التصعيد في الضفة الغربية.. هل يقود للمواجهة الشاملة؟

ءيتفق خبراء ومحللون سياسيون على أن التصعيد الحالي للعدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، يهدف لترميم صورة المنظومة الأمنية الإسرائيلية واستعادة قوة الردع التي خسرتها عقب سلسلة العمليات النوعية في العمق الإسرائيلي.

المحلل السياسي بلال الشوبكي يرى أن من المبكر الحديث عن مآلات التصعيد الحالي قبل نهاية شهر رمضان ومعرفة تطورات الأيام المقبلة.

ويقول الشوبكي إن التصعيد الحالي يهدف لقمع الفلسطينيين من جهة، ولإرضاء اليمين والشارع الإسرائيلي المتعطش لرؤية الدماء الفلسطينية كمؤشر على استقرار منظومة الأمن الإسرائيلي.

ويبين أن الاحتلال لديه توجه لتضخيم المعاناة الفلسطينية والإثخان بعدد الضحايا لإقناع الشارع الإسرائيلي أن المؤسسة الأمنية والعسكرية تقوم بدورها.

لكن هذا لا يعني أن الاحتلال معنيّ بالتصعيد بما يحوّل المواجهة إلى مواجهة شعبية.

ويوضح: “الاحتلال معني بإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف الفلسطينيين لتكون قوة رادعة عن القيام بأي عمل مقاوم”.

ويشير المحلل السياسي إلى أن “إسرائيل تريد تصعيدا تحت السيطرة من حيث الزمان والمكان، بحيث تختار ساحة المواجهة ووقت البداية والنهاية، ولا تريد لها أن تمتد بما يهدد بخروجها عن نطاق سيطرتها”.

ويتوقع أن تدفع القوى الدولية بكل ثقلها لضبط الوضع بما لا يؤدي إلى الانفجار وانهيار المنظومة الأمنية في الضفة الغربية المحتلة وهدم ما تم إنجازه بالسنوات الماضية من وجهة نظر دولية.

وبشأن فرص تصاعد الأحداث وصولًا إلى انتفاضة شاملة، يعتقد الشوبكي أن هذا مستبعد قياسًا بتجارب الانتفاضات السابقة.

ويقول: “نحن أمام مرحلة جديدة لا يمكن للشارع فيها الدخول بعملية مقاومة شعبية مستمرة على مدار 24 ساعة ولفترة طويلة، وإنما يمكن له أن يعبر عن رفضه للواقع القائم من خلال موجات ضمن انتفاضة واسعة”.

وهذه الموجات قد تكون على شكل هبات جماهيرية في مناطق الاحتكاك أو عمليات فردية، لكن لن تكون لفترات طويلة إلا إذا تم تبنيها من الفصائل.

ويشير إلى أنه “إذا لم تندفع حركة فتح وأبناؤها لتجاوز موقف قيادتها التي تحضع ساحة الضفة لسيطرتها، فإن هذا سيحد من إمكانية استمرار هذه الموجة”.

دخول غزة ليس بصالح الضفة

ويقول المحلل السياسي “إن انتفاضة الشارع الفلسطيني قائمة فعليا لكن بِسِمات مختلفة، وتسير بعملية تبادل لمراكز الثقل بين المناطق الفلسطينية، ففي 2021 كان الثقل للقدس والداخل، وما يجري الآن هو موجة جديدة استكمال لموجة 2021 وما سبقها”.

ويرى أن دخول فصائل المقاومة في قطاع غزة على الخط في الوقت الحالي لن يكون في صالح الضفة الغربية أو غزة.

ويبين الشوبكي أن من مصلحة الاحتلال جرّ الفصائل في غزة إلى المواجهة، إذ يستطيع أن يتعامل معها من خلال ضربات عن بُعد.

ولفت إلى أن قوة الضفة لا تكمن في السلاح، وإنما بالقدرة على الإخلال بمنظومة الأمن على مستوى الحياة اليومية للمستوطن الذي يقطن الضفة الغربية وشل حركة العمال والتجارة.

ويشير إلى أن الشارع الفلسطيني بالضفة يتطلع إلى تغيير الوضع القائم، وبهذا الحال ليس من مصلحته أن تدخل فصائل غزة لأنها ستحرف الأنظار إلى ملعب آخر.

المحلل المختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان يرى أن التصعيد سيستمر لفترة من الوقت وسيتوقف لوحده دون أي تدخل.

ويرجح أبو علان أن تأخذ هذه الموجة مداها بنهاية الأعياد اليهودية وتتوقف لوحدها.

ويستبعد تحول هذه الجولة إلى انتفاضة شاملة، مضيفًا: “أي حراك ضد الاحتلال مهما كان شكله لن يذهب بعيداً، وسيبقى حراكاً فردياً أو شعبياً محدوداً”.

ويقول: “رغم اتساع دائرة العدوان الإسرائيلي، فإن المقاومة بالضفة لن تذهب بعيدا لأن أي حراك أو انتفاضة يحتاج إلى إطار منظم لقيادته لكي يبقى قابلا للحياة ويستمر”.

ويبين أبو علان أن الانتفاضة الأولى استمرت عدة سنوات بفضل وجود قيادة وطنية موحدة، وفي الانتفاضة الثانية شاركت معظم فصائل المقاومة وكانت عملياتها منظمة فاستمرت فترة طويلة كبدت الاحتلال ثمنا باهظاً.

“العمليات هزت إسرائيل”

وأشار إلى أن الحراكات الشعبية الحالية بالضفة تأتي كرد فعل على اقتحامات الاحتلال لمناطق بعينها، وليس بمبادرة ذاتية كما هو الحال في بعض المناطق كبيتا وكفر قدوم.

كما أن رؤية قيادة السلطة تقوم على أن أي حل سياسي يجب أن يتم عبر المفاوضات، وهذه لا تتوافق مع ما يجري على الأرض حاليا من تصعيد.

ويلفت إلى أن القيادة السياسية لا تحاول استغلال هذه الأحداث لصالح القضية، بل أن الرئيس محمود عباس أدان عمليات المقاومة.

ويؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تسعى إلى عدم تصاعد الأمور، ولهذا فإنها تقدم تسهيلات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

لكنه يرى أن التصعيد الحالي يحمل رسائل يوجهها الاحتلال بالدم الفلسطيني للداخل الإسرائيلي، وتحاول المؤسسة العسكرية باستخدام الدم الفلسطيني ترميم صورتها التي تضررت.

ويوضح أن هذه المؤسسة بكل مكوناتها تعرضت لضربات قوية تسببت بخروج أصوات تطالب بإجراء تحقيق عميق بأدائها، خاصة بعد وقوع 4 عمليات بأسبوعين قتل فيها 14 إسرائيليا وجرح العشرات دون منع وقوعها.

ويختم أبو علان: “إسرائيل لا تشعر بأي ضغط خارجي لوقف تصعيدها ووقف عدوانها، بل الدول العربية والسلطة وتركيا أدانت عمليات المقاومة، لكن لم يسمع منها إدانات لجرائم الاحتلال”.

 

Exit mobile version