حين أفطر قال: “ذهب الظمأ، وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله”(5)، وهذان الحديثان وإن كان فيهما ضعف لكن بعض أهل العلم حسنهما، وعلى كل حال فإذا دعوت بذلك، أو دعوت بغيره مما يخطر على قلبك عند الإفطار فإنه موطن إجابة، وأما إجابة المؤذن والإنسان يفطر فهي مشروعة، لأن قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول”(6)، يشمل كل حال من الأحوال، إلا ما دل على استثنائه.

صيام الست من شوال

ما رأيكم في صيام الست من شوال لمن عليه قضاء؟

– الجواب على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان، ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر”(7)، وإذا كان على الإنسان قضاء، وصام الست فهل صامها قبل رمضان أو بعد رمضان؟ مثال: هذا رجل صام من رمضان أربعة وعشرين يوماً، وبقي عليه ستة أيام، فإذا صام الست من شوال قبل أن يصوم ستة القضاء فلا يقال: إنه صام رمضان، ثم أتبعه ستّاً من شوال، لأنه لا يقال صام رمضان إلا إذا أكمله، وعلى هذا فلا يثبت أجر صيام ستة أيام من شوال لمن صامها وعليه قضاء من رمضان، وقد سُئِل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجوز للمرأة أن تصوم ستًا من شوال قبل أن تقضي الأيام التي أفطرتها في رمضان لعذر شرعي مثلًا؟ فأجاب: اختلف العلماء في هذه المسألة منهم من أجاز أن تصوم الست قبل قضاء الواجب، ومنهم من لم يجز ذلك، والأحوط للمؤمن والمؤمنة أن يبدأ بقضاء الذي عليه قبل صيام الست، هذا هو الأحوط، وهذا هو الذي ينبغي؛ لأن الواجب أهم من النافلة، فالتي عليها قضاء تبدأ بالقضاء، ثم تصوم إن تيسر لها ذلك، وإلا فالقضاء أهم، وهكذا الرجل الذي عليه قضاء بسبب مرض، أو سفر يبدأ بالقضاء.

 

 

 

 

__________________________________  

(*) بتصرف من كتاب “فتاوى أركان الإسلام” – سماحة الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين – ت 1421هـ – جمع وترتيب: فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان – الطبعة الأولى 1424هـ.

(1) أخرجه البخاري (1903)، وأبو داود (2362)، والترمذي (707) واللفظ له.

(2) أخرجه البخاري: كتاب الصوم باب أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في رمضان (1902).

(3) أخرجه البخاري: كتاب الصوم/ باب بركة السحور (1932) ومسلم: كتاب الصيام/ باب فضل السحور (1095).

(4) أخرجه البخاري: كتاب الصوم/ باب تعجيل الإفطار (1957). ومسلم: كتاب الصيام/ باب فضل السحور (1098).

(5) أخرجه أبو داود: كتاب الصيام/ باب القول عند الإفطار (2357)

(6) أخرجه البخاري: كتاب الأذان – باب ما يقول إذا سمع المنادي (611) ومسلم: كتاب الصلاة/ باب استحباب القول مثل قول المؤذن (384).

(7) أخرجه مسلم: كتاب الصيام – باب استحباب صوم ستة أيام من شوال (1164).

Exit mobile version