“رئاسيات” فرنسا.. الغموض سيد الموقف عشية الانتخابات

 

تفتح مراكز الاقتراع الفرنسية أبوابها غداً الأحد لاختيار رئيس للبلاد، ولا يزال الغموض سيد الموقف عشية الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، حيث بات المرشحون ملزمين بعدم الإدلاء بأي تصريحات علنية حتى صدور نتائج الاقتراع الذي تبدو المنافسة محمومة فيه بين الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن.

وتفيد استطلاعات الرأي بأن ماكرون، ولوبن اللذين سبق أن تواجها في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2017، هما الأوفر حظاً للتأهل مجدداً، مع أن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون يستفيد أيضاً كما لوبن، من موجة تأييد جديدة.

وفي حال تكرار سيناريو العام 2017، أظهرت 5 استطلاعات للرأي فوز ماكرون في 24 أبريل بفارق ضئيل مع نتائج ترجح نيله نسبة أصوات تراوح بين 51 و54%، كما أوردت “وكالة الأنباء الفرنسية”.

وتبدو فرص المرشحين العشرة الآخرين محدودة جداً، إلا أن عدم اليقين يتواصل، إذ يؤكد الخبير السياسي باسكال بيرينو أن «هذا الاقتراع هو الأول الذي تبلغ فيه نسبة الأشخاص المترددين أو الذين غيروا موقفهم هذا المستوى مع 50% تقريباً».

ولا يزال الغموض يلف نسبة المقاطعة لهذا الاقتراع الذي ستكون نتائجه موضع ترقب كبير في أوروبا وخارجها، وفق ما ذكرت “وكالة الأنباء الفرنسية”.

ويخشى الكثير من الخبراء السياسيين أن يتخطى مستوى المقاطعة في الدورة الأولى النسبة القياسية المسجلة العام 2002 ونسبتها 28.4%؛ أي أن تكون أعلى بكثير من النسبة المسجلة العام 2017 والبالغة 22.2%.

أثرت الحرب في أوكرانيا على الحملة التي انطلقت من دون حماسة، لكنها انتعشت بعض الشيء في الأيام الأخيرة مع بروز فرضية احتمال فوز مارين لوبن التي ستكون أول امرأة وممثل لليمين المتطرف تصل إلى الرئاسة في حال فوزها.

وفي تقرير لها مؤخراً، قالت صحيفة “نيويورك تايمز”: إن هيمنة موضوع الهجرة على حملات كافة المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية أدى إلى مغادرة العديد من مسلمي فرنسا إلى الخارج، هرباً من “العنصرية” وفق ما تقول الصحيفة، التي جمعت عدة مواقف لمسلمين فرنسيين غادروا بلادهم للعيش في المنفى.

وأضافت الصحيفة أن الحديث عن “الهوية الوطنية” منذ سنين جعل بعض المرشحين يركزون بشكل مفرط على الهجرة، وهو ما يشهد على وجود أزمة عميقة في فرنسا على حد قولها، وعنونت الصحيفة مقالها “رحيل في الخفاء لمسلمي فرنسا”، ونقلت روايات العديد من مسلمي فرنسا لأسباب مغادرتهم لهذا البلد، رغم أنهم ولدوا وترعرعوا فيه.

صوت المهاجرين

ووفقاً للإحصائيات، فإن عدد سكان فرنسا من أصول مهاجرة يصل إلى حوالي 11.8 مليون نسمة، وهم يشكلون نسبة 19% من إجمالي السكان في فرنسا، في حين تشير الإحصاءات إلى أن نسبة السكان المسلمين في فرنسا قد تصل إلى 10% من عدد السكان.

وتمثل أصوات المهاجرين بمن فيهم المسلمون طوال الوقت عاملاً مهماً في الانتخابات الفرنسية، خاصة في ظل ما تشير إليه التقارير، من أن الأقليات المهاجرة في فرنسا، عادة ما تعزف عن الإدلاء بأصواتها في أي انتخابات، بفعل ما يعتبره البعض رد فعل على إحساسها بالتهميش من قبل المؤسسة الفرنسية.

وكانت تساؤلات كثيرة قد ترددت قبيل الانتخابات الرئاسية، المزمعة في العاشر من أبريل الجاري، حول ما إذا كانت القاعدة الانتخابية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد اهتزت هذه المرة، في ظل ما يقال عن احتمالات بعزوف الناخبين من مسلمي فرنسا عن منحه أصواتهم.

وكان العديد من أبناء الجالية العربية والإسلامية في فرنسا، قد منحوا أصواتهم لإيمانويل ماكرون، في الانتخابات التي أوصلته إلى الإليزيه عام 2017، ويذكر أن ماكرون كان قد قال أمام حشد من المؤيدين المتحمسين له في باريس، بعد وقت قصير من فوزه في الجولة الأولى من التصويت في الانتخابات الرئاسية 2017: “أريد أن أكون رئيساً لكل شعب فرنسا، رئيساً لجميع الناس الذين يتعاملون مع تهديد القومية”، وفق ما ذكر موقع “بي بي سي”.

غير أنه وبعد أن فاز وأصبح أصغر رئيس في تاريخ فرنسا، فإنه انتهج نهجاً مختلفاً على مدار العامين الماضيين، إذ طور برنامجاً حمله رؤيته لاقتلاع ما أسامه بجذور “النزعة الانفصالية الإسلامية”، وغرس القيم الجمهورية، مما أثار غضب الجالية المسلمة في فرنسا، التي اتهمته بانتهاج نهج إقصائي للمسلمين، والسعي لترسيخ “إسلام على طريقته الخاصة”.

ويرى كثيرون أن ماكرون وهو سياسي وسطي، قد نحا باتجاه اليمين بصورة كبيرة خلال العامين الماضيين، متبنياً بعض الخطاب اليميني، من أجل الحصول على حصة أكبر من الأصوات، وكان كثير من مسلمي فرنسا قد رأوا في وصفه للإسلام بأنه “دين في أزمة” سعياً للحصول على مكاسب سياسية على حسابهم.

Exit mobile version